ج١ص٥٤
كفرح يفرح، وضعفه إمّ لأنّ الأصل في الإشتقاق أن يكون لمعنى قائم بالمشتق، والحيرة قائمة هنا بالخلق لتحيرهم في ذاته وصفاته أو لكون أله بهذا المعنى واوي عند أهل اللغة كالجوهريّ وغيره، فعدّه أصلاَ آخر لا وجه له لأنّ همزته مبدلة من الواو، وإن ذهب بعض أهل اللغة إلى أنها أصلية، وعليه صاحب القاموس حيث ذكره بهذا المعنى في المادّتين، والقول بأنه اشتقاق كبير بعيد إذا النزاع في الصغير فإن سلم إبدالها من الواو اتحد الوجهان، ومن حاول إثبات التغاير بينهما زاد في الشطرنج بعلة، وقوله :( في معرفته ) أي في معرفة الله، والظاهر في معرفة الأله لأن الكلام في اشتقاق أصل الجلالة، إذ لا وجه لكون الأصل مشتقاً من غير ما اشتق منه الفرع، ولا لكونهما من أصل واحد كما قيل، فتحير العقول في مطلق المعبود لاتخاذ اكهة شتى وزعم كل أنه على الحق، أو المراد التحير في معرفته تعالى والكفرة، وإن أثبتوا شركاء معترفون بأنه إله الآلهة وأعظمها. قوله :( أو من ألهت إلى فلان أي سكنت إليه ) سكن إليه بمعنى استأنس من السكون، وعدم الإضطراب، أو هو مجاز من السكنى، ومته السكن بفتحتين، فإنه ما يؤلف من نحو الصديق والأهل والحبيب والمنزل قال :
". سا بارقا أذكرالحشى سكنه منزلنا بالعقيق من سكنه
ويقال ألهنا بمكان كذا أي أقمنا قال :
ألهنا بدار ما تبيد رسومها كأنّ بقاياها وشام على يد
وقيل : إنه ذكر في اللباب بعد ذكر السكون الثبات، واستشهد له بهذا البيت، فاللائق للمصنف ذكر الثبات أيضاً بعد السكون ليكون الإطمثنان مرتبطاً بالأول والسكون وبالثاني، ولا وجه له رواية ودراية والهنا في البيت بمعنى سكنا فهو لغو من القول. قوله :( لأن القلوب تطمئن بذكوه والأرواح تسكن لمعرفتة ) يقال اطمأن يطمئن اطمئنانا وطمأنينة بمعنى سكن، وهو مطمئن إلى كذا وذاك مطمأنّ إليه، فهو حقيقة في المكان واطمئنان القلب، والنفس مجاز كما في الأساس، ومنه النغس المطمئنة إلا أنة شاع حتى صار حقيقة في استقرارها بزوال القلق
والاضطراب، وهو لا يتاتى تعالى الله، فلذا قدم المتعلق للحصر في قوله :﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [ الرعد : ٢٨ ] أي لا بغيره فإن الطمأنينة لما عداه غرور والثقة به مجز واستهداف للبلاء، وطمانينة القلب والنفس بمعرفة اللّه والتسليم له منقادة بزمام الطاعة وحينئذ تصل الروح بنور المعرفة إلى مستقرّها في مقعد صدق، فإن قلت كيف يتأتى هذا الوجه فى الآلهة الباطلة وصرفه إلى إطلاق الإله عليه تعالى غير مناسب للسياق والسباق قلت : قد قيل فى دفعه إنه لا يبعد أن يكون ملحوظ واضع اللغة في وضع الإله للمعبود اطمئنان القلوب بذكر المعبود الحق لما مرّ من الحصر، ثم استعمل في الآلهة الباطلة بعد عبادتها على زعمهم أو لاعتراف الكل به كما قيل، ومن العجب ما قيل إنّ الأحسن أن يقال كل شيء يطمئن تحت فغائه، ولا يستطيع أن يضطرب في دفع امضائه، وقيل : إنّ هذا بالنسبة إلى المعبود بحق لعد ما سواه كالعدم وفيه نظر لا يخفى. قوله :( أو من أله إذا فزع الخ ) في الأساس فزعت إليه فأفزعني أي أزال فزعي، وفزع عن قلوبهم كشف، وقال الراغب : الفزع انقباض، ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الفزع، ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه، وفزع إليه استغاث به عند الفزع وفزع له أغاثه انتهى.
ففزع إليه بمعنى لجأ واله فعال بمعنى مفعول أي مفزوع إليه، وأفزعه وفزعه يكونان للسلب وآلهة بالمد مزيد أله وأصله " لهه بمهمزتين أبدلت الثانية ألفاً علي القياس قيل وفي ذكره آلهه المزيد إشارة إلى صحة اشتقاق الإله منه، فيكون فعالاً من الأفعال بمعنى الفاعل، وكلاهما منظور فيه وليس بشيء إذ الظاهر أنه لم يقصد ما ذكره، وإنما أشار إلى كثرة مجيء مادّته ني معنى الفزع، وما يتبعه كالسلب وقيل إنه يعني أنه مأخوذ منه أخذ الوجه من المواجهة باعتبار اللزوم، وحاصله تحقق العلاقة بين الإله وإله ولازمه أيضا ولا يخفى ما فيه، وانما قال حقيقة أو بزعمه ليشمل الإله الحق والباطل، لأنّ الزعم بتثليث أوّله، وان كان بمعنى الظن غلب امتعماله في الباطل، ولم يصرّح به فيما قبله إمّا لظهور أنه جار ذلك فيه بطريق


الصفحة التالية
Icon