ج١ص٢١٥
أو باطنه، ويقال للجوع أيضاً لانخفاض البطن به كما في قولهم ليس للبطنة خير من خمصة تتبعها، والبطنة هي الامتلاء من الطعام والكلية بالضم ويقال كلي بطنه عند الخاصرة، وقيل تسمية الأرنها مطمئنة مجاز وتذكير اسم الفاعل باعتبار المكان كأنه قيل المكان المطمئن من الأرض والأظهر جعله صفة لبعض كما يشعر به من التبعيضية، وشهادة تسمية الأرض ليست بينة لاحتمال أن يكون فيه فيعلاَ وليس بشيء لأنّ من بيانية وان جاز فيها أن تكون تبعيضية أيضاً، وليس مراده الاستشهاد بل الاستئناس، والإشارة إلى أنه استعمل اسماً جابدا بمعنى قريب مما نحن فيه. قوله :( أو فيعل خفف إلخ ) القيل بفتح القاف وسكون الياء المخففة واحد أقيال وأقوال وهو ملك حمير، ويقال يقول لأنه يقول ما شاء، فينفذ قوله أو هو من دون الملك، وأصله قيل مثدّداً قال أبو حيان : لا ينبغي أن يدعى في قيل وأمثاله ذلك حتى يسمع من العرب مثقلاَ كنظائره من نحو ميت وهين فإنها سمعت مخففة ومثقلة، ويبعد أن يقال التزم تخفيف هذا خاصة مع أنه غير مقيس عند بعض النحاة مطلقاً أو في الثاني وحده، ولا يخفى أنّ قيلاً وان لم يسمع مشذداً إلا أنّ أئمة اللغة صرحوا بأنه أصله كما قاله بعضهم في سيف، وريحان لكن بينهما فرق فإنه واوي فلولا ادّجماء ما ذكر لم يكن لقلب الواو ياء وجه فتأمّل. قوله :( والمراد به إلخ ) بديهة العقل والرأي ما لا تحتاج إلى فكر ونظر من بده بدها، وبداهة إذا بغت وفاجأ، وفي الكشاف المراد به الخفي الذي لا ينفذ فيه ابتداء إلا علم اللطيف الخبير، وإنما نعلم نحن منه ما أعلمناه أو نصب لنا دليلاً عليه، ولهذا لا يجوز أن يطلق، فيقال : فلإن يعلم الغيب اهـ وهذا بعينه ما ذكره المصنف، ومن الناس من توهم أنه غيره لأنه بظاهره يدل على أنه مطلقاً لا يتعلق به علم أحد سوى الله، وهو افتراء عليه لما سمعته، وهو بعينه مأخوذ من الراغب قال في مفرداته : الغيب ما لا يقع تحت الحواس، ولا تقتضيه بداهة العقول وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام اهـ. والمراد إدخال البديهي الغير المحسوس فيما ليس بغيب في الظهور، فلا يرد عليه ما قيل من أنه لا تقابل بين الحس، وبديهة العقل إلا أن يراد به البديهي الأولي للعقلى فيبقى كثير من الضروريات داخلة في الغيب اهـ. لأن ما يدركه العقل من غير نظر وفكر، ولا يدركه الحس مقابل لما يدركه الحس تقابل الشيء لما هو أخص من نقيضه، كما إذا أريد البديهي
الأوّلي للعقل وإدخال الضروريات التي لا يدركها الحس، وفيها خفاء في الغيب لا محذور فيه بل هو أمر مستحسن. قوله :( وهو المعني بقوله تعالى إلخ ) قيل : إنه جعل كون مفاتح الغيب عنده كناية عن اختصاص غيب لا دليل عليه به تعالى، وهو مبني على أن المفاتح جمع مفتح بالكسر بمعنى مفتاح أمّا إذا كان جمع مفتح بالفتح، وفسرت بالمخازن، فلا حاجة لادّعاء الكناية لأن قوله لا يعلمها إلا هو صريح في ذلك الاختصاص، وسيأتي بيانه في تفسير هذه الآية، والمراد بهذا كل ما استأثر الله بعلمه. قوله :( وقسم نصب إلخ ) نصب الدليل واقامته عبارة عن بيانه على الوجه المعروف، وهو مجاز في الأصل صار حقيقة اصطلاحية فيه. وقوله :( كالصانع ) أي كإثبات وجود الصانع وهو اللّه عر وجل، واطلاقه على الله تعالى ورد في حديث مسند وهو " إن الله صانع كل صانع وصنعته " ( ١ ) فلا حاجة لقول السبكي جواز إطلاقه لوروده في قوله تعالى :﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [ النمل : ٨٨ ] فإنه إنما يتمشى على رأي من يكتفي بورود المادّة ولا حاجة إليه وما ورد إطلاقه على الله وثبت بإخبار الآحاد يجوز تسميته به على خلاؤ، فيه في شروح الصحيحين وقوله وهو المراد إلخ فالغيب الذي آمنوا به الله وصفاته وما يجب اعتقاده، فإن قلت على هذا يشمل الغيب الله، ويطلق عليه ضمنا والغيب والغائب ما يجوز عليه الحضور والغيبة واطلاق المتكلمين في قولهم قياس الغائب على الشاهد لا يصح سنداً له.
قلت : السلف مطبقون على تفسيرها بما ذكر، وليس فيها إطلاقه عليه بخصوصه فليس
هذا من تبيل التسمية، وفي بعض الحواشي فرق بعض أهل العلم بين الغيب والغائب فيقولون الله غيب وليس بغائب ويعنون بالغائب ما لا يراك ولا تراه، وبالغيب ما لا تراه أنت فتدبره. قوله :( هذا إذا جعلته إلخ ) الصلة في اصطلاح النحاة صلة الموصول والمفعول به بواسطة الحرف، وتطلق على الزائد كما مرّ