ج١ص٦٣
قوله :( ألا لأبارك الله في سهيل الخ ا لم أقف على تانله، وهو دعاء على رجل اسمه سهيل
بعدم البركة والله مرفوع فاعل بارك وما زائدة، وروى إذا ما بارك الله في الرجال، فالتمثيل به في موضعين. قوله :( والوحمن الرحيم اسمان بنيا الخ ) أي لأجل المبالغة والذي ذكره النحاة ير باب اسم الفاعل أنّ منه صيغا بنيت للمبالغة، ونقلت من فاعل إلى فعال كضراب، وفعول كشروب، ومفعال كمنحار، وفعيل كسميع، وفعل كعمل، وهي تعمل عمل اسم الفاعل رفعاً ونصباً.
كقوله :
ضروب بنصل السيف سوق سمانها
ومنع الكوفيون عملها مطلقاً لأنها لا تجاري الفعل وزنا، ولزيادة المبالغة فيها لا تساويه
معنى فقدروا للمنصوب بعدها عاملاً، وسيبويه جوّز أعمال الخمسة وخالفه كثر البصريين في أعمال فعيل وفعل دون غيرهما إلا أنهم لم يذكروا موازن رحمن فيها ولم يشترط أحد من النحاة لزوم فعلها وانما اشترطوه في الصفة المشبهة لأنها لا بذ لها من ملاقاة فعل لازم ومن ثبوت معناها، ولذا قال في شرح التسهيل : إنّ ربا وملكا ورحمن ليست منها التعدّي أفعالها، ولم يقل أحد بنقل فعل ما تعدى منها الفعل المضموم العين، والمسطرفي المتون المعوّل عليها أنّ فعل بفتح العين وكسرها إذا قصد به التعجب يحوّل إلى فعل المضمون كقصو الرجل بمعنى ما أقصاه، وحيحئذ فيه اختلاف هل يعطي حكم نعم أو فعل التعجب كما فصلوه ثمة والحاقهم له بنعم كالصريح في عدم تصرّفه، وأنه لا يؤخذ منه صفة أصلأ، فما نقلوه عن الفائق في فقير ورفيع مع أني راجعتة، فلم أجده فيه وان كانت الثقة بناتله تأبى سوء الظن به مخالف لما صرّح به الزمخشريّ في غيره، كالمفصل بل لا صحة له لأنّ قولهم رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما بالإضافة للمفعول دون الفاعل يقتضي عدم اللزوم وأنه ليس بصفة مشبهة، وقد يقال : إنّ تمثيل المصنف له بعليم دون مريض وسقيم فيه إيماء إلى ما ذكر إلا أنّ كلام النحاة لا يخلو عن شيء لعدم ذكر نحو رحمن في أبنية المبالغة حتى صار باعثا لاذعاء العلمية فيه لبعض أهل العربية، فقد ظهر مما مرّأن فيهما وجهين.
أحدهما : وهو الأصح أنهما من أبنية المبالغة الملحقة باسم الفاعل فهما من فعل متعد
بلا تردّد.
وثانيهما : أنهما صفة مشبهة على ما فيه.
وقول الشريف تبعاً للشارح الفاضل، فإن قيل الرحمن صفة مشئهة فكيف يشتق من رحم، وكذا القول في رب وملك حيث عدا صفة مشبهة، وأمّا الرحيم فإن جعل صيغة مبالغة كمأ نص عليه سيبويه في قولهم هو رحيم فلاناً، فلا إشكال فيه، وان جعل من الصفات المشبهة، كما يشعر به تمثيلهم بمريض وسقيم اتجه عليه السؤال أيضا وأجيب بأنّ
الفعل المتعدي قد يجعل لازما بمنزلة الغرائز فينقل إلى فعل بضم العين، ثم يشتق منه الصفة المشبهة، وهذا مطرد في باب المدح والذم كما نص عليه في تصريف المفتاح، وذكره المصنف في فقير ورفيع ومن ثمة قيل معنى رفيع الدرجات رفيع درجاته لا رافع الدرجات أنتهى كلام مموّه مختل من وجوه :
الأوّل : أنه ذكر في شرح التسهيل إنّ رباً ليس صفة مشبهة بل اسبم فاعل لأنّ أصله رابب
فقصر منه أو ربب كحذر فهو من صيغ المبالغة الملحقة باسم الفاعل.
الثاني : أنّ نقل الفعل الذي ذكروه لا وجه له رواية ودراية، كما عرفته.
الثالث : أنّ ما نقل عن تصريف المفتاح على ما بيناه لك لا يطابق مدعاه، ولا داعي لهذه التخيلات سوى ادّعاء أنه صفة مشبهة ودونه خرط القتاد.
الرابع : أن استناده لما ذكر في رفيع الدرجات لا يجدي وانما فسروه بما ذكر لأنّ
المراد درجات عزه وجبروته ليناسب المراد من. قوله :﴿ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [ غافر- الآية ١٥ ] وهي بسطة ملكه وسعة ملكوته، وتلك الدرجات ليست مرفوعة بفعل كما نبه عليه بعض الفضلاء والمبالغة في الكمّ والكيف، وفيه الدوام والثبات.
فإن قلت قد قال الدمامينيّ رحمة الله. إنّ صفاته تعالى التي على صيغ المبالغة كرحيم مجازية إذ لا مبالغة في صفاته تعالى لأنها تنسب للشيء أكثر مما له، أو تدل على الزيادة فيما يقبلها وصفات الباري منزهة عن ذلك.
قلت : هو ليس بشيء لأنّ صفات الأفعال قابلة للزيادة، وكذا صفات الذات باعتبار متعلقاتها وان لم تقبله في ذاتها كما صرحوا به. قوله :﴿ مَن رَّحِمَ ﴾ بكسر الحاء لا بضمها لنقله لفعل المضموأ العين كما توهم لما مرّ. وقوله :﴿ غَضْبَانَ ﴾ قيل في هذه التشبيه سوء أدب، والأولى التشبيه بالمنان من المن وليس بشيء لأنه مثله في اشتقاق فعلان


الصفحة التالية
Icon