ج١ص٦٨
من أنها مبنية على كون الرحيم وصفاً محضا لا غالباً وهو إذا عرف باللام من الأوصاف الغالبة أيضاً ليس بشيء لأن القائل بذلك لا ينكر إطلاقه على غير الله فكيف يدّعي الغلبة فيه، وذهب الأعلم وتبعه ابن هشام وغيره إلى أنه علم
وأنه بدل لا نعت، واستدل باختصاصه به ومجيثه غير تابع نحو الرحمن على العرس استوى، ولا يخفى ما فيه وأنّ استفاضة إضافته نحو رحمن الدنيا تنافيه، وفي شرح الكتاب لابن خروف أنّ الرحمن صفة غالبة ولم يقع تابعاً إلا لله في بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، ولذا حكم. عليه بغلبة الإسمية وقل استعماله منكر أو مضافاً فوجب كونه بدلاً لا صفة لكون لفظ الله أعرف المعارف انتهى.
وقد نبهنا عليه في السوانح. قوله :( لا يوصف به غيره ا لاختصاصه به معرفاً ومنكراً حتى
صار علما أو كالعلم وأمّا قول الشاعر في مسيلمة لعنه الله :
سموت بالمجد يا ابن اكرمين أبا وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا
فقد قالوا : إنّ إطلاقه عليه غير صحيحي لغة وشرعا، وهذا من غلوّهم في الكفر إذ سموا المخلوق باسم الخالق كما سموا الحجارة آلهة، وفيه أنه إذا كان إطلاقه على الله مجازا أو بالغلبة فكيف يقال إنّ استعماله في حقيقته وأصل معناه خطأ لغة، وقد ذهب السبكيّ رحمه الله إلى أنّ المخصوص به تعالى هو المعرّف بأل دون المنكر والمضاف لو روده لغيره في اللغة، ورذ به على القول بأنه مجاز لا حقيقة له، وإن صحة المجاز إنما تقتضي الوضع للحقيقة لا الاستعمال، نعم هو في لسان الشرع يمتنع إطلاقه على غيره مطلقا، وان جاز لغة كالصلاة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلا ا وهو كلام سديد وبه صرّح ابن عبد السلام وقال إنه صحيح مطلقا لغة وأنما منع شرعا. قوله :( لأنّ معناه المنعم الحقيقئ الخ ) قيل الحقيقيّ هو الذي لا يستند إنعامه إلى غيره فهو الحقيق باسم المنعم بخلاف العبد فإنه كالواسطة، فالنسبة في قوله الحقيقي إلى الحقيق بمعنى الحرى للمبالغة كأحمري ودواري، أو هو من حق بمعنى ثبت أي من ثبتت فيه صفة الإنعام غير متجاوزة لغيره، كالعبد الذي يستند إنعامه إلى غيره وهو الله فليس ثابتاً متقرّرا فيه، والذي دعاه لما ذكر ما سيأني ولذا لم نجعله منسوبا للحقيقة المقابلة للمجاز مع أنه المعروف المتبادر إذ هو المنعم بلا عوض، ولاءس ض وهو الغني المطلق الخالق للنعمة والمنعم عليه فلما أريد به المبالغة إلى النهاية دل على إرأدة أعظم أفراده، فقوله البالغ في الرحمة غايتها يحتمل أن يكون تفسيرا لما قبله وأن يكون معنى آخر ودلالته على ذلك بقرينة الاختصاص وتبا إر الفرد ا!مل من صيغ المبالغة فلا يرد عليه أنّ معناه اللغوي المبالغ في الرحمة، وأمّا وصوله إلى الغاية القصوى فليس مقتضى وضمع اللغة إلا أن يقال إنه معنى عرفي ولا أنه صفة مى ششقة فلا فرق بينها وبين غيرها إلا بالمبالغة، فلا يدل على كونه منعما حقيقياً مع أنّ اعتباره ينافي الوصفية، إذ هي تستلزم الدلالة على ذات مبهمة وهذا موجب لتعينها، وأيضا أنه يفهم مته أن لفظ المنعم لا يطلق على غيره إلا مجازاً وهو غير ظاهر لاقتضائه أنّ نسبة سائر الأفعال إلى العباد مجازية ولا يخفى أنه غير وارد إذا فسر الحقيقي بما مرّ وهو الداعي إلى تفسير. به، وقوله إنه لا يفيده مكابرة مع أنه لفا اختص به تعالى، وألحق بالإعلام خرج عن
نظائره، وألحق بالأسماء واختصاصه به لإرادة أكمل أفراده فلا يلزم اختصاص المنعم أيضا كما توهمه فتدبر. قوله :( وذلك لا يصدق على غيره ( أي ذلك المعنى المذكور وان كان بحسب الوضع مفهوما كلياً، فهو منحصر في فرد كالشمس، والصدق ضد الكذب تجوّز به أو نقل للدلالة على بعض أفراد معناه كما هو معروف في كلامهم أي لا يطلق عليه وقوله مستعيض بالعين المهملة أي طالب للعوض! لا بالفاء، وان صح هنا بتكلف وهو تعليل لكون المنعم الحقيقي لا يصدق على غيره أو لكون المنعم الحقيقي هو البالغ نهاية ذلك لأنّ الإنعام والجود إفادة ما ينبغي سمن ينبغي لا لعوض كما في الإشارات حتى قالوا من جاد لعوض، فهو فقير كما في الهياكل وفيه تأمّل. قوله :( يريد ) تفسير لكونه مستعيضا ولما لم يكن المراد به العوض المالي، لأن طالبه تاجر لا واهب بل المنافع المعنوية بينه بما ذكر. وقوله :( جزيل ثواب الخ ) من إضافة الصفة للموصوف أي الثواب الجزيل، والثناء الجميل


الصفحة التالية
Icon