ج١ص٥٣
وأحق بالإطراح.
الرابع : إدغام المنقول إليه فيما بعد الهمزة، وهو بمعزل عن القياس لأن الهمزة المنقولة الحركة في تقدير الثبوت فإدغام ما قبلها فيما بعدها، كادغام أحد المنفصلين وقد اعتبر أبو عمرو رحمه الله في الإدغام الكبير الفصل بواجب الحذف نحو يتبع غير فلم يدغم فاعتبار غير واجب الحذف أولى، ولأجل الاعتداد بالمحذوف تخفيفاً جاز أن يقول في إغدودن من وأل وول بتقدير واوين، وأصله وأوأل ثم نقلت حركة الهمزتين إلى الواوين واغتفر تقديرهما دون قلب أولاهما همزة لانفصالهما بالهمزة تقديراً وهذا مثل ما ندر في لكن أنا إذ قيل فيه لكنا إلا أنّ هذا ليس ملتزما، ثم زعم أن أصل اللّه إله يقول الألف واللام عوض من الهمزة، ولو كان
كذلك لم يحذفا في لاه أبوك أي دلّه أبوك إذ لا يحذف عوض ومعوض في حالة واحدة، وقالوا لهي أيضاً فحذفوا لام الجرّ والألف واللام وقدّموا الهاء وسكنوها فصارت الألف ياء، وعلم بذلك أنّ الألف كانت منقلبة لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فلما وليت ساكنا عادت إلى أصلها، وفتحتها فتحة بناء، وسبب البناء تضمين معنى التعريف، هذا قول أبي علي وهو عندي ضعيف لأنّ الألف واللام في الله زائدة مع التسمية مستغنى عن معناها بالعلمية، واذا حذفت لم يبق لها معنى يتضمن، والذي أراه أنّ لهي مبنى لتضمن معنى حرف التعجب وإن لم يكن له حرف موضوع كما قالوه في اسم الإشارة يعني أنه من المعاني التي حقها أن يوضع لها حرف إذ لا ئقع لهي في غير التعجب، وهو مع بنائه في موضع جرّ باللام المحذوفة واللام ومجرورها في موضع رفع خبر، وأبوك مبتدأ انتهى.
ما قاله ابن مالك ملخصا، وفي شرح ناظر الجيش أنه لا مريد عليه في الحسن والتحقيق
إلا أنّ في ردّه على أبي علي في سبب بناء لهي أبوك نظراً لأنه حكم بزيادة الألف واللام، وليس القول بزيادتها متعينا عند أبي علي فيلزمه ما ألزم به بناء مثل انتهى.
وبهذا علم أنّ كلامهم مع مخالفة القياس مبنيّ على غير أساص فأعرفه.
( أقول ) : هذا زبدة ما قالوه.
وأنا أقول إنّ الخلاف فيه مبنيّ على خلاف آخر ذكره ابن الشجري في أماليه، وهو أن جمهور البصريين ذهبوا إلى أنّ أناساً وناسا من مادّة واحدة وهي أنس لاً نس بعضهم ببعض، وناس وزنه عال وبنوا عليه ما تقدّم تبعا لسيبويه، والقول الآخر ما ارتضاه الكسائي والفرّاء، وكثير من النحاة أنهما ماذتان مختلفتان معنى ومبنى فأناس من أنس وناس من نوس بمعنى تحرّك، واستدلوا بتصغيره على نويس دون أنيس، وعليه بنى ما قاله ابن مالك ومن تبعه وهو عندي أوضح معنى وأقوى دليلاً، وجوابهم بأن ألفه لوقوعها ثانية عوملت معاملة الزائدة في التصغير تكلف لا داعي له عندي، وهو الحق الحقيق بالقبول. قوله :( واشتقاقه من أله الخ ) ما مرّ بيان لأصله الإعلاليّ، وما يترتب عليه، وهذا شروع في بيان أصله الاشتقاقي، وقد اختلفوا فيه فقيل إنه غير مشتق، وقيل مثتق، وفي المشتق منه أقوال اختار منها المصنف أنه من أله بفتح الهمزة واللام، فإن قلنا بأن المشتق مته الفعل فهو على ظاهره، والا فهو بتقدير مضاف أي من مصدر إله أو المراد أنه مأخوذ من هذه المادة ومصدره إلاهة بزنة عبارة، وألوهة بالضم كنبوّة، وألوهية بالضم والياء المشددة كعبودية وتأله واستأله بمعنى تعبد وانقطع إلى الله، وضمير اشتقاقه المضاف إليه راجع لأصل الجلالة، وعبد بفتحتين كما قيد في نسخ الجوهري او هو مجهول، كما قيل لأن الظاهر من كلامهم أنه متعد لالازم يعين أنّ إلها فعال بمعنى مألوه اي معبود فهو صفة مشبهة ككتاب بمعنى مكتوب، وامام بمعنى مؤتم به، وهذا منقول عن
المصنف هنا، وفعال قد يكون اسم ا-لة سماعاً كركاب لما يركب به وهو كثير وخالف المصنف رحمه الله الزمخشري فيما اختاره من أنّ الفعل وبقية المادّة هنا مشتقة من ازله اسم العين كاستجمر واستنوق وتجوهر لأنه على خلاف القياس لا سيما في الثلاثيّ، كأبل إذا أحسن رعي الإبل والقيام عليها، والمعروف كون معنى المشتق منه مراعى في المشتق، وهذا بالعكس إلى غير ذلك مما فصل في شرّاح الكشاف وذهب الإمام المرزوقي وصاحب المدارك إلى أنّ الإله مصدر كالإلاهة، وهو خلاف المشهور، ولا وجه لما قيل عليه من أنه لم يوجد في اللغة مع أنّ المرزوقي أمام أهلها فكفى به مقتدى. قوله :( وقيل من إله إذا تحير الخ ) أله يأله في هذا وفيما بعده


الصفحة التالية
Icon