ج١ص٢٥٤
يرد عليه في ادّعائه أنّ مراد الثيخ معنى غير تعريف الجنس أز، اللام حينئذ لتعريف الجنس المسمى بتعيين الحقيقة، والمعرّف بلام الجنس قد يقصد به تارة حصره في المبتدأ إمّا حقيقة أو ادّعاء نحو زيد الأمير إذا انحصرت الإمارة فيه أو كان كاملاً فيها كأنه قيل زيد كل الأمير، وقد يقصد به أخرى أنّ المبتدأ هو عين ذاث الجنس ومتحد به، فكأنه تجسم منه لا أنّ ذلك الجنس مفهوم مغاير للمبتدأ منحصر فيه على أحد الوجهين، فهذا معنى آخر للخبر المعرّف بلام الجنس غير الحصر وهو مراد الشيخ بالعبارة المذكورة، وقد وضحه وكثر أمثلته، وقال : هذا كله على معنى الوهم والتقدير وأن
يتصوّر في خاطره شيئاً لم يره، ولم يعلمه ثم يجريه مجرى ما علمه، وإنما قال ذلك لأنّ دعوى كون زيد عين حقيقة الأسدية مثلاً إنما تتأتى إذا صوّرت تلك الحقيقة في الوهم بصورة تناسب تلك الدعوى، فإنها لو تركت على حالها لم يكن ادّعاء كون زيد متحدا بها مستحسناً فتبين أنّ تعريف الخبر بهذا المعنى تعريف جنسي اعتبر معه تصوّر الحقيقة بصورة وهمية توصلاَ إلى دعوى الاقحاد فهو من فروع الجنس كما يحمل على الكمال كيف لا، وتعريف اللام منحصر في العهد والجنس.
( فإن قلت ) ظهور الاتصاف بمض صمون الخبر ليس شيثا منهما.
( قك ) هو راجع إلى الجنس أيضا كأنه بعدما جعل خبرا عرّفه باللام إشارة إلى حضور الجنس في الذهن من حيث أنه صفة للمخبر عته، وهذا معنى ظهور اتصافه به واختار المصئف رحمه الله في المفلحين دعوى الاتحاد على حصر الجنس لأنه ألطف وأبلغ. وقوله :( لا يعدون إلخ ) تأكيد للاتحاد لا بيان لحصر المبتدأ في الخبر، كما توهم فإنه مخالف للقاعدة المقرّرة من أنّ تعريف الخبر الجنسي يفيد قصره على المبتدأ لا عكسه، وان أشعر به كلام الفائق في تفسير، فإنّ الله هو الدهر بأنّ الله هو الجالب للحوادث لا غيره الجالب ( فإن قيل ) إن ادّعى أنّ المتقين عين حقيقة المفلحين لم يتصوّر هناك حصر أصلاً، فكيف يستعمل فيه الفصل ( قلنا ) يجرّد حينئذ لتمييز الخبر عن النعت وتأكيد الحكم معاً أو لأحدهما، وكذا الكرم هو التقوى أي لا كرم إلا التقوى.
( أقول ) هذا المقام قد انسحبت فيه أذيال الكلام، ونم يكشف عن وجوه مخدراته اللثام،
فإنّ السعد لما خالف الشراح وادعى أنه نوع آخر من التعريف لم يعينه، ولم يبين أنه أيّ معنى هو من معاني أل المحصورة في العربية، والشريف لما قال إنه لتعريف الجنس إلاً أنه حصر فيه لم يعرج على مراد الشيخ، فإنه بالغ في وصفه بالدقة وقال : إنه سن عجيب الشأن له مكان من الفخامة والنبل، وهو من سحر البيان الذي تقصر العبارة عن تأدية حقه ومجرّد تعريف الجنس معنى مكشوف ينادي عليه في الطرق ادخل السوق واشتر اللحم، وهو أوّل ما يشترى وأيضا تمثيلهم بهل عرفت الأسد خفاؤه أشد وأشدّ، وهذا مما لم يظهر لي حاله، ولم يتضح مع إمعان النظر إشكاله.
( فاعلم ) أنّ الثيخ نوّر الله مرقده ذكر قبيله أنّ الخبر المعرّف بلام الجنس فيه ثلاثة وجوه.
( الأؤل ) أن يقصر الجنس على المخبر عنه لقصد المبالغة نحو زيد هو الجواد أي الكامل
في الجود إلاً أنك تخرجه في صورة توهم أنه لا يوجد إلاً فيه لعدم الاعتداد بغيره.
( الثاني ) أن يقصر جنس المعنى الذي تفيده بالخبر على المخبر عنه، لا على عدم الاعتداد بغيره بل على دعوى أنه لا يوجد إلاً منه ولا يكون إلاً إذا قيد بشيء يخصصه، ويجعله
في حكم نوع برأسه نحو هو الوفيّ حين لا تظن نفس بنفس خيرا.
( الثالث ) أن يقصد قصره في جنسه لا على ما ذكر بل على وجه آخر جاء في قول الخنساء :
إذا قبح البكاء على قتيل ~ فإنّ بركاءك الحس الجميل
أرادت أنه قد قرّ في جنس ما حسته الحس الظاهر الذي لا ينكر ولا يشك فيه شاك، ثم
لما فصل هذه الأقسام قال : للخبر المعرّف باللام معنى آخر غير ما ذكرت لك، وله مسلك دقيق إلخ وقد مرّ بعضه فوص فه بالحسن والدقة الزائدة وصرّح بأنه غير الوجوه الثلاثة السابقة، والمغايرة لها يحتملى أنها في النوع فلا يكون من تعريف الجنس، وهو ما ذهب إليه الفاضل التفتازاني، وهو السابق إلى الفهم، ويحتمل المغايرة في المفاد والوصف أعني الحصر، لأن الأقسام الثلاثة منها ما يفيده عنده، وهذا يغايرها بعدم إفادته وهذا ما ارتضاه الشريف المرتضى وفي كلامه ما يؤيده بحسب الظاهر، كقوله : ولا تريد أن تقصر معنى عليه


الصفحة التالية
Icon