ج٣ص١٥٣
ما يليه، وقوله : واستحقاق أهله أي بحسب الوعد كما مرّ تحقيقه فليس مبنيا على مذهب المعتزلة. قوله :( والحذر الخ ) أي مصدر أن بمعنى، وهو الاحتراز عما يخاف، وأخذ حذره من الكناية، والتخييل بتشبيه الحذر بالسلاح وآلة الوقاية، وليس الأخذ مجازاً ليلزم الجمع بين الحقيقة، والمجاز في مثل فليأخذوا حذرهم وأسلحتهم إذ التجوّز في الإيقاع، والجمع فيه كما صرّج به في الكشف، وتبعه المحقق النحرير فإن كان الحذر كل ما يصونك معنى كالحزم أو آلة كالسلاج كما نقله الراغب فهو حقيقة. قوله :( فاخرجوا إلى الجهاد الخ ) أصل معنى النفر الفزع كالنقرة ثم استعمل فيما ذكر وثبات منصوب على الحال لأنه بمعنى متفرّقين جماعة جماعة والثبة الجماعة جمع جمع المؤنث وأعرب إعرابه على اللغة الفصيحة، وفي لغة نصبه على الفتح ولامها محذوفة معوّض عنها التاء، وهل هي واو من ثبا يثبو أي اجتمع أو من ثبيت عليه بمعنى أثنيت عليه بذكر محاسنه وجمعها قولان وثبة الحوض وسطه واوية، وجمع جمع المذكر السالم أيضا، وان لم يكن مفرده سالما ولا مذكراً لأنه اطرد فيما حذف آخره ذلك جبرا له كما يجمع جمع مذكر سالم كثبين وقلين وعدين، وان لم يكن عاقلاً، وفي ثائه حينئذ لغتان الضم والكسر، وكوكبة واحدة جماعة واحدة كما في القاموس مجاز من قولهم كوكب الشيء لمعظمه، وقوله :( والآية وإن نزلت الخ ) قيل عليه مع قوله حذركم، وتفسير النفر بالخروج للجهاد كيف تكون مطلقة فالظاهر أن يقال فيها إشارة لذلك.
قوله :( الخطاب لعسكر رسول اللّه ﷺ الخ ) العسكر معلوم من مجموع ما قبله والتبطئة
إمّا لأنفسهم بالتخلف أو لغيرهم كما فعل أبيّ، وقوله : أو ثبطوا أي عوّقوا وفي نسخة يبطؤون غيرهم كما يبطئ وجعله منقولأ من بطأ المنقول من بطؤتطويل للمسافة فإنه يصبح أن يكون تثقيلاً لبطؤ أو بطأ ابتداء فإنه مسموع أيضا، وبعد التثقيل قيل إنه لازم، وقيل : إنه متعد بالتثقيل مفعوله محذوف لعدم الفائدة في ذكره واللام الأولى لام التأكيد التي تدخل على خبر إن أو اسمها إذا تأخر والثانية جواب قسم، وقيل زائدة وجملة القسم، وجوابه صلة الموصول وهما كشيء واحد فلا يرد أنه لا رابطة في جملة القسم كما لا يرد أنها إنشائية فلا تقع صلة، ولا صفة لأن المقصود الجواب، وهو خبرفي فيه عائد، وجوّزوا في من أن تكون موصوفة فصح استدلال بعض النحاة بهذه الآية على أنه يجوز وصل الموصول كما يصح الوصف بجملة القسم، وجوابه إذا عريت جملة القسم من عائد نحو جاء الذي أحلف بالثه لقد قام أبوه وان منعه بعضهم، وأمّا تقديره مشتملاً على عائد كحلف فلا حاجة إليه كما قيل، وقرئ ليبطئن بالتخفيف. توله :( كده تنبيهاً على فرط تحسره الخ ( ولم يؤكد القول الأوّل وأتى به ماضيا إئا أنه لتحققه غير محتاج إلى التأكيد عنده أو لأن العدول عن المضارع للماضي تأكيد، ومراعاة المعنى بعد اللفظ وعكسه جائز كما سيأتي، وقوله : للتنبيه متعلق بقوله اعتراض وفسر الشيهيد بالشاهد إذ هم لا يعتقدون شهادة قتلاهم، ولو اعتقدوها لم يعذوا الخلاص منها نعمة والدال على التحسر تمني ما فات فإنه تحسر، وتأكيد قوله يدذ على فرطه، وقد خفي هذا على من قال أنه لا يظهر وجهه فكأنه لأنّ تحقق هذا القول منهم لا محالة لا يكون إلا للاضطراب، ولما خفي كون قولهم يا ليتني الخ سبب مشابهتهم بمن لم يكن له موذة حتى قيل إنها متصلة بالجملة الأولى بينه بقوله : وإنما يريد أن يكون معهم لمجرّد المال الذي هو مراده بالفوز. قوله :) أو داخل في المقول الخ ( فيكون كل ما بعده مقولاً له، وقوله : تضريبا أي تحريكا لهم وتعريضا قال الراغب : التضريب التحريض كأنه حث على الضرب في الأرض، وفي نسخة تضريبا وتحسيراً واغراء. قوله :( وقيل إنه متصل بالجملة الأولى الخ ) أي قال قد وفي الدر المصون أنه
قول الزجاج، وتبعه الماتريدي ورذه الراغب، والأصفهاني وتابعهم المصنف رحمه الله بأنه إذا كان متصلاً بالجملة الأولى فكيف يفصل به بين أبعاضى الجملة الثانية، ومثله مستقبح قال وهو تفسير معنى لا إعراب فإنهم ذكروا أيضا أنه من متعلقات هذه الجملة معترض فيها، ولم يزد عليه.
( قلت ) الظاهر أنهم أرادوا أنها معترضة بين أجزاء هذه الجملة، ومعناها صريحا متعلق بالأولى وضمنا بهذه فإن لم يكن نفي للمودّة في الماضي فيحمل على زمان قولهم قد أنعم الله الخ. والمعنى أنه يقول