ج١ص٢٧٨
مع أنّ النتيجة تستعمل بالفاء كما اعترف به هذا القائل وكون عطف ولهم عذاب عظيم عليه يعينه إذ لا يصلح للعطف سبأتي بيانه. قوله :( والختم الكتم إلخ ) في الكشاف الختم والكتم أخوان أي بينهما مف سبة معنوية مع التوافق في العين واللام وكثر الحروف، وهو نوع من الاشتقاق عندهم يسمونه الاشتقاق الأكبر، وهو المراد بالأخوّة في مثله وهذا أحسن من تفسيره به كما فعله المصنف رحمه الله فإنّ حقيقة الختم الوسم بطابع ونحوه والأثر الحاصل من ذلك وحقيقة الكتم الستر والإخفاء، وهما متغايران فلا وجه لتفسيره به لكنه لما لزمه ذلك جعله كأنه عينه مبالغة وهو ظاهر فلا غبار عليه كما قيل، وسمي به بمعنى أطلق عليه واستعمل فيه والتسمية تكون بهذا المعنى وبمعنى وضع العلم والمراد الأوّل، والاستيثاق استفعال من الوثوق، ومعناه سد الأبواب والإقة، ل على ما وراءها لحفظه والمنع، ومن فعل ذلك صار ذا وثوق، فالاستفعال للصيرورة كاستحجر الطين وهو أحد معانيه المعروفة.
قال الراغب في مفرداته الختم رالطبع يقال على وجهين مصدر ختمت وطبعت وهو تأثر الشيء بنقش الخاتم والطابع، والثاني الأثر الحاصل عن الشيء، ويتجوّز بذلك تارة في الاستيثاق من الشيء والمنع منه اعتبارا بما يحصل من المنع بالختم على الكتب والأبواب نحو قوله تعالى ﴿ خَتَمَ اللّهُ ﴾ إلخ وتارة في تحصيل أثر عن شيء اعتبارا بالنقش الحاصل وتارة يعتبر منه بلوغ الآخر، ومنه ختمت القرآن إذا انتهيت إلى آخره اهـ. وهذا تفصيل لما أجمله المصنف وغيره من معناه لغة فقوله والبلوغ بالرفع معطوف على الاستيثاق عطف قسيم على تسيم، وليس معطوفاً على الكتم فيكون من جملة تفسيره ومعناه الحقيقي كما توهم وهو مراد لما نقل إليه مطلقاً لا لما أريد به ههنا حتى يرد عليه أنّ ختم الكتاب متعد بنفسه، وما هنا متعدّ بعلى مع أنه لا أصل له فإنه يقال ختمت الكتاب وعلى الكتاب كما صرّحوا به. قوله :( بضرب الخاتم إلخ ) الضرب إيقاع جسم على آخر وضرب الخاتم إيقاعه على ما يؤثر فيه من شمع ونحوه كما سيأتي. وقوله :( لأنه كتم له ) أي لأنه يؤدّي إلى الإخفاء والستر، وهو الغرض منه فجعل عينه مبالغة كما مرّ، وهذا بيان للمناسبة بينهما وبلوغ الآخر الوصول إليه وآخره مفعوله من بلغت المنزل ونحوه لا منصوب بنزع الخافض على أنّ أصله إلى آخره. وقوله :( نظرا إلخ ) تعليل
لإطلاق الختم على بلوغ الآخر والإحراز جعل الشيء في الحرز وهو ما يحفظه، ولذا سمت العامّة ما يكتب ويعلق عوذة حرزاً يعني أنّ من أتمّ شيئاً فقد حازه بما يحاز به مثله كحفظ القرآن إلى آخره، فكأنه استوثقه وني كلام المصنف رحمه الله نظر من وجهين، فإنه يقتضي أنّ إطلاق الختم على بلوغ الآخر معنى مجازي، وهو خلاف المعروف في الاستعمال، ولأنه يقتضي أيضاً أنه ماخوذ من الاستيثاق، وكلام الراغب الذي هو مأخذه صريح في أنه مجاز برأسه كما سمعته آنفاً.
وما في الكشاف سالم من هذه لأنه قال : الختم والكتم أخوان لأنّ في الاستيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه كتما له وتغطيه لئلا يتوصل إليه ولا يطلع عليه اهـ.
والجواب أمّا عن الأوّل، فإنّ اشتهاره حتى صار حقيقة في عرف اللغة لا ينافي كونه مجازاً بحسب أصل اللغة وقد عدّه من المجاز في الأساس.
وأمّا عن الثاني فالذي ذكره الراغب أنه مجاز عن مطلق المنع كالمشفر فلا ينافي كونه حقيقة في المنع بضرب الخاتم عليه ويؤخذ منه غيره فتدبر. قوله :( والغشاوة فعالة ) نقل بعض الأفاضل عن جار الله أنّ فعالة هنا غير منصرفة وكذا هو في نسخ الكشاف، وقال إنّ الأصل في أمثاله أنّ ما كان موزونه غير منصرف فإنه يستعمل غير منصرف البتة، وما كان موزونه منصرفا ففيه وجهان الصرف، وتركه بشرط أن لا تدخل عليه رلت، وله تفصيل في الإيضاح والرضى وذهب بعض علماء اللغة إلى أنّ هيآت الكلم قد تدلّ على معاني مخصوصة، وان لم تكن مشتقة ومته ما هنا فإنّ فعال بكسر الفاء إن لم تلحقه هاء التأنيث فهو اسم لما يفعل به الشيء، كالآلة كإمام وركاب وحزام لمن يؤتم به ولما يركب به، ويحزم ويشد به كما مرّ في كتاب فإن لحقته الهاء فهو اسم لما يشتمل على الشيء ويحيط به كاللفافة والعمامة والقلادة، وهذا في غير المصادر " وأمّ فيها ففي الحجة لأبي عليّ في سورة الكهف فعالة بالكسر في المصادر يجيء لما كان صفة، ومعنى متقلداً كالكتابة والأمارة، والخلافة والولاية وما أشبه