ج٣ص١٥٧
يناسبه التعميم، وأمّا الثاني فلأنه يلزم عليه عمل ما قبل اسم الشرط فيه، وهو غير صحيح لصدارته، والجاب أنه لا مانع من تعميم، ولا
تظلمون فتيلاً للدنيا، والآخرة أو يكون المعنى لا ينقصون شيئا من مدة الأجل المعلوم لا من الأجور به ينتظم الكلام كما قاله النحرير، ومرإده باتصاله بما قبله اتصاله به معنى لا عملا على أن يكون أينما تكونوا شرطا جوابه محذوف تقديره لا تظلموا، وما قبله دليل الجواب فهو مرتبط به معنى لا عملا وهو ظاهر وقوله :﴿ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ ﴾ جملة مستانفة والجمهور على قراءة مشيدة بفتح الياء اسم مفعول بمعنى مرفوعة أو مجصصة، وقرى بكسرها على التجوّز كعيشة راضية، والبروج الحصون من التبريج وهو الإظهار، وبروج النجوم منازلها مأخوذ منه، وتفسيره بها هنا تكلف لا داعي له، وهو منقول عن الإمام مالك فهو كقول زهير :
ولو نال أبواب السماء بسلم
قوله :( كما تقع الحسنة والسيئة الخ ) يعني أنها تطلق على هذين المعنيين في القرآن، والكلام إمّا أن يكون مشتركا بينهما اشتراك المعنى أو اشتراك الرجل بين إفراده، ولما كان بين قوله كل من عند الله، وبين قوله من اللّه ومن نفسك بعده معارضة بحسب الظاهر حملها بعضهم في كل منهما على أحد المعنيين لئلا يقع التعارض بينهما والعلامة، والمصنف حملاهما على النعمة، والبلية فيهما بمقتضى سبب النزول، ومناسبة المقام لذكر الموت والسلامة قبله، ولأنّ لفظ الإصابة الأكثر استعماله فيه، وهما من هذا القبيل، ودفعا التعارض بما سيأتي، وقوله : وأرسلناك للناس من رسولاً يناسبه حمل الثاني بما يتعلق بالتكليف من الطاعة، وال!ية، ولذا غير أسلوبه إذ عبر فيه بالماضي، وسيأتي ما يدفعه، وقال الراغب : الفرق بين من عند الله، ومن الله أنّ من عند الله أعم منه إذ هو يقال فيما يرضاه مما أمر به، ونهى عنه، ويسخطه، ومن الله لا يقال إلا فيما يرضاه ويأمر به ولذا قال الراغب إن أصبت فمن الله وان أخطأت فمن الشيطان ثم بين تشاؤم اليهود على عادتهم كما تال تعالى :﴿ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ١٣١ ]. قوله :( أي يبسط ويقبض الخ ) رد عليهم بأنه القابض الباسط فلا فاعل سواه ولا واسطة سوى أنفسكم دون النبيّ ﷺ كما زعموا فتمام الرد عند قوله :﴿ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ [ سورة النساء، الآية : ٧٩ ] فاندفع ما قيل إنهم لم يجعلوه فاعلاً بل تشاءموا به فلا يكون هدّا رداً عليهم. قوله :( يوعظون به وهو القرآن الخ ) يفقون بمعنى يفهمون فالمراد بالحديث حديث مخصوص أو المطلق جعلوا بمنزلة البهائم الذين
لا يفهمون أو المراد كل ما حدث، وقرب عهده كالحادث كما فسره به الراغب فالمراد أنهم لا يعقلون صروف الدهر وتغيره حتى يعلموا أنّ له فاعلاً حقيقيا بيده جميع الأمور. قوله :( يا إنسان الخ ) يعني أنّ الخطاب عام لكل من يقف عليه لا للنبيئ ﷺ كقوله :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
ويدخل فيه المذكورون دخولاً أوليا وفسر من الله بالتفضل المذكور لما ذكره وقد مر ما
قاله الراغب فيه، والحديث المذكرر أخرجه الشيخان. قوله :( لأنها السبب الخ ) فظهر اختلات جهتي نفي السيئة واثباتها من حيث الإيجاد والسبب والى الأوّل ينظر قوله : كل من عند الله أن يبسط ويقبض، والى الثاني قوله : لأنها السبب، وقوله الحسنة إحسان وامتنان، وهي أحسن، وفي نسخة امتحان أي امتحان بها لينظر هل يشكر أم يكفر ويبطر، ولا ينافي أن يكون في النقمة أيضا امتحان بأن يصبر أولاً لكن المنظور إليه المجازاة كما صرح به في الحديث، والمراد بالسبب ما يوجد الشيء عنده بإرادته، وخلقه فهو سبب عادي، والحسنة لما كانت تارة بسبب ما يصدر عنه من الجميل، وتارة بمحض التفضل لم تسند إلى سببها، والمراد بالمعاصي ما يشمل الهفوات. توله :( ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب الخ ( الوصب المرض، والنصب المشقة والتعب أو الداء، والحديث المذكور أدخل فيه حديثاً آخر لما أخرجه الشيخان عن عائشة مرفوعا " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر اللّه بها عنه حتى الشوكة يشاكها " وأخرج البخارقي عن أبي سعيد الخدرفي رضي الله عنه ﷺ قال :" ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر اللّه من خطاياه " وأخرج الترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال : لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو ما دونها إلا
بذنب، وما يعفو اللّه عنه أكثر ويشاكها مجهول لكنه غير متعد لمفعولين


الصفحة التالية
Icon