ج٣ص١٥٥
يشمل من يتبعهم، والولدان على الأوّل جمع وليد ووليدة بمعنى ولد، وقيل : إنه جمع ولد كورل وورلان وأمّا على كونه بمعنى العبيد، والإماء فجمع وليد ووليدة بمعنى عبد وجارية على التغليب لأنه ورد بهذا المعنى في اللغة وان كانت الوليدة غلبت على الجارية. فقوله : وهو جمع وليد كان الظاهر أن يقول ووليدة كما في الكشاف فكأنه اعتبر التغليب في المفرد فتأمّل. قوله :( فاستجاب الله دعاءهم الخ ) إشارة إلى دفع ما يقال إنّ الدعاء إن كان بمجموع الأمرين لم يستجب وان كان بأحدهما لا على التعيين فالظاهر العطف بأو بأنه على التوزيع فلذا عطف بالواو أو هو لمجموعهما، والمقصود منه الخلاص وقد حصل وعتاب بالتشديد ابن أسيد بفتح الهمزة، وكسر السين وكان حين ولاه على مكة ابن ئماني عشرة سنة، وكان رسول الله ﷺ رأى أسيداً في الجنة، وهو مات كافراً فانتبه وقال :" أوّلتة بابنه عتاب " فشهد له بالجنة وكأنّ الحكمة في ذلك مع وجود كبار الصحابة إظهار عزة الدين وغلبته حتى لا يخشى من أحد فيليها من المؤمنين الكبير والصغير، وفي الانتصاف في الآية نكتة حسنة، وهي أن كل قرية ذكرت في القرآن نسب إليها ما لأهلها مجازاً كقوله :﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ ﴾ [ سورة النحل، الآية : ١١٢ ] الآية وفي هذه عدل إلى الإسناد
الحقيقي لأهلها لأنّ المراد مكة فوقرت عن نسبة الظلم إليها تشريفا لها به شرّفها الله. قوله :) فيما يصلون به إلى اللّه ( وفي ظرفية أو بمعنى اللام، وسبيل الطاغوت الكفر والمراد بأولياء الشيطان الكفرة المجاهرون، والمراد بالذين كفروا قبله هم المنافقون، وكذا الفريقين فيقوله مقصد الفريقين المؤمنون، والمنافقون كما قيل ولا يؤبه بالمجهول بمعنى لا يبالي به كيعبأ، وأضعف شيء هو الشيطان، والتفضيل في الضعف مأخوذ من كان المفيدة للاستمرار لأنّ استمرار الضعف لزيادته، ولو كان قليلاً لانقطع، وقيل : إنه من صيغة ضعيفاً، وفيه نظر لأنها لا تفيد المبالغة، والذين قيل لهم كفوا عن القتال مع الكفار هم المؤمنون الذين كانوا بمكة لأنهم أمروا به ما داموا بمكة، وكانوا يتمنون أن يؤذن لهم فيه فنزلت، ولذا فسر أبو منصور، والزمخشريّ الخشية بأنها ما ركز في طبع الإنسان من كراهة ما فيه خوف هلاكه لا أنها كراهة لأمر الله وحكمه اعتقاداً. قوله :( وإذا للمفاجأة الخ ) وهي ظرف مكان كما تقرر في النحو وقيل ظرف زمان، وجوز فيها أن تكون خبراً لمبتدأ هنا فيخشون صفة أيضاً. قوله :( من إضافة المصدر إلى المفعول الخ ) قال النحرير ليس المصدر من المبنيّ للمفعول بحيث تكون الإضافة إلى ما هو قائم مقام الفاعل كقوله تعالى :﴿ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ ﴾ [ سورة الروم، الآية : ٣ ] أي مغلوبيتهم وذلك لأنه حينئذ لا يكون لإضافة الأهل إليهم كبير معنى بمنزلة قولك مثل أهل مخوفية الله بل المعنى مثل أهل الخائفية من الله وهم الخائفون فليتنبه للفرق بين المصدر المبنيّ للمفعول، والمضاف إلى المفعول وقوله وقع موقع المصدر أي خشية كخشية اللّه أو هو حال من فاعل يخشون ويقدر مضاف أي حال كونهم مثل أهل خشية الله أي مشبهين بأهل خشيته، وقيل إنها حال من ضمير مصدر محذوف أي يخشونها الناس كخشية الله وقوله منه أي من الله وإنما ذكر لأنه لو لم يذكر احتمل كونه بسبب معنى آخر فلا يقال لا حاجة له. توله :( وإن جعلته مصدرأ فلا الخ ) أي التمييز في المعنى، والمجرور بمن التفضيلية يكون مانعا من الموصوف بأفعل التفضيل فالمعنى على تقدير الحالية أنهم أشد خشية من غيرهم بمعنى أنّ خشيتهم أشد من خشية غيرهيم، وهو مستقيم، وعلى تقدير المصدرية المعنى أن خشيتهم أشد خشية من خشية غيره بمعنى أن خشية خشيتهم أشذ ولا يستقيم إلا على طريقة جد جده على ما ذهب إليه أبو علي وابن جني ويكون كقولك زيد أجد جداً بخلاف ما إذا قلت أو أشذ خثية بالجر، فإنّ معناه تفضيل خشيتهم على سائر الخشيات إذا فصلت واحدة واحدة، وذكر ابن
الحاجب رحمه الله أنه يجوز أن يكون من عطف الجمل أي يخشون الناس كخشية الله أو يخشون الناس أشد خشية على أنّ الأوّل مصدر، والثاني حال وقيل عليه إن حذف المضاف أهون من حذف الجملة، وأو في بمقتضى المقابلة، وحسن المطابقة واعترض أيضا بأنّ التمييز بعد اسم التفضيل قد يكون نفس ما انتصب عنه لا متعلقا به كقوله :﴿ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ﴾


الصفحة التالية
Icon