ج١ص٢٥٠
الثانية مع مشاركتها للأولى في المحكوم عليه مؤكدة لها فلا مجال للعطف.
( فإن قلت ) إن أريد الاختلاف والاتحاد بحسب أصل المعنى وباعتبار اللوازم فلا فرق
( قلت ) نعم يجوز إجراء كل منهما فيهما إلا أنّ الأوّل أظهر في الأوّل والثاني أظهر في
الثاني كما لا يضنى، وقيل الفصل في الثانية لأنها كالمتصلة بالأولى لأنها جواب سؤال نئأ من
قوله بل هم أضل كأنه قيل لم كانوا أضل، فاجيب بأنهم غافلون عن رعي مهمات مصالحهم،
فالأنعام لا تفوتهم رعايتها، وهذا أنسب وأظهر وفيه نظر، والتسجيل أصله كتابة- السجل
والصك ويتجوّز به عن إثبات الحكم القطعي والتشهير، وهذا هو المراد وقيل معنا. رميهم
بالغفله وفي القاموس سجل به رمى به من فوق على أنه مأخوذ من التسجيل بمعنى الحجارة
والأوّل أنسب وأقرب. قوله :( وهم فصل إلخ ) ضمير الفصل، ويسمى عماداً له فوائد فصل
الخبر، وتميزه عن النعت فلذا سمي فصلاً، وهو أغلبيّ لأنه قد يتوسط بين غيرهما كما ذكر
النحاة ويؤكد ألنسبة والحكم الخبري، وقيل إنه لتأكيد المحكوم عليه لمطابقتة له، وضعف بأنه
لو كان كذلك لم يفد التخصيص كما لا يفيده زيد نفسه أكرم الناس، وادخال اللام عليه في
نحو إن زيدا لهو الظريف ربما دل كلى أنه من تتمة المحكوم به، ويفيد اختصاص المسند
بالمسند إليه لا عكسه كما ذهب إليه بعض شراح المفتاح، وهذا مما أطلقوه وأثبتوه بقوله تعالى
﴿ كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ﴾ [ المائدة : ١٧ ا ] وهو إنما يتم إذا ثبت القصر في مثل
كان زيد هو أفضل من عمرو مما الخبر فيه نكرة، والاً فتعريف الخبر بلام الجنس يفيد قصره
على المبتدأ، وان لم يكن فصل كزيد الأمير، وتعريف المبتدأ بلام الجنس يفيد قصره على
الخبر وان كان مع ضمير الفصل نحو الكرم هو التقوى أي لا كرم إلا التقوى، وفي الفائق ما
يشعر بأنّ مثله يفيد قصر المبتدأ كلى الخبر سواء عرف المبتدأ والخبر أو لا لأنه صرح بأنّ
معنى، فإنّ الدهر هو الله أن جالب الحوادث هو الله لا غيره، وفي المفتاح ما يخالفه، وقال
الفاضل المحقق : التحقيق أنّ الفصل قد يكون للتخصيص بقصر المسند على المسند إليه نحو
زيد هو أفضل من عمرو وزيد هو يقاوم الأسد وفي الكشاف في قوله تعالى ﴿ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ ﴾ [ التوبة : ١٠٤ ] هو للتخصيص والتوكيد، وقد يكون لمجرّد التأكيد إذا كان
التخصيص حاصلاً بدونه بأن يكون في الكلام ما يفيد قصر المسند على المسند إليه نحو أنّ الله
هو الرزاق أي لا رزاق إلاً هو أو قصر المسند إليه على المسند نحو الكرم هو التقوى،
والحسب هو المال أي لا كرم إلا التقوى إلخ ولذا قيل إنّ كلامه محتمل لأمرين أن يكون إشارة
إلى المدعى، وهو الحق والا يتعارض كلاماه وأن يكون إشارة إلى الدليل وهو فاسد وفيه نظر.
قوله :( أومبتد " جعله قسيماً للفصل بناء على ما اشتهر من أنّ ضمير الفصل لا محل له من
الإعراب وذهب بعضهم إلى أنه رابطة، وحرف فلا يرد عليه أنّ فيه جعل الشيء قسيما لنفسه
لأنّ من النحاة من ذهب إلى أنّ ضمير الفصل في محل رفع على الابتداء. قوله :( والمفلحون
خبره ) قال الطيبي : فعلى هذا تكون الحملة من باب تقوّي الحكم أو من باب التخصيص على
نحو هو عارف قلت : المراد الأخير لتطابق الوجوه في إفادة الحصر، ولا حاجة لما ذكره لما تقدّم من أنّ أولئك في معنى الصفة المشتقة، ومثله يفيد علية مبدأ الاشتقاق ويفيد الحصر. قوله :( والمفلح بالحاء والجيم إلخ ) هذا بناء على ما عليه قدماء أهل اللغة من أنّ المشاركة في أكثر الحروف اشتقاق يدور عليه معنى المادّة، فيتحد أصل معناها ويتغاير من بعض الوجوه كما يعرفه من طالع التهذيب والعين ونحوهما من كتب اللغة القديمة، ولذا اعتبروا ني الترتيب الأوّل، وما يليه ولم ينظروا إلى الأخير كما فعله الجوهريّ، والمراد بقوله بالحاء والجيم تفسير اللفظ من حيت اللغة وإلا فالقراءة بالحاء المهملة لا غير ولم يقرأ بالجيم في شيء من الشواذ والفلح بالحاء بمعنى الشق والفتح، وكذا الفلج بالجيم أيضاً كما في كتب اللغة، والظاهر أنهما معنيان فإنّ الشق قد يقع من غير فرجة والفتح قد يكون بغير شق كفتح الباب والكتاب، فبينهما عموم وخصوص وجهي وقوله الفائز بالمطلوب هذا هو المعنى العرفي المعروف في الاستعمال والشق والفتح معناه الحقيقي الأصلي. وقوله :( كأنه إلخ ) بيان للملابسة والمناسبة بينهما واكتفى بذكر الفتح فيه لاشتماله على الشق في الغالب فلا يقال المناسب لما بعده أن يذكره، لكنه لو صرّح به كان أحسن والوجوه جمع وجه، ومعناه النوع أو الطريق