ج١ص٥١
بالتأني في دعائه أو اسمه بإثبات حرف المد وتفخيم لامه وإبقاء حروفه، ولو وصل فات بعض هذا والثاني هو المراد والأمر فيه يختلف باختلاف المقام، والعبارة ناطقة بخلاف ما قاله القائل، ثم قطع الهمزة في النداء أكثري كما ذكره الرضى، وتجغل عقة القطع العوضية لا اللزوم لأنه غير كاف بدليل قوله :
بحقك يا التي حيرت قلبي
بالوصل وبعضهم جعل العلة العوضية واللزوم فتدبر. قوله :( إلا أنه يختص بالمعبود
، لحق الخ ) يعني أنه بعد التغيير والحذف اختص بالمعبود بالحق بحيث لم يستعمل في غيره أصلاً وصار المراد به الذات كما في سائر الإعلام فصح التوحيد والغلبة كما قال الشارح المحقق أن يكون لففظ عموم فيحصل له بحسب الاستعمال خصوصية لشيء بمعنى زيادة اختصاص إمّا إلى حد التشخص فيصير علما كالنجم أو لا فيصير اسما غالبا كالسنة أو صفة
غلابة كالرحمن ثم أنّ الغلبة بحسب الاصطلاح أعم من أن تستعمل أوّلاً في غيره أو لا تستعمل أصلاً وهي في الأول تحقيقية كالإله والنجم وفي الثاني تقديرية، وقياسية كالذترّان ( ١ ) والله ولا عبرة بما قاله الأستاذ الخال من أن غلبة ألله تحقيقية، وان اسندل عليه بما لا يجديه وكلام المصنف رحمه الله مخالف لما في الكشاف من جعله اسم جنس لا وصفاً، فمن توهم أنه بمعناه، وأنّ قوله المعبود لم يرد به أن مرادف له ليكون صفة فينا في أنه اسم غير صفة فقد غفل عما ذكر ولا ينافي غلبة الإله قلة الاسنعمال فإنه يكفي أن يكون غيره أقل منه، فسقط ما قيل من أنّ في الغلبة مع ندرة الاسنعمال خفاء. ثم إنّ كلام المصنف رحمه الله محتمل لأن يكون المراد أنّ الإله المعرف باللام يقع على كل معبود وغلب على المعبود بحق أي على ذاته المخصوصة فصار علماً بالغلبة ينصرف إليه عند الإطلاق، ثم أكد الاختصاص بالتغيير فصار مختصاً به فالإله المعرّف قبل الهمزة وبعده علم لتلك الذات إلا أنه قبل الحذف قد يطلق على غيره وبعده لا يطلق أصلاً وهذا ما اختاره فذس سره، ويحتمل أن تكون اللام للعهد إشارة إلى الأصل المذكور أوّلاً فيكون المراد أنّ إلهاً المنكر مستعمل للمعبود مطلقاً والمعرف صار بالغلبة مختصاً بالمعبود بالحق بدون أن يصير علماً والله علم لذات معين هو المعبود بالحق سبحانه وتعالى وهذا ما اختاره السعد وحمل عليه كلام الكشاف، واستشهد له بتنكيره الحق في الأوّل وتعريفه في الثاني وذكر أنّ الإله اسم لفهوم كليّ هو المعبود بحق والله علم لذات معين هو المعبود بالحق تبارك وتعالى وبهذا الاعتبار كان قولنا لا إله إلا الله كلمة توحيد وقال قدّس سره أنّ الاستشهاد المذكور لا يجديه نفعاً لأن المفيد لتعين ذات المعبود أو عدم تعينه تعريفه أو تنكيره، ولا مدخل في ذلك لتعريف الحق ولا تنكيره كما في قولك جاء الذي له عليك الحق أو الذي له عليك حق، وتأييد بكلمة التوحيد في غاية الضعف لاقتضائه اختصاص المنكر بذلك المفهوم الأخص، وبطلانه ظاهر قال ولا يشتبه على أحد أنّ المقصود من قوله على كل معبود هو الذاهت المعبودة لا المفهوم المتبادر لها، واللام في قوله على المعبود بحق إشارة إلى بعض تلك الذات المعبودة لا إلى مفهوم أخص من مفهومه الأصليّ، ولما كان المراد بلفظ الحق مفهومه المقابل للباطل، ولا تعدّد فيه فلا حاجة إلى تعريفه ذكره ثانياً منكراً أيضاً، وعرفه ثالثا تفنناً فكان الثالث أولى لتقدم ذكره مرتين وئو عرف الأوّل وقال : على كل معبود بالحق لم يتعين المقصود من المعبود انتهى ولا يخفى عليك أنّ الباء في قوله بالحق باء الملابسة وملابسة العبادة للحقية بمعنى اتصافها بها وكون العبادة حقة تستلزم حقية المعبود، وهي المراد هنا بطريق الكناية، فإن المقصود منه أنه المعبود الحق وتغيراً لحق بتعريفه تعين للمعبود وهو تشخصه فيقتضي أنّ المراد منه الذات المقدّس الموجود في الخارج وتنكيره بقرينة المقابلة
يقتضي إرادة المفهوم لأن المعبود الحق واجب التوحيد فكليته باعتبار مفهومه لا باعتبار أفراده وهو لا غبار عليه ويؤيده ما نبه عليه المحقق رحمه الله من تمثيله له بالسنة ولا شبهة في عدم علميتها، ولذا قال رحمه الله : وأمّا تشبيه الإله بالنجم وغيره من الأعلام فليس في العلمية بل في مجرّد الغلبة سواء انتهت إلى حد العلمية أو لا. ألا ترى أنّ السنة ليست علماً شخصيا ولا جنسياً إذ لا ضرورة تدعو إليه، وجواب الشريف عنه بقوله أما السنة فظاهر التثبيه يقتضي كونه علماً كسائر أخواته، إلا أن فيه مانعا مخصوصاً يخرجها عن ذلك إذ لا يفهم منها معنى شخصي حتى تجعل من أعلام الأشخاص، وليست


الصفحة التالية
Icon