ج١ص٢١٤
والإطلاق والتقييد تفاوت ما بينهما قليل، وهو المعروف في المنقولات بخلاف قولهم إذ فيه مع التغيير زيادة الإقرار والعمل، وليس معنى هذه العبارة ما قيل : من أنّ المراد بالتصديق الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، وهو قلما يقبل التغيير بتشكيك مشكك يخلاف القول والعمل لأنه متغير، وغير دائم فإنه تكلف وعدول عن جادّة الطريق. وقوله :( وإنه إلخ ) المراد بالأصل المعنى اللغوي المنقول عنه وفي بعض النسخ فإنه بالفاء على أنه تعليل لما قبله، قيل سر هذا الاختلاف، وترجيح ما ذكر راجع إلى أن المكلف الروج فقط والبدن آلة لها ومركب أو البدن أو مجموعهما، فإن قلنا بالأوّل وهو الأظهر فهو التصديق وان قلنا بغيره يعتبر عمل اللسان والجوارج. قوله :) وهو متعين الإرادة إلخ ) الظاهر أن هذه جملة حالية والواو واو الحال لا عاطفة على ما قبله، كما قيل لما فيه من التعسف وكذا
قوله مع ما فيه أيضاً أي يدلّ على مجرّد التصديق ت ذكر مقرونا بما فيه إلخ والوفاق المذكور بيننا وبين المعتزلة، والقصر إضافي ناظر لإرادة المجموع لا حقيقيّ والتعين بالنسبة إلى ألمعنى الشرفي، فلا يرد عليه ما مرّ من قوله وكلا الوجهين حسن في يؤمنون بالغيب لتعدي وثق بالباء أيضاً، وقد قيل إنه إنما يتم لو تعين أنّ الباء للتعدية وسيجيء أنّ فيها احتمالات أخر مع أنه على التضمين يتعدى بالباء لتقديره بمعترفين بالغيب كما مرّ، وأيضا ظاهر عبارته أنه يراد التصديق على أنه معنى شرقي كما بينا لك، وليس كذلك لقول الإمام أجمعنا على أنّ الإيمان المعدى بالباء يجري على طريقة أصل اللغة أمّا إذا ذكر مطلقا غير معدّي، فقد اتفقوا على أنه منقول عن المسمى اللغوي، وهو التصديق إلى معنى آخر والجواب أنّ التعدية هي الأصل المتبادر، ولذا قدمها المصنف فيما سيأتي فلا يلتفت لما يخالفها، وما ذكر الإمام مخالف للجمهور وليس مما يعوّل عليه فعليك بالتتبع والنظر السديد إن أردت أن تميط لثام الشبه، ومن الناس من قال : إنّ الضمير في قول المصنف، وهو متعين رأحر إلى الأصل فهو عين كلام الإمام وبنى على ما فهمه ما تركه خير من ذكره. قوله :( ثم اختلف في أنّ مجرد التصديق إلخ ) هذا مترتب على أنه التصديق وحده الدال عليه قوله والذي يدلّ إلخ أي اختلف القائلون بأن حقيقته التصديق لا غير هل يكفي ذلك التصديق وحده في كونه مؤمنا، فإنه حقيقته الموضوع لها لفظه أو يثترط له شرط خارج عن مسماه، وهو الإقرار بالنطق بكلمة الشهادة للتمكن منها كما مرّ تحقيقه، وان المعتبر منه حقيقة ذلك أو ما هو في حكمه كإشارة الأخرس وليس الخلاف في الحكم بإيمانه ظاهرا، واجراء أحكام الإسلام بل في كونه كذلك في الآخرة ناجيا من العذاب المخلد كما أنّ المصز على عدم الإقرار مع طلبه بلا مانع منه كافر اتفاقاً كما مرّ، ولم يجزم المصنف رحمه الله باشتراطه إذ قال ولعل إلخ لتعارض الأدلة كما مرّ، وبما ذكر من كون الاختلاف في الشرط الخارج عن ماهيته علم أنه مذهب آخر فلا يصح تفريعه على ما قبله. وقوله :( لا بذ من انضمام الإقرار ) ينافي قوله وحده، والتمكن القدرة يقال مكنته وأمكنته من الأمر، فتمكن واستمكن إذا قدر، والمعاند هو الذي عرفه وصذق به وامتني من الإقرار به، والتشنيع عليه وقع في آيات كثيرة كقوله تعالى :﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ﴾ [ النمل : ١٤ ] والجاهل هو الذي لا يعرف ذلك لقصور. وتقصيره في النظر الصحيح. وقوله :( للإنكار ) أي لكون سكوته عن الإقرار مع تمكنه ومطالبته به دليل الإنكار القلبيّ وعدم التصديق به، فيؤل لما ذكر فتدبر. قوله :( والغيب مصدر وصف به إلخ ) أي أقيم مقام الوصف، وهو غائب للمبالغة بجعله كأنه هو وقيل إنه بمعنى المغيب، فأطلق المصدر وأريد به
المفعول نحو خلق الله ودرهم ضرب الأمير، وردّه أبو حيان في البحر بأنّ الغيب مصدر غاب، وهو لازم فلا يبني منه اسم مفعول وكونه تفسيراً بالمعنى لأنّ الغائب يغيب بنفسه تكلف من غير داع، والشهادة ما يقابل الغيب لأنها ما يحس ويشاهد فهي مثله في المصدرية والوصفية. قوله :( والعرب تسمي المطمئن إلخ ) روي بكسر الهمزة وفتحها فبالكسر اسم فاعل، وبالفتح اسم مكان وهو الوهدة المنخفضة في الأرض، والخمصة بفتح الخاء وسكون الميم وفتح الصاد المهملة وهاء تأنيث تليها النقرة والحفرة، وما يشبهها في ظاهر الجسد