ج١ص٥٥
المقايسة، أو لأنّ ذاك واقع بخلاف الإغاثة، فإنها غير واقعة، وفيه نظر لما مرّ قيل : ويمكن أن يكون كلاهما ناظرا للحق بناء على ارجاع ضمير اشتقاقه لله، فإنه تعالى لا يجبر كل أحد لكن كل أحد يزعم ؤلك، ثم إن إيراد المصنف لهذا في مقابلة وله الواوي مشعر بأنّ الهمزة فيه أصلية كما في القاموس، وهو مخالف لما في التيسير من تفسيره، وله بفزع إلا أن يثبت الترادف. وقوله :( إذ العائذ ) تعليل وتوجيه لاشتقاقه وهو من العوذ بالعين المهملة والذالط المعجمة بمعنى الالتجاء، وإنما ذكره توضحيا وتحقيقاً له إذ من شأن من يفزع من أمر أن يلتجىء لمن يخلصه منه وهو كبيره، فما قيل من أنه لا دخل لوصف العياذة هنا، وإنّ قوله يفزع إليه ناظر إلى المعنى الأوّل، وهو يجرّه إلى الثاني من ضيق العطن فتدبر. قوله :( أو من إله الفصيل الخ ( الفصيل هو
رضيع الإبل، وأولع وولع بمعنى لازم محبتها وألح في اتباعها وأله بمعناه إذا أسند إلى الفصيل والعباد الظاهر أنه بكسر العين وفتح الباء المخففة جمع عبد، وجوّ ز بعضهم ضم عينه وتشديد بائه على أنه جمع عابد، ومولعون جمع مولع بضم الميم وفتح اللام قال في الصحاح : أولع به فهو مولع به بفتح اللام أي مغرى به، فلا يفارق جنابه والتضرّع التذلل والخضوع والشدائد جمع شديدة، وهي المصيبة وكل ما يصعب ويشتد، وأولع في بعض النسخ بالهمزة من المزيد ووقع في بعض الحواشي ولع بدونها قال : وكان المناسب أن يقول إذ العباد والعون لكنه لم يستعمل والع بل مولع والباء صلة مولع ولا حاجة إلى ما قيل من أنها سببية لمن له أدنى تأمّل وضمير إليه إن رجع إلى الإله مطلقاً كان شاملاً للفريقين، ولا مانع منه وان رجع إلى الله كما هو المتبادر فقدم ذكره لما مرّ من كونه حقيقة أو على زعمهم، وعلى الوجه الأوّل فيه إشارة إلى هذا التخصيص لأنهم كانوا إذ أنزل بهم ما يدهشهم لا يلجؤن إلا إلى الله كما قال تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ ﴾ [ الأنعام : ٤٠ ] وقيل : فيه اكتفاء عن عبدة غير الله تعالى للعلم بحالهم، ولا يخفى بعده. قوله :( أو من وله إذا تحير إلخ ا لم يذكر وجهه لعلمه مما مرّ وفيه تصريح بأنّ أله ووله لغتان لا أنّ أصل أله وله كما ذكره الجوهريّ رحمه الله، ولا أنّ بينهما فرقا لأن هذا التحير من تخبط العقل أي اختلاله، وذاك لكماله حيث دهش في عظمته لأنه خلاف الظاهر، وان ارتضاه بعض المتأخرين، والتخبط تفعل من الخبط، وهو الضرب بالأرض ونحوه أريد به فساد العقل من الخباطة بالضم، وهي شيء كالجنون قال تعالى :﴿ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ] وسيأني تحقيقه. قوله :( وكأنّ أصله ولاه ا لأن إبدال الواو المكسورة في أوّل الكلم همرة مطرد في لغة هذيل، كما في التسهيل، ولم يجزم به لعدم سماع ولاه إن كانت العبارة كأنّ بفتح الكاف والهمزة وتشديد النون، ويجوز أن يكون مخففاً بالألف ماضي كان الناقصة وما قيل من أنه لا يصح لأنه يجب حينثذ نصب ولاه ورسمه بألف وليس كذلك هو في النسخ ليس بشيء لأنه يجوز حكاية لفظه كما في بعض الحواشي فيمنع صرفه، وقوله وقيل إله عطف على قوله فقلبت وتقديره فقلبت ثم حذفت إن كان الضمير لله كما مرّ. قوله :( ويردّه الجمع الخ ( يعني لو كان أصله ذلك سمع فيه أولهة كأوعية لأنّ الجمع يردّ الأشياء إلى أصولها، ويبعد قلب الواو ألفا إذا لم تتحرّك لمخالفته القياس، فلا وجه للتوجيه به كما قيل وما قيل من أنه لتوهم كون الهمزة أصلاَ لعدم استعمال ولاه، وشيوع إله لا يدفعه، بل يحققه لأنه خلاف الظاهر. قوله :( وقيل أصله لاه الخ ( هذا معطوف على قوله واللّه أصله إله الخ والضمير راجع إلى الله لا إلى الإله، وان جاز لأنه إذا كان هذا أصل إله لزم كونه أصل الجلالة أيضا، لأن
أصل الأصل أصل ولاه مصدر، وفي بعض كتب اللغة لا يليه ليها إذا احتجب ولاه يلوه إذا ارتفع والمصنف رحمه الله جعلهما أي الارتفاع، والاحتجاب معنيين من مادّة واحدة، وبينهما على طريق اللف والنشر وهو ظاهر، وليس المراد أنه مستعمل فيهما معا بناء على مذهبه في المشترك بل صحة النقل من كل منهما، وهذا المذهب منقول عن سيبويه رحمه الله بناء على ما حقق في كتب اللغة، وقال ابن خروف : إنه منقول من لفظ متوهم كباب، وهو مقلوب من وله لأن باب لوه وليه ليس في كلام العرب كما قاله السيوطي، وقيل : لاه يليه بمعنى ارتفع ليس بلغة. قوله :( لآنه تعالى محجوب الخ ) هو بيان للأوّل قال :


الصفحة التالية
Icon