ج١ص٢٢٩
قيدا يتوجه إليه النفي الذي هو فبه بالقوّة لأنه بمعنى ما، وإلا على تقدير صحته لا يخفى بده وتكلفه وكأنّ الداعي له إلى ارتكابه أنه إنما يناسب مذهب أهل السنة فإنه إذا عمّ الرزق الحلال والحرام كان الإنفاق الممدوح به بعضه، وهو الحلال دون البعض الآخر، فيتأتى الحصر بلا تكلف أمّا على مذهبه، فلا ينبغي تفسير الاهتمام بالحصر، ولذا قيل إنه لشرف المكتسب بإسناده إليه تعالى، وقيل تقديمه لأنّ المكتسب مقدّم على الإنفاق في الخارج. قوله :( والمحافظة على رؤوس الآي ) بالمد جمع آية وهي في الأصل العلامة والمراء بها بعض مخصوص من القرآن، وهذا بناء على أنّ في القرآن سجعا، وقال البقاعي في كتاب فصاعد النظر : اختلف فيه السلف فقال أبو بكر الباقلاني في كتاب الإعجاز : ذهب أصحابنا الأشاعرة كلهم إلى نفي السجع عن القرآن كما ذكره أبو الحسن الأشعريّ في غير موضع من كتبه، وذهب كثير ممن خالفهم إلى إثباته اهـ. والقول الثاني فاسد لما في القرآن من اختلاف أكثر فواصله في الوزن والرويّ، ولا ينبغي الاغترار بما ذكره بعض الأماثل كالبيضاوي والتفتازاني من إثبات الفواصل والسجع فيه، وأنّ مخالفة النظم في مثل هارون وموسى بحسبه، ونقل أبو حيان في قوله تعالى :﴿ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ﴾ [ فاطر : ٢١ ] في فاطر أنه لا يقال في القرآن قدم كذا أو أخر كذا للسجع لأنّ الإعجاز ليس في مجرّد اللفظ بل فيه، وفي المعنى ومتى حوّل اللفظ لأجل السجع عما كان لا يتمّ به المعنى بدون سجع نقض المعنى، وقيل عليه إنه نسي ما قاله في الصافات من أنّ التعبير بما رد ومريد للفاصلة، ثم أنه قال لو كان في القرآن سجع لم يخرج عن أساليب كلأمهم ولم يقع به إعجاز ولو جاز أن يقال سجع معجز
جاز أن يقال شعر معجز، والسجع مما تألفه الكهان، وقد أنكر النبيّ صئى الله عليه وسلّم على من سجع عند ٥ ( ١ ) على ما عرف في كتب الحديث، ولو كان سجعا كان قبيحا لتقارب أوزانه واختلاف طرقه فيخرح عن نهجه المعروف، ويكون كشعر غير موزون وما احتجوا به من التقديم والتأخير ليس ببئميء فإنه لذكر القصة بطرق مختلفة ( أقول ) أطال بلا طائل لتوهمه أنّ السجع كالشعر لالتزام تقفيتة ينافي جزالة المعنى.
وبلاغتة لاستتباعه للحشو المخل وأنّ الإعحاز بمخالفته لأساليب الكلام فثغ على هؤلاء الاعلا ٣، وليس بشيء، والعجب منه أنه ذكر كلام الباقلاني مع التصريح فيه بأنّ من السلف من ذهب إليه، والحق أنه في القرآن من غير التزام له في الأكثر وكأنّ من نفاه نفى التزامه أو أكثريته، ومن أثبته أراد وروده فيه في الجملة، فاحفظه ولا تلتفت لما سواه، وهذا مما ينفعك فيما سيأتي ولت ا فصلناه هنا لتكون على ثبت منه، والذي عليه العلماء أنه تطلق الفواصمل عليه دونل السجع. قوله :( وإدخال من إلخ ) قد مرّ أنّ الجارّ والمجرور في محل نصب لأنه صفة مفعول ١ مقدر قد قام مقامه لا مفعول حقيقة ميلاً مع المعنى لأنه اسم تأويلاَ كما سياتي في قوله ( ومن الناس ) وقد قيل : إنّ هذه النكتة مبنية على أنّ المراد بالإنفاق مطلقه ١ الأعئم إذ الزكاة لا تكون بجميع المال، واً نه مخصوص بمن لم يصبر على الفاقة ويتجرّع مرارة الإضا- قه، وقد تصدّق بعضهم بجميع ماله، ولم ينيهره- عليه النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وما في بعض الحواشي من أنّ المصئف تبع في هذا الزمخشريّ، وهو نزغة اعتزالية وهم فاسد. قوله :( ويحتمهل إلخ ) المعاون بوزن المساجد جمع معونة، وهي ما يستعان به وينعكع من العون، وهو المساعدة والمظاهرة ويقال : استعانه واستعان به، والاسم منه المعونة والمعانة بالفتح، ووزن المعونة مفعلة بضم العين، وبعضهم يجعل الميم. أصلية، فوزنها فعولة وجمعها على معاون قياس، فلا يقال إنه لم يوجد في كتب اللغة المشهورة، وأنه ركيك وهي عامّة لما ينتفع به في قوام البدن وبقاء الروح، فيشمل المال والعلوم والمعارف، والإنفاق حينئذ بمعنى الإيصال مطلقا بالبذل والتعليم وغير ذلك، فهو مجاز من استعمال المقيد في المطلق فليس فيه جمع بين الحقيقة والمجاز كما توهم، والرزق رزق الأبدان وهو معلوم، ورزق القلوب وهو المعارف، وأجلها معرفة الله تعالى، ومقام المدح يقتضي التعميم، لكنه خلاف الظاهر المعروف في استعمال الرزق والإنفاق، ولذا أخره والإنفاق من المعارف يزيدها ومن الأموال ينقصها وهذا من كلام الراغب. وعبارته : الإنفاق كما يكون من المال والنعم الظاهرة يكون من النعم الباطنة كالعلم والقوّة والجاه، والجود التامّ بذل العلم ومتاع