ج١ص٦٠
قوله :( لأنّ ذاته من حيث هو الخ ( ظاهره عدم صحة العلمية فيه بطريق الوضع القصدي وفي شرح المواقف من ذهب إلى جواز تعقل ذاته تعالى جوّز أن يكون له اسم بإزاء حقيقته المخصوصة، ومن ذهب إلى امتناع تعقل ذاته تعالى لم يجوّزه، لأنّ وضع الاسم لمعنى فرع تعقله ووسيلة إلى تفهمه فإذا لم يمكن أن يعقل ويفهم لم يتصوّر وضع اسم بإزائه، وفيه بحث لأن الخلاف في تعقل كنه ذاته ووضع الاسم بإزائه لا يتوقف عليه، إذ يجوز تعقل ذات بوجه من وجوهها، ويوضع الاسم لخصوصها، ويقصد تفهيمها باعتبار ما لا يكنهها، ويكون ذلك مصححا للوضع وخارجا عن مفهوم الاسم على ما عرف أنّ لفظ الله اسم علم موضوع لذاته من غير اعتبار فيه انتهى.
قال شيخ مشايخنا السيد عيسى قدس يى س ه : إعلم أنهم عرفوا العلم بما وضع لشخص
بعينه، والمتبادر منه أن يكون التشخص ملاحظا للواضع، وأورد يهليه صدر الأفاضل أنه يلزم أن لا يمكن تسمية ما لا نعرت بعينه كالولد والمملوك الغائبين، وأن لا نعلم معاني الأسماء الموضوعة لما لا نعرفه كالله والملائكة والأنبياء، وعليه يترتب أنه لا يمكن لغير الله وضع لفظ له، والجواب أنه ليس المراد الشخص، والتشخص بعينه، وملاحظته حين الوضع بل يجوز الوضع له، وان كنا نلاحظه بوجه مساوله في الواقع، ومن المعلرم أنّ الوضمع لشيء لا يستلزم معرفة الموضوع له بالكنه، ولا بوجه مشخص بل مساو كما تقرّر في المبهما. ت، فاندفع الأوّل والمعلوم في الأشخاص المذكورين هو بوجوه مساوية ولا خلف في الجهل بالشخص، والكنه إلا أنه يبقى على الأوّل أنه ذكر في الرسالة الوضعية عند تقسيم الموضعات إلى الإعلام وغيرها أنّ اللفظ الذي مدلوله مشخص إن كان وضعه شخصيا فهو علم وان كان كليا فغيره من المبهمات ونحوها، وعرف الوضع الشخصيّ بأن يكون الموضوع له ملاحظا بخصوصه مقصوداً
بعينه، والوضع الكليّ بأن يكون الموضوع له متصوّراً بوجه كليّ، فوضع لكل من الجزئيات ووافقه غيره، والحق أنه كلام مموّه ومؤوّل وليس العلم منحصراً فيما ذكر لما مرّ من كلام شرح المواقف، وقد صرّحوا في تفسير العلم بما وضع لشيء مع جميع مشخصاته بأنّ المراد أن تكون ملاحظتها بوجه مختص وضعه لفرد المخصوص بل في كثير من المواضع اضطرّوا لذلك، كما في أعلام الكتب والعلوم إن لم نقل بانها أعلام جنسية بل جميع المشخصات قلما تكون ملاحظة بالذات كما في الإنسان المتولد المتغيرة تشخصاته من الولادة إلى الموت فالتشخص المستمر الباقي من الأوّل إلى الآخر قلما يعرفه أحد إلا بوجه مجمل صادق عليه، فعند التحقيق يجب القول بذلك، وحيث تحقق هذا لم يبق في المقام إشكال بعون الملك المتعال، فظهر أنّ ما توهمه الفاضل المرشدي في هذا المقام من أنّ الوضع في العلم الشخصي شخصيّ إن أراد بالتشخص الجزئي الحقيقي بحسب المفهوم، فهو توهم ناشىء من ظاهر عبارة الرسالة وغيرها، والتحقيق خلافه، وإن أراد أنه أمر مخصوص مشخص في نفس الأمر، فله وجه لكن لا يضرنا، ثم إن أردت تحقيق هذا المقام، فلا بد من النظر في أنه هل يجب في العلم أن يكون الملاحظ أمرا خاصا بشخص في نفس الأمر فيوضع لذلك الشخص، وفي المبهمات أمرا كلياً في نفس الأمر يوضع لكل فرد، فيكون ذلك مدار الفرق، وهو الأظهر أو لا يلزم ذلك بل يمكن ملاحظة الكليّ، والوضع العلمي لكل واحد من أفراده على ما قيل في أسماء الكتب والعلوم ونحوها محل نظر، وحنيئذ إثبات الفرق بين المبهمات والأعلام على تحقيق السيد مشكل فلا بدّ من نظر دقيق، وبعد فالمقام لا يخلو من كلام، والغلبة التي ذهب إليها المصنف رحمه اللّه أسلم الطرق، ومما مرّ عن شرح المواقف علم جواب ما أورده وأمّا إن العرب وضعت لكل شيء اسماً تجري عليه صفاته، فقد قيل إنه فيما تعرف حقيقته، وأمّا ما ليس كذلك فعدم الوقوف عليه سبب لعدم الوضع له، وتقرير الدليل بأنّ ذاته من حيث هو بلا ملاخظة صفة غير معقول للبشر، والعلم ما وضع للذات من غير صفة، فلو كان علما كان دالاً على الذات، والذات لا يكون مدلولاً عليه بلفظ، فلا يكون علما له : قيل : وهو مبني على مقدمات ضعيفة، أمّ الأولى فلا نسلم أنّ ذاته من غير صفة غير معقول للبشر بل مذهب أهل السنة جواز معرفة الله بالكنة لغير الله، وان سلم فلم لا يجوز أن يكون الواضع هو، وهو يعلم كنهه، وان كان الواضمع غيره وقلنا هو على التفصيل غير واقع، فلم لا يجوز


الصفحة التالية
Icon