ج١ص٥٨
مفيداً بنفسه ثبوت ذلك الفرد الواجب وعدم كون لا إله إلاً الرحمن كذلك سر أن الشارع جعل لا إله إلا الله توحيدا دون لا إله إلا الرحمن وأورد أيضا أنه لا يثبت عدم الاشتقاق، والأصل لجواز الاشتقاق من مثتق منه عرضيّ اعتبر مرجحاً للتسمية، ويكون له أصل كما في الكشاف إلا أنه لما غيره الواضع جعله علماً فالأدلة الثلاثة لا تفيد المدعى إن جعلناه خاصا على ما مرّ ولا يخفى أنه لو كان مشتقا لكان كلياً بحسب الأصل وجزئيته الآن ثابتة، فالظاهر أنه كان قبل ذلك كذلك، فيتمّ الدليل على ضعفه عند المصنف رحمه الله، وقد مرّ ما فيه وسيأتي تنويره، وقيل : الحق أنّ إيجاب إحضاره سبحانه على الوجه المذكور تكليف بما لا يطاق فالمطلوب إنما هو إحضاره على وجه كلي منحصر في فرد، وعدم حصول التوحيد بالرحمن لإطلاقه مضافا على غيره كرحمن اليمامة، فإن قلت : إن قدر الخبر هنا موجود لم يفد نفي إمكان آخر وأن قدر ممكن لم يلزم منه وجود المستثنى بل إمكانه، قلت أجابوا عنه بأنه يقدر موجود ولا يلزم أن يفهم من هذه الكلمة نفي الإمكان لإله آخر فإنه للردّ على المشركين في إثبات الشركاء، قيل : ويمكن أن يستنبط منها نفي إمكان إله آخر على تقدير موجود أيضا لأنّ المراد بالإله المعبود بحق والكلمة إذا دلت على نفي معبود بالحق غيره تعالى دلت غلى نفي إمكانه، إذ لو كان معبود بحق غيره تعالى ممكنا كان موجودا، إذ من استحق أن يكون معبود يجب اتصافه بصفات الكمال، فلم يكن له نقص وكيف يستحق الناقعى العبادة مع وجود الكامل من جميع الوجوه فيكون واجباً موجودا، وهذا ظاهر لمن له حدس صائب، ومن هذا يعلم أنه لو قيل بتقدير الخبر ممكن، فالمطلوب حاصل أيضاً لأنه لما كان المستثنى معبودا بحق وجب أن يكون موجوداً لما مرّ وقيل عليه أنه تكلف والحصول لا يلزم الخصم، وفيه نظر، ولو قدر الخبر إله اندفع ذلك، ويكون المعنى لا إله إله إلا الله أي ليس ما يعتقد أنه معبود معبود بالحق إلا الذات الفرد الصمد.
ونقل عن الشريف أنه قال : إنه تحقق بديع وصنف فيه مقالة مستقلة، ولم نره لغيره ومنع احتياج لا إلى الخبر بناء على ما نقل عن ابن الحاجب من أن بني تميم لا يثبتون خبرها مما لا يعوّل عليه، وقد قال الأندلسي : لا أدري من أين نقله والحق أنّ بني تميم يحذفونه وجوبا، إذا
وقع في جواب سؤال، وقامت عليه قرينة، وإلا فلا يحذفونه مع أنه يدل على حذفه لا على عدم تقديره، فإن قلت هذه كلمة لا تصدق إلا إذا أريد بالإله المنفيّ المعبود بحق وهو أعم قلت هو مخصوص بقرينة عقلية قائمة عليه وهي أنّ المعبود بغير حق موجود متعدد، وهو لشهرته لا يخفي على أحد، فلا يصح نفيه من عاقل. قوله :) والأظهر أنه وصف الخ ) في نسخة والحق بدله، ثم إنه قيل : إنه مذهب ثالث وقيل : بل هو المذهب الأوّل، وهو أنّ ألله مثتق إلا أنه مختص بالمعبود بحق، فأشار إلى تأييده، وبطلان الثاني، وربط بتحرير المدعي ما يردّ به الوجوه السالفة، ثم أنه قدص سرّه حقق في هذا المقام أنّ الاسم قد يوضمع لذات مبهمة باعتباره معنى يقوم به، فيكون مدلوله مركبا من ذات مبهمة لم يلاحظ معه خصوصية أصلاً، ومن صفة معينة، فيصح إطلاقه على كل متصل بتلك الصفة، ومثل ذلك الاسم يسمى صفة، وذلك المعنى المعتبر فيه يسمى مصححا للإطلاق كالمعبود مثلاً، وقد يوضحع لذات معينة بلا ملاحظة قيام معنى بها، فيكون إسما لأ يشتبه قطعا بالصفة كالفرس، وقد يوضع لها ويلاحظ في الوضع معنى له نوع تعلق بها، وهو على قسمين :
الآوّل : ما يكون ذلك المعنى خارجا عن الموضوع له، وسببا باعثا على تعيين الاسم بإزائه، كأحمر إذا جعل علماً لمولود فيه حمرة، وكالدابة إذا جعلت اسما لذوات الأربع في أنفسها، وجعل الدبيب سببا لوضع هذا الاسم بازائها لآجزأ من مفهوم اللفظ.
الثاني : أن يكون ذلك المعنى داخلاً في الموضوع له، فيتركب مفهومه من ذات معينة،
ومعنى مخصوص كأسماء الآلة والزمان والمكان، وكالدابة إذا جعلت اسما لذوات الأربع مع دبيبها.
وهذان القسمان أيضا من الأسماء لكن ربما يشتبهان بالصفات، والقسم الأخير أشد التباساً بها، لأنّ المعنى المعتبر في الوضع داخل في كل منهما، ومعيار الفرق أنهما يوصفان بشيء، ولا يوصف بهما شيء على عكس الصفات، ولما وجد لي الاستعمال إله واحد ولم يوجد شيء إله مع كثرة دورانه على الألسنة علم أنه من الأسماء دون الصفات وهكذا حكم كتاب وإمام، وسائر ما اعتبر فيه المعاني مع خصوصية الذوات انتهى.
وهو برمّته مأخوذ من


الصفحة التالية
Icon