ج٣ص١٣٩
الاعتكاف بصوم رمضان، ولو قال وأنا صائم أجزأه فافهمه فإنه فرق دقيق وانظر وجه التفرقة بين الحالين هنا والنكتة فيه ووجهه، أنّ الحال إذا كانت جملة دلت على المقارنة وأما اتصافه بمضمونها فقد يكون قد لا يكون نحو جاء زيد وقد طلعت الشمس، والحال المفردة صفة معنى فإذا قال دلّه عليّ أن أعتكف وأنا صائم نذر مقارنته للصوم، ولم ينذر صوما فيصح في رمضان، ولو قال صائما نذر صومه فلا يصح فيه وهذه المسألة نقلها الأسنوي في التمهيد ولم يبين وجهها، والنحرير ذكرها من غير نقل كأنها من بنات فكره ولم نر لأئمتنا فيها كلاما فأعرفه فإنه مما يعض عليه بالنواجذ. قوله :( والجنب الذي أصابه الجنابة الخ ) بيان اسنواء المفرد المذكر وغيره فيه لتوجيه عطفه على الجمع وهي اللغة الفصيحة فيه، وفيه لغة أخر! تجمعه، وتثنيه واجراؤه مجرى المصدر معاملته معاملته في شموله للواحد وغيره لأنّ من المصادر ما جاء على وزنه كالنكر والنذر لا أنه مصدر في الأصل بمعنى الجنابة وأصله من التجنب بمعنى البعد. قوله :( متعلق بقوله ولا تجنباً الخ ( أي هو استثناء منه لا منه ومما قبله، وكونه استثناء من أعم الأحوال أي أحوال المخاطبين المجنبين ولهم أحوال جمة ما عدا حال السفر فنهوا عن قربان الصلاة إلا في حال السفر يعني :﴿ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ﴾ أي وأنتم جنب على تقدير من التقادير وفي حال من الأحوال إلا في حال السفر قال الزمخشريّ : إلا عابري سبيل استثناء من عامّة أحوال المخاطبين،
وانتصابه على الحال فإن قلت كيف جمع بين هذه الحال، والحال التي قبلها قلت كأنه قيل لا تقربوا الصلاة في حال الجنابة إلا ومعكم حال أخرى تعذرون فيها وهي حال السفر، وعبور السبيل عبارة عنه يعني لا عن المرور في المسجد كما في القول الآخر، ثم قال ويجوز أن لا يكون حالاً و!ن صفة لقوله :" جنباً " أي ولا تقربوا الصلاة جنباً غير عابري سبيل أي جنبا مقيمين غير معذورين ا هـ، وقيل في تقرير كلامه إنّ السؤال للاستفسار عن كيفية جعلهما من فعل واحد أهما على سبيل الاستقلال أو الاجتماع وعلى تقدير الاجتماع أكل منهما معتبر في الأخرى أم ذلك من جانب واحد وعلى الأخير ما ذاك وكيف هو، وحاصل الجواب أنهما على الاجتماع واعتبار الثانية في الأولى أي لا تصلوا في حال الجنابة كائنين على حال من الأحوال إلا مسافرين، والمراد نفي ما يقابل السفر، ولا صحة للاستقلالط مثل لا تصلوا جنباً ولا تصلوا إلا عابري سبيل، وقوله : ولكن صفة ربما يشعر بأنه استثناء مفرع في موقع الصفة أي ولا جنباً موصوفاً بصفة إلا مسافراً لكن قوله جنبا غير عابري سبيل أي جنباً مقيمين يدل على أنه جعل إلا بمعنى غير صفة لجنباً لكونه جمعا منكراً، كقوله :﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [ سورة الأنبياء، الآية : ٢٢ ] لكن مثل هذا إنما يصح عند تعذر الاستثناء، ولا تعدّر هنا لعموم النكرة بالنفي كما تقول ما لقيت رجالاً إلا مسافرين، والأوجه أن يجعل مفرّغا ويكون قوله جنباً غير عابري سبيل بياناً للمعنى لا تقديراً للإعراب وقد يرجح الأوّل أي أنها بمعنى غير بأنه لا يفيد الحصر فلا يرد المريض إشكالاً بخلاف الثاني فإنه يفيد حصر جوازه صلاة الجنب في وصف كونه مسافراً، وكذا جعله حالاً وجوابه منع عدم إفادة الأوّل الحصر فإنّ معناه لا تصلوا جنباً غير مسافرين، والمريض الجنب غير مسافر فيكون قوله : وان كنتم مرضى تخصيصا للحكم وتعميماً للعذر سواء أكان حالان أو صفة أو بمعنى غير، وقوله : غير معذورين صفة لمقيمين إما على سبيل التخصيص واما على سبيل البيان والقصد أنّ عابري سبيل كناية عن مطلقا ا لمعذ وربن.
( أقول ) معنى كلام العلامة أنه يجوز فيه وجهان أن يكون استثناء مفرغا من حال متداخلة
عامّة أو من صفة للنكرة مقدرة لأنه يجوز التفريغ في الصفات، ويحتمل الوجه الثاني أنه صفة والا بمعنى غير والوجه الأوّل لا يحتمل غير التفريغ لأنه لو كان مستثنى من جنبا لأنه بمعنى جنبين لقال مستثنى من ذوي الجنابة لا من عامّة الأحوال وفي كلام الشاوج المحقق إجمال مخل، وما ذكره من الشرط في التوصيف بإلا ذكره ابن الحاجب وقد خالفه فيه النحاة كما في المغني.
( وههنا أمور ينبغي التنبه لها ) وهو أنّ الحصر يقتضي أنه لا يرخص فيه لغير المسافر
وليس كذلك وأنه على تقدير تأويله فما الداعي إلى العدول عن الظاهر بأن يقال إلا عابري سبيل أو مرضى فاقدي الماء يعني حساً أو حكماً، وأنه لم لم يقدم حتى


الصفحة التالية
Icon