ج١ص٢٣١
وأصله كما في الفائق من يضرب قداح الميسر، ثم تجوّز به عن كل نظير وشاع فيه، وفي الأساس ضرب القدح، وهو ضريبي لمن يضربها معك وهم ضربائي، ومنه ضرب وضريب وقوله قدّس سرّه : أضرابه أمثاله والجمهور على أنه جمع ضرب بالفتح وعند المصنف رحمه الله بكسرها فعل بمعنى مفعول كالطحن وهو الذي يضرب به المثل، ولا بد أن يكون مماثلاَ للمضروب فيه، ويعضده مثل وشبه، وهو مخالف لما حقق في اللغة كما سمعته، وفي بعض النسخ أصحابه أي الذين صاحبوه في الإيمان من أهل الكتاب. قوله :( معطوفون على الذين إلخ ) أي سواء كان منقطعا عن المتقين أو موصولاً به، وهذا بخلاف عطف، والذين يؤمنون على المتقين كما في الوجه الآني، فإنما يصح على تقدير الوصل دون
الانقطاع كما صرّح به الفاضل المحقق، وذلك لما- فيه من الفصل بين المعطوفين بأجنبيّ كما سيأتي ومعطوفون خبر ثان للفظ هم وكذا داخلون، ودخول أخصين بالنصب على أنه مفعول مطلق، وأخصين يجوز فيه كسر، الصاد وفتحها على أنه جمع مذكر سالم لا خمى باعتبار المعنى أو مثنى باعتبار أنهم فريقان، وأعتم بالإفراد المراد به المتقون وأفرده لوقوعه في مقابلة الجمع أو المثنى. وقوله :( إذ المراد إلخ ) تعليل لما يدل عليه المقام من تغاير المتعاطفين بالذات، وأولئك إشارة إلى الذين يؤمنون بالغيب المعطوف عليه، والذين. آمنوا خبر لقوله : المراد وآمنوا بمد ألف بعد الهمزة، وعن الشرك والإنكار وقع في نسخة عن شرك وإنكار منكرين أي آمنوا إيماناً منتقلاَ أو متباعداً عن ذلك، وهم من لم يكن من أهل الكتاب ويجوز قصرها، وليس هذا الوجه مقطوعا به حتى يرد عليه ما قيل : لأنه لا ينبغي والظاهر أن يبدل ما ذكر بقوله على أنّ المراد إلخ لأنّ ذكر ما يقابله يأباه قطعاً، وأما القول بأنّ التغاير بالصفات لا بالذات أرجح لاشتراك الفريقين في الإيمان بالمنزلين، فقد دفع بأنّ المتبادر من العطف أنّ الإيمان بكل منهما على طريق الاستقلال، وهو مختص بأهل الكتاب لأنّ إيمان غيرهم بما. أنزل من قبل إنما هو على طريق الإجمال والتبع للإيمان بالقراًن لا سيما في مقام المدح كما هنا، وقد قال تعالى :﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ﴾ [ الأنعام : ٢٠ ] إلى قوله :﴿ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ ﴾ [ القصص : ٥٤ ] كما ورد في الصحيح أنّ لأهل الكتاب أجرين بواسطة ذلك إلاً أنه قيل عليه أنّ قوله تعالى :﴿ قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [ البقرة : ١٣٦ ] الآية بالعطف مع عمومها لسائر المسلمين يمنع التبادر لخفاء التغاير الذاتي بينهما، وقيل : التغاير باعتبار آخر وهو أنّ الإيمان الأوّل بالعقل، وهذا بالنقل، وأمن الفريق الأوّل عن الشرك أنّ شأنهم ذلك، وجلهم كذلك وان كان فيهم من لم يشرك أصلاَ كعليّ رضي الله عنه، فلا يرد ما قيل إنه يخرج عن الطائفتين من نشأ على الإسلام، ولم يتدنس بشرك إلاً أن يقال الإيمان المتضمن للاعراض عن الشكر لا يوجب سبقه، ثم قال : الأوجه أنّ المراد بالذين يؤمنون بالغيب من عدا أهل الكتاب لأنّ إيمانهم بما عرفوه كما يعرفون أبناءهم، وإنّ أولئك على هدى إشارة إلى الطائفة الأولى لأنّ إيمانهم بمحض الهداية الربانية، ﴿ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ إشارة إلى الثانية لفوزهم بما كانوا ينتظرونه، وهم يقاتلونهم. لأنهم لم يشركوا ولم ينكروا، والمراد لجالفريقإ الأوّل مجموعهم لا جمصهم إذ هم ليسوا كذلك، فلا يرد النقض بمن مرّ مع أنه مغمور بينهم، فيدخل على حد بنو فلان قتلوا قتيلاً، وتقديم الإيمان بالغيب لسبقه ذاتا وزمانا وعدم شرك أهل الكتاب ظاهر، وأمّا ما ذكره المصئف رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى ما كان إبراهيم يهودياً فستراه وما فيه. قوله :( وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما إلخ ) أخرجه ابن جرير مسنداً، فلا وجه للتردّد فيه، والقول بأنه إن صح عنه فهو تفسير للموصول الثاني
بالسمع، ويؤيده أنّ صدور الإيمان عنهم مرّتين سابقاً قبل ظهور الإسلام، ولاحقاً بعده أدخل في المدح والعطف لا يقتضي المباينة الكلية لجواز أن يراد بالموصول الأوّل ما يعم الثاني، وعطف الأخص على الأعمّ لمزيد الاهتمام شائع وفيه ما فيه. قوله :( أو على المتقين ) هذا هو الوجه الثاني وهو مشارك للأوّل في أنه أريد فيهما بالذين يؤمنون بما أنزل إليك مؤمنو أهل الكتاب ولذا قدمه على ما بعده. وقوله :( وكأنه قال هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ عن الشرك إلخ ) إشارة إلى وجه التغاير بيم، المتعاطفين، نإنّ المراد بالمعطوف عليه من آمن من العرب الذين ليسوا بأهل كتاب وبالمعطوف من آمن بالنبيّ ﷺ من أهل الكتاب، وإنما بينا هذا مع ظهوره، لأنه قيل : إنه