ج١ص٢٤٢
سبب الاستحقاق، وهنا جعلها سؤالاً عن وجود الاستحقاق وجعل الجواب لاشتماله على علة الاستحقاق مستغنياً عن التأكيد وهو، وإن كان معقول المعنى غير معروف بين أهل المعاني أنّ الجواب جملة اسمية، وهي من جملة المؤكدات عندهم.
( أقول ) ما في شرح المفتاح هو الحق الحقيق بالقبول لأنّ منطوق السؤال الذي قدّروه صريح فيه بل لا يحتمل غيره بوجه من الوجوه، وقد يقال : إنه ذكر الوجوه المحتملة التي تضمنها كلامهم واقتصر في شرح المفتاح على ما هو الحق عنده فتدبر. قوله :( فأجيب إلخ ( أورد عليه أنه إذا فصل الموصول الثاني تكون الجملة معطوفة على ما سبق لا جواباً لسؤال والاً يجب الفصل، وردّ بأنه لا يرد عليه لأنّ قوله أجيب إلخ ينادي بأنّ مراده بيان حاصل المعنى على تقدير مفصولية الموصول الأوّل وحاصل الجواب لأنّ تمكنهم من الهدى، واستقرارهم عليه بتوفيق من ربهم متميزين عما سواهم خصهم بهداية الكتاب على الوجه الأتم وقد عرفت أنّ عبارته شاملة للوجهين إلاً أنّ ما ذكره بناء على ما وقع في نسخته كما حكاه، وهو وأجيب بقوله ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ والذي عندنا الذين يؤمنون فقط بدون ذكر بالغيب فالإيراد
باق مجاله، وإن كانت الواو غون استئنافا، فيصدر بها الكلام المستأنف، كما ذكره في المغني ومثل له بقوله تعالى ﴿ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء ﴾ [ الحج : ٥ ] ونحو لا تكل السمك وتشرب اللبن فيمن رفع إلاً أنّ المراد به الاستئناف النحوي لا البياني كما لا يخفى، ومن هنا ظهر حسن صنيع الزمخشريّ إذ ضعف هذا الوجه وأخره، والمصنف رحمه الله لما خلطه وقع فيما وقع فيه. قوله :( وإلا فاستئناف الخ ) أي إن لم يجعل أحد الموصولين مفصولاً فوصلا بما قبلهما فالجملة حينئذ مستأنفة إمّا استئنافاً نحويا لا يقدّر فيه سؤال أصلاً أو بيانياً وفيه نظر، ولما كان ما قبله مستلزما له فهو مستفاد مته، وفي ضمنه حتى كأنّ نتيجة له كان بينهما كمال الاتصال المقتضي لترك العطف، والمراد بالأحكايم ما وصف به الكتاب وبالصفات صفات المؤمنين الدال عليها بالموصولين، فلا يرد عليه إن كونه نتيجة ليس من جهات الفصل بل هي مقتضية للرّبط بالفاء، وهذا غفلة عن قوله كانه بالتذكير أي الكلام، وفي نسخة كأنها أي الجملة. قوله :( أو جواب سائل قال إلخ ) هو معطوفءلمى قوله نتيجة أي ما سبب اختصاص الموصوفين بهذه الصفات بهدى الكتاب الكامل، فاجيب بأنه تمام روخهم على كمال الهدى منه تعالى والهدى منه توفيق وإعانة بلا مرية والظاهر أن يقال في تقريره : إنّ سبب اختصاصهم بالانتفاع بهداية الكتاب أنه تعالى قدّر في الأزل سعادتهم وهدايتهم، فجبلتهم مطبوعة على الهداية، والسعيد سعيد في بطن أمّه لا سيما إذا انضم إليه الفلاح الأخروي الذي هو أعظم المطالب فيندفع س قيل عليه في شرح الكشاف من أنّ هذا مجرّد احتمال لظهور أن ليس لهذا السؤال أعني ما للمستقلين بهذه الصفات قد اختصوا بالهدى زيادة توجه، ولا للجواب بأنّ اختصاصهم بالفوز بالهدى غير مستبعد كبير فائدة وزيادة بيان، بل هو إعادة للدّعوى بعينها، وكذا ما قيل من أنه لا وجه للسؤال لأنّ الأوصاف التي أجريت عليهم مقتضية، لذلك الاختصاص اقتضاء ظاهرا لكن السائل كأنه قد غفل عن اقتضائها فسال، فلذا أجيب بإعادة المدعى بعيته تنبيها على أنّ التامّل فيه يرفع مؤنة السؤال إلاً أنه غير وجه النسبة بين الهدى والمتقين، وزيد التصريح بالنتيجة دفعاً لبشاعة التكرار وهذا زبدة ما قاله الفضلاء تبعاً للمدقق في الكشف، وعلى ما ذكوناه لا يرد ما قالوه نعم هو لخفائه لا ينافي مرجوحيته وسياتيك عن قريب إن شاء الله تعالى ما يثلج صدوك ويقرّ عينك، وقيل أيضاً إنّ المعنى الشرعي للتقوى مشتمل على الجواب ومغن عن السؤال فتدبر. قوله :( ونظيره أحسنت إلى زيد الخ ) هذا خلاصة ما في الكشاف حيث قال : واعلم أنّ هذا النوع من الاستئناف يجيء تارة بإعادة اسم من استؤنف عنه الحديث كقولك : قد أحسنت إلى زيد زيد حقيق بالإحسان، وتارة بإعادة صفته كقولك أحسنت إلى زيد صديقك القديم أهل لذلك منك، فيكون الاستئناف بإعادة الصفة أحسن وأبلغ لانطوائها على بيان الموجب وتلخيصه، وتبعه السكاكي وغيره من أهل
المعاني قال المحقق : يعني النوع المشتمل على إعادة ما عنه الحديث جواباً عن سؤال سبب
الحكم، بخلاف النوع الذي لا يكون كذلك


الصفحة التالية
Icon