ج٣ص١٤٨
كالقضاة والأمراء لأنه أمر أولاً بالعدل ثم خاطب من له تنفيذ الأمر بذلك، ورجح بعضهم أنّ المراد العلماء لما قدمناه، وقوله : ما داموا على الحق إشارة إلى أنه لا تجب طاعتهم فيما خالف الشرع لقوله ﷺ :" لا طاعة لمخلوق في معصية الله " ولا في المباج أيضا لأنه لا يجوز لأحد أن يحرم ما حلله الله، ولا أن يحلل ما حرمه الله، وبعض الجهلة يظن أنّ طاعة أولي الأمر لازمة مطلقا، ولو في المباح، والناس على ما حقق الجصاص على خلافه، وفي التعبير بأولي الأمر دون الحكام إشعار وقوله :( لقوله سبحانه وتعالى لخ ) فإن العلماء بل المجتهدين هم المستنبطون المستخرجون للأحكام.
قوله :( أنتم وأولو الأمر منكم الخ ) يعني الخطاب عام للمؤمنين مطلقا، وخصص الشيء
بأمر الدين بدليل ما بعده ووجه التأييد أن للناس، والعامّة منازعة الأمراء في بعض الأمور، وليس لهم منازعة العلماء إذ المراد بهم المجتهدون والناس ممن سواهم لا ينازعونهم في أحكامهم، والمراد بالمرؤس على وزن المفعول العامة التابعة للرائس والرئيس فإذا كان الخطاب في تنازعتم لأولي الأمر على إلالتفات صح إرادة العلماء لأن للمجتهدين أن ينازع بعضهم بعضا مجادلة ومحاجة فيكون المراد أمرهم بالتمسك بما يقتضيه الدليل. قوله :) بالسؤال عنه في زمانه
الخ ( ظاهره أنه لا يجوز الاجتهاد بحضوره ﷺ، وهو مختلف فيه كما قدمناه ووجه الاستدلال والجواب ظاهر.
أمّا الآوّل : فللحصر في الكتاب والسنة.
وأما الثاني : فلأن المقيس مردود إلى الكتاب والسئة لاستناده إليه، واستنباطه منه لكن قوله : إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه المراد منه أنّ المختلف فيه غير المعلوم من النص مردود إليه ورده إليه إنما يكون بهذا الطريق فلا يرد عليه أنه لا وجه للحصر والمختلف بصيغة المفعول كالمشترك، والآية دالة على جميع الأدلة الشرعية فالمراد بإطاعة الله العمل بالكتاب وإطاعة الرسول ﷺ العمل بالسنة، والرذ إليهما القياس، وعلم من قوله فإن تنازعتم أنه عند عدم النزاع يعمل بما اتفق عليه، وهو الإجماع فلو ذكره لكان أولى. قوله :( ذلك أي الردا لو حمل على جميع ما سبق على التفريع لحسن، وقوله : عاقبة أصل معنى التأويل الرجوع إلى المآل والعاقبة ثم استعمل في بيان المعنى المراد من اللفظ الغير الظاهر مته، وكلاهما حقيقة وارد في القرآن، وأن غلب في الثاني في العرف، ولذا يقابل التفسير، والى هذين المعنيين أشار المصنف رحمه الله، وقوله أحسن تأويلاً من تأويلكم بمنزلة قولك زيد أحسن وجهأ من وجه عمرو لا أحسن من عمرو وإن كان مرجع أحسن وجها إلى أحسن وجهه. قوله :( عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما الخ ) هذا الحديث أخرجه ابن أبي حاتم من طرق، وكذا رواه غيره، وقوله
مكانكما أي اجلسا اسم فعل أو متعلق بمحذوف أي الزما، وضرب عنقه لأنه أظهر نفاقه وزندقته، وقوله : حتى برد أي مات، وهو كناية عنه للزوم انطفاء الحرارة الغريزية له وقوله : فسمي الفاروق، والذي سماه به النبيّ ﷺ كما صرّح به في الكشاف. قوله :( والطاغوت الخ ) يعني الطاغوت إما أن يجعل علما لقيا له كالفاروق فهو حقيقة، وكذا إن كان اسماً للكثير الطغيان مطلقاً فإن كان بمعنى الشيطان فهو استعارة أو حقيقة، والتجوّز في إسناد التحاكم إليه بالنسبة الإيقاعية بين الفعل ومفعوله بالواسطة، وقيل : إنه مجاز مرسل بالتسمية باسم السبب الحامل عليه، واستدل على هذا الوجه بما بعده لأنهم إنما أمروا أن يكفروا بالشيطان لا بكعب، وقوله : ويؤثر لأجله أن يختار لأجل الباطل ما يختاره. قوله :( ويريد الشيطان الخ ( عطف على الجملة الحالية وضع فيه المظهر موضع المضمر على معنى يريدون أن يتحاكموا إلى الشيطان، وهو بصدد إرادة إضلالهم وعلى الأوّلين يكون ضمير به للطاغوت باعتبار الوصف لا الذات أي أمروا أن يكفروا بمن هو كثير الطغيان أو شبيه بالشيطان، وقرئ بها وبهن لأنّ الطاغوت يكون للواحد، والجمع فإذا أريد الثاني أنث باعتبار معنى الجماعة، ولذا ورد تذكيره وتأنيثه، وقد مرّ تفصيله. قوله :) وقرئ تعالوا بضا اللام الخ ) في الكشاف، وقرأ الحسن تعالوا بضم اللام على أنه حذف اللام من تعاليت تخفيفاً كما قالوا ما باليت به بالة، وأصلها بالية كعافية وكما قال الكساني في آية أنّ أصلها آيية فاعلة فحذفت اللام فلما حذفت وقعت واو الجمع بعد اللام من تعال فضمت