ج٣ص١٥٦
[ سورة يوسف، الآية : ٦٤ ] فهو والجر أي خير حافظ سواء، والله هو الحافظ في الوجهين، والخشية ههنا تكون نفس الموصوف، ولا يلزم أن يكون للخشية خشية بمنزلة أن يقال أشد خشية بالجر لكن جواز هذا فيما إذا كان التمييز نفس الموصوف بحسب المفهوم، واللفظ محل نظر
( قلت ) هذا سؤال قوفي واتحاد اللفظ مع حذف الأوّل ليس فيه كبير محذور، وقد عضده
النقل عن سيبويه قال في الانتصاف : ذكر سيبويه رحمه الله جواز قولك زيد أشجع رجلاً وأشجع رجل مع أنّ رجلاً واقع على المبتدأ ولو جعل خشية المذكور منصوبا على المصدرية مفسراً للمصدر المقدر لا تمييزاً لم يكن منه مانع لكنهم لم يذكروه مع وضوحه، وقريب منه أن يكون خشية منصوبا على المصدر، وأشذ صفته قدمت عليه فانتصبت على الحالية، وفيما نقله عن الكتاب بحث يعلم من مراجعة عبارته، وعلى عطفه على اسم الله فهو مجرور بالفتحة لمغ صرفه فقوله : كخشية أشد خشية منه بالإضافة، وقوله : منه الضمير لله، ولا أشد خشية عند المؤمنين من الله فلذا جعله على الفرض!، ومن جعل الضمير للفريق تعسف، وتكلف ما لا حاجة إليه بناء على ظنه أنه لغو، والمعنى كخشية من كانت خشيتهم منه أشد من خشية الله فافهم، وقد مرّ في البقرة في قوله :﴿ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٥٠ ] كلام يتعلق به فراجعه، وقوله :( اللهم الخ ) توجيه للعطف الممنوع وأشار به لضعفه، ولذا نادى الله مستغيثا به، واللهم يتجوّز به عما ذكر. قوله :( ولا أخرتنا إلى أجل قريب ) كالبيان لما قبله ولذا لم يعطف، وتوصيفه بالقريب للاستعطاف أي أنه قليل لا يمنع من مثله، وهو سؤال عن الحكمة لا اعتراض!، ولذا لم يوبخوا عليه، والفتيل مثل للتحقير، وقد مز تفسيره وفسر الظلم بمعناه اللغوي، وهو النقص، وقوله : متاع الدننا قليل جواب لهم ببيان الحكمة بأنه كتب عليهم ليعوضوا عن هذا البقاء القليل ببقاء أكثر من الكثير مع أنّ الأجل مقدّر لا يمنع منه عدم الخروج إلى القتال، وفيه رد على
المعتزلة. قوله :( قرئ بالرفع على حذف الفاء الخ ا لما كان الجواب إذا كان مضارعاً فحقه الجزم وجوبا إن كان الشرط مضارعاً وجوازاً إن كان ماضيا لأنه لما لم يظهر أثره في الشرط مع الفاء مطلقاً، وفصل سيبويه رحمه الله بين أن يكون ما قبله يطلبه كقوله :
يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك أن يصرع أخوك تصرع
فالأولى أن يكون على التقديم والتأخير أي إنك تصرع أن يصرع أخوك، وبين أن لا
يكون كذلك فالأولى حذف الفاء، وجوز العكس في الصورتين، وفي شروح الكشاف نقل الإطلاق عنه في التقديم وهذا ما ذكر في مفصلات العربية، وقيل : إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء ومن يقوله : لا يسلم أنه ضرورة كما قاله الرضي والا فعلى التقديم والتأخير، وعلى تقدير الفاء لا حاجة إلى تقدير مبتدأ حتى تكون اسمية كما في البيت الآتي، وترك توجيه الكشاف بأنه على توهم الشرط ماضيا فيكون كعطف التوهم لما فيه من التعسف إذ شرط التوهم أن يكون ما يتوهم هو الأصل أو مما كثر في الاستعمال حتى صار كالأصل كما في الانتصاف، وما قيل : إنّ كون الشرط ماضياً، والجزاء مضارعا إنما يحسن في كلمة إن لقلبها الماضي إلى معنى الاستقبال فلا يحسن أينما كنتم يدرككم الموت إلا على حكاية الماضي، وقصد الاستحضار فيه نظر ظاهر. قوله :) من يفعل الحسناث الخ ) هو من شعر لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت وقيل لكعب بن مالك الغنوي وهو :
من يفعل الحسنات الله يشكرها والشربالشرعند الله مثلان
ويروي سيان :
فإنما هذه الدنيا وزهرتها كالزاد لا بد يوما أنه فان
وفي شرح أبيات الكتاب للنحاس أنّ الأصمعيّ قال إنّ البيت غيره النحاة، والرواية من
يفعل الخير فالرحمن يشكره، وكفى بسيبويه سنداً للرواية الأولى. قوله :( أو على أنه كلام مبتدأ الخ ) قيل عليه أنه ليس بمستقيم معنى، وصناعة أمّا الأوّل فلأنه لا يناسب اتصاله بما قبله لأن قوله :﴿ وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾ المراد به في الآخرة فلا