ج٣ص١٥٤
يا ليتني كنت معهم لأفوز بعدما كان يسره ما يسوءكم أو قد يسوءه ما يسركم، وشأن العدوّ أن يسره ما يسوء ويسوأه ما يسر والأوّل يفهم من تقدم إظهار عدم المودّة حال الحزن والثاني من الحسد والتحسر حال السرور فافهم. قوله :( وكأن الخ ) هذا قول وقيل : إنها لا تعمل إذا خففت وأمّا عملها في غير ضمير الشأن فشاذ، وقراءة التأنيث ظاهرة، والتذكير للفصل ولأنها بمعنى الوذ ويا إذا دخلت على حرف أو فعل قيل إنها للتنبيه، وقيل للنداء والمنادى محذوف، وهو معروف في النحو. قوله :) وقرئ بالرفع على ثقدير فأنا أفوز ( أي على الاستئناف كما في إعراب السمين وغيره والقطع عن العطف والجوابية أو على العطف على خبر ليت فيكون داخلاً في المتمني فما قيل إذا جعل أفوز خبر المبتدأ محذوف فالجملة الاسمية عطف على جملة التمني ولا إشعار بدخول الفوز تحت التمني بل المعنى على الأخبار بأنهم كانوا يفوزون على تقدير الكون معهم، ولا أرى لهذا المعنى احتياجا إلى تقدير المبتدأ بل يحصل بمجرّد عطف أفوز على جملة التمني، وليس مبنيا على تناسب المتعاطفين فإن التمني بالفعلية أشبه ولأنهم يفعلون ذلك إذا قصد الاستئناف غير متجه لما عرفت، وأمّا لزوم عطف الخبر على الإنشاء فجوابه مشهور، ثم إق قوله كان لم يكن الخ لتشبيه حالهم بحال عدم المودّة يشعر بثبوتها فيما بينهم فإمّا أن يكون بناء على الظاهر أو تهكماً بهم. قوله :( أي الذين يبيعونها الخ ) شرى يكون بمعنى باع، واشترى من الأضداد فإن كان بمعنى يشترون فهم المنافقون الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة أمروا بترك النفاق، والمجاهدة مع المؤمنين، والفاء للتعقيب أي ينبغي بعدما صدر منهم من التثبيط، والنفاق تركه والجهاد، وان كان بمعنى يبيعون فالذين المؤمنون الذين تركوا الدنيا واختاروا الآخرة أمروا بالثبات على القتال، وعدم الالتفات إلى التثبيط والفاء جواب شرط مقدر أي إن صدهم المنافقون فليقاتلوا. قوله :( وعدله الأجر العظيم غلب أو غلب ) الأوّل مجهول، والثاني معلوم على ترتيب النظم ولو عكس صح ووجه
التكذيب أنه عد عدم حضوره نعمة مع أنّ النعمة في خلافه. قوله :( وإنما قال فيقتل أو يغلب الخ ) يعني لم يقل فيغلب أو يغلب لأنّ المغلوبية تصمدق بما إذأ فرّ وكرّ تنبيهاً على أنه ينبغي أن يكون همه أحد الأمرين إمّا إكرام نفسه بالقتل والشهادة أو إعزاز الدين واعلاء كلمة الله بالنصر، وقيل معناه أنه لم يلتفت إلى الثالث، وهو من لا يغلب، ولا يغلب بل يتفرقان متكافئين إشارة إلى أنه ينبغي الثبات إلى أحد الأمرين مع عدم المشاركة في الأجر على هذا التقدير وقوله، وأن لا يكون قصده الخ وجه التنبيه أنه سوى بين القتل والغلبة، وهو في أمر مشترك بينهما، وهو كونهما في سبيل الله وسبيل الله الطريق المستقيم، والدين القويم كما في البخارفي أنه سئل عن المقاتل في سبيل الله فقال :" من قاتل لتكون كلمة الثه هي العليا فهو في سبيل الله " وليس هذا وجهاً آخر كما توهم، ومن قال : إنه يفهم من سبب النزول، وأنهم كانوا يقصدون ذلك لم يصب. قوله :( حال والعامل فيها الخ ) المقصود من الاستفهام الأمر والحث على الجهاد، ولا تقاتلون جملة حالية أي مالكم غير مقاتلين، وهذه الحال هي المقصودة بالإفادة ولذا قيل إنها لازمة، والعامل فيها الاستقرار المقدر أو الظرف لتضمنه معنى الفعل ونيابته. قوله :) عطف على اسم الله الخ ) قيل إنه ضعيف، ولذا تركه الزمخشريّ لأن خلاص المستضعفين سبيل الله لا سبيلهم، وفيه نظر وإذا عطف على سبيل ففي الكلام مضاف مقدر أي خلاص، وإذا نصب فبتقدير أعني أو أخص، وقوله : أعظمها أي من أعظمها ولكن ترك من للحث، والمبالغة المستفادة من تخصيصه بالذكر والمستضعفون الذين طلب المشركون ضعفهم، وذلهم أو الضعفاء منهم والسين للمبالغة، وسيأتي من هم. قوله :( بيان للمستضعفين وهم الخ ) المراد بالصد منعهم عن الخروج والهجرة، وقوله : وأن دعوتهم الخ أي أنهم كانوا يدعون معهم، ولذلك دخل في الإجابة لأنهم مبرؤون من الآثام مقبولون عند الله، وقوله : حتى يشاركوا
بصيغة المجهول أي وردت السنة باشتراكهم في الدعاء لاستنزال الرحمة على الاستسقاء واستدفاع البلاء كالوباء والقحط لأنه أمر باخراج الصبيان فيه قيل والآية تدلط على صحة إسلام الصبيّ إذ لولاه لما وجب تخليصهم، ودفع بأنّ التخليص لا يختص بالمسلمين بل