ج٣ص١٥٠
ثلاثة أوصاف أن يكون صوابا في وضع لغته وطبقا للمعنى المقصود به وصدقا في نفسه فمتى اخترم وصف من ذلك كان ناقصا في البلاغة. والثاني : أن يكون بليغا باعتبار القائل، والمقول له، وهو أن يقصد القائل به أمراً ما فيورده على وجه حقيق أن يقبله المقول له، وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً يصح حمله على المعنيين، وقول من قال : قل لهم إن أظهرتم ما في أنفسكم قتلتم، ومن قال : خوّفهم بمكاره
تنزل بهم إشارة إلى بعض ما يقتضيه عموم اللفظ اص. قوله :( بسبب إذنه الخ ) يعني أنّ الإذن بالطاعة بمعنى الأمر والرضا بها مجازاً، وفسر بالتيسير، والتوفيق أيضاً، وقوله : وكأنه احتج أي ذكر دليلاً على كفر من لم يرض بحكمه وتصويب قتله واهدار دمه ولا حجة في الآية لما يقوله المعتزلة من أنه لا يريد إلا الخير وأنّ الشر ليس بإرادته لأنّ المعنى إلا ليطيعه من أذن له في الطاعة وأرادها منه وأمّا من لم يأذن له فيريد عدم إطاعته فلذا لا يطيعه، ويكون كافراً. قوله :( وإنما عدل عن الخطاب الخ ) أي لم يقل، واستغفرت تفخيما لشأن رسول الله ﷺ حيث عدل عن خطابه إلى ما هو من عظيم صفاته على طريقة حكم الأمير بكذا مكان حكمت، وتعظيم الاستغفار من جهة إسناده إلى لفظ ينبئ عن علوّ مرتبته من جهة التعلق بالرسالة، وفسر التوّاب بقابل التوب لما مرّ. قوله :( ولا مزيدة لتثيد القسم الخ ا لا تذكر قبل القسم كثيراً فقيل إنها ردّ لمقدر أي لا يكون الأمر كما زعمتم، وقيل مزيدة لتأكيد النفي في الجواب ولتأكيد القسم إن لم يكن نفي وارتضى الزمخشرقي وتبعه المصنف رحمه الله أنها لتأكيد القسم مطلقا لتكون على نمط واحد لأنها زيدت في النفي والإثبات، وقال في الانتصاف أنها لم تزد في القرآن إلا مع صريح فعل القسم، ومع القسم بغير اللّه نحو :﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [ سورة البدد، الآية : ا ] قصداً إلى تأكيد القسم وتعظيم المقسم به كأنه قيل إعظامي له كلا إعظام لاستحقاقه فوق ذلك وهذا لا يحسن في القسم بالله ولم يسمع زيادتها مع القسم بالثه إلا إذا كان الجواب منفياً فدل ذلك على أنها معه زائدة موطئة للمقسم عليه الواقع في الجواب، ومنه يعلم الفرق بين المقامين والجواب عن قول المصنف والزمخشريّ أنه لا فارق بينهما فافهم فإنه معنى بديع. قوله :( فيما اختلف بينهم واختلط الخ ) التشاجر المنازعة والمخاصمة، وأصل ماذته للاختلاط لأنهم لما بينهم تختلف أقوالهم، ويختلط بعضهم ببعضهم، وتتعارض أقوالهم، وفسر الحرج بالضيق لأنّ
أصل معناه كما قال الراغب : اجتماع أشياء، ويلزمه الضيق فاستعمل فيه ثم قيل حرج إذا قلق وضاق صدره ثم استعمل أيضاً في الشك لأنّ النفس تقلق منه، ولا تطمئن له واليه أشار المصنف رحمه الله وسيأتي في سورة الأعراف. قوله :( وينقادوا لك انقياد الخ ) تفسير التسليم بالانقياد والإذعان إشارة إلى أنه ليس أمرا وراء التصديق المعتبر في الإيمان، وهو ترك الآباء والجحود على ما هو الحق، وعلى هذا فالحق تفسير الحرج بضيق الصدر لشائبة الكراهة، والإباء بدليل أنّ بعض الكفرة كانوا يستيقنون الآيات بلا شك، لكن يجحدون ظلما وعتوّا فلا يكونون مؤمنين، وأما تفسيره بالشك فيلائم القول بأنّ الإيمان هو المعرفة، والاعتقاد هكذا قال النحرير فتأمله. قوله :( تعرّضوا بها للقتل الخ ) يعني أنّ المراد بالقتل إمّا مباشرة ما يؤدّي إليه أو حقيقته، وفي أن هذه قولان فقيل مفسرة، وقيل مصدرية، ولا يضرّه زوال الأمر بالسبك لأنه أمر تقديري، وكون الكتابة في معنى الأمر لا يضرّه تعديه بعلى حتى يقال الصواب تأويله بأوحينا لأنه لم يخرج عن معناه ولو خرج فتعديته باعتبار معناه الأصلي جائزة كما في نطقت الحال بكذا في تعديته بالباء مع أن دلّ يعذي بعلى كما تقرّر في محله، والقراءة بكسرهما على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، وضمهما لاتباع الثالث، والتفرقة لأنّ الواو وأخت الضمة، وقوله إجراء لهما أي للنون والواو مجرى همزة الوصل الساقطة في اتباع الثالث، وليس هذا مغايراً للاتباع السابق بل تنوير له، فليس علة أخرى كما توهم. قوله :) ١ لا ناس قليل الخ ) يعني أنه على قراءة الرفع لأنه غير موجب بدل من ضمير فعلوه المرفوع ودلالته على القصور لعدم بذل النفس والامتثال، والوهن بمعنى الضعف. قوله :( والضمير للمكتوب الخ )
إشارة إلى أنه راجع للمكتوب الشامل للقتل، والخروج لدلالة الفعل عليه