ج١ص٢٣٠
الدنيا عرض زائل، وقال بعض المحققين
في الآية : ومما خصصناهم به من أنوار المعرفة يفيضون قيل في بعض النسخ معادن بالدال بدل الواو جمع معدن، وهو موضع العدن بمعنى الإقامة، ومعدن كل شيء مركزه، وهو تحريف من جهلة النساخ نشأ من لفظ الكنز، فلا ينبغي ذكره. قوله :( ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام إنّ علماً لا يقال به ( ١ ) إلخ ) هذا هو الصحيح الموافق للحديث كما سيأتي وفي نسخة يقاد وفي نسخة يقال فيه وهذا حديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر مرفوعاً وأخرج الطبراني في الأوسط " مثل العلم الذي يتعلم به، ثم لا يحدث به كمثل الكنز الذي لا ينفق منه ) ) ٢ ( وأخرح ابن أبي شيبة عن سلمان علم لا يقال به كنز لا ينفق منه، ومعنى يقال به يحدث ولذا عداه بالباء كما يقال : قال بيده إذا أهوى بها، وقال برأسه إذا أشار بها. وقوله :( وإليه ذهب إلخ ) ففسره هذا القائل بإفاضة أنوار المعرفة، وخصها لشرفها أو لأنها غير متبادرة فلا يرد عليه أنه غير مطابق لما قبله لأنه خص الرزق بالمعرفة ولم يعمم، وأنوار المعرفة كلجين الماء لأنّ النور ظاهر بنفسه مظهر لغيره، فأطلق على كل مظهر، ولذا سمي العلم والكتب الإلهية والرسل نورا وافاضة الأنوار انتشار أشعتها مستعارة من إفاضة الماء، وما في مما رزقناهم تحتمل المصدرية والموصوفة والموصولة، وأقربها الأخير، وعليه فالعائد محذوف تقديره على ما قاله أبو البقاء رزقناهموه أو رزقناهم إياه وأورد عليه في الدرّ المصون أنه على الأوّل يلزم اتصال ضميرين متحدي الرتبة والانفصال في مثله واجب، وعلى الثاني يمتنع حذفه، لأنّ العائد متى كان منفصلاً لزم ذكره كما نصوا عليه وعللوه بأنه لم ينفصل إلاً لغرض، وإذا حذف فاتت الدلالة عليه، وأجاب عن الأوّل بأنه لما اختلف الضميران جمعاً وافراداً جاز اتصالهما، وإن اتحدا رتبة كقوله :
وقدجعلت نفسي تطيب لضغمة لضغمهماهايقرع العظم نابها
وردضاً فإنه لا يلزم من منع ذلك ملفوظاً به منعه مقدّر الزوال القبح اللفظي، وعن الثاني
بأنه إنما يمنع لأجل الليس ولا لبس هنا اهـ.
( وأنا أقول ) هذا غير مسقم لأنّ الذي يمنع حذفه ما كان انفحماله لغرض معنويّ كالحصر
لا مطلقا، كما قاله ابن هشام في الجامع الصغير، وقال الرضيّ : شرط حذفه أن لا يكون منفصلاً بعد إلاً نحو ما جاءني الذي ما ضربت إلا إياه، وأما في غيره فلا منع نحو ضيع
الزيدان الذي أعطيتما أي إياه واعترض عليه الأستاذ الخال رحمه الله بأنه كان ينبغي له أن يقول إلاً لغرض معنويّ، ولا يقيده بإلاً فتأمّل. قوله :( ومما خصصناهم به من أنوار المعرفة يفيضون ) قد مرّ بيانه، وقد أورد عليه أنه تفسير للقرآن بخلاف ظاهر اللفظ من غير ضرورة ومثله لا يجوز نعم يجوز أن يقال : إنّ مثله يستفاد بطريق الإشارة، وأصل الفيض ما فاض من الماء لامتلاء الإناء ونحوه، ثم استعير لغيره كالحديث فيقال : حديث مستفيض أي شائع وهو المراد لما في التعليم من الإشاعة. قوله :( هم مؤمنو أهل الكتاب إلخ ) قدّم هذا الوجه لرجحانه رواية ودراية لأنه مأثور عن الصحابة، كابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، ولأنّ التغاير هو الأصل في العطف، والحاصل أنّ المعطوف إمّا أن يكون مقابلاً للمعطوف عليه ومباينا له أو لا وعلى الأوّل المعطوف عليه الذين يؤمنون بالغيب أو المتقين وعلى الثاني، إمّا أن يكون المعطوف متحدا بالمعطوف عليه بالذات أو طائفة منه، فالوجوه فيه أربعة وسيأتي بيانها، وعبد الله بن سلام بتخفيف اللام، وهي مثددة في غيره من الأعلام صحابيّ أنصاريّ بطريق الحلف وهو من اليهود وبني إسرائيل من بني قينقاع من ولد يوسف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكان اسمه الحصين فسماه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عبد الذ وكان صلّى الله عليه وسلم كثيرا ما يغير الأسماء، وقد جمع السيوطيّ رحمه الله من غير النيّ عليه الصلاة والسلام اسمه في جزء له، وقد شهد له النبيّ صقى الله عليه وسلّم بالجتة، ونزلت فيه آيات كقوله تعالى :﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ﴾ [ الأحقاف : ١٠ ] وقوله :﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [ الرعد : ٤٣ ] واختلف في زمان إسلامه دون وفاته فإنه توفي بالمدينة سنة ثلاث وأربعين من الهجرة النبوية وله قصة مع اليهود مذكورة في كتب الحديث والأضراب جمع ضرب بفتح الضاد وكسرها ورجح الزمخشريّ الثاني، وقيل جمع ضريب كشريف وأشراف، وقال النوويّ أضرأب أشباه جمع ضرب وبمعناه ضريب، وجمعه ضرباء ككريم وكرماء وانكار القاضي عياض له وهم