ج٣ص١٥٨
ولذا قيل إنّ الضمير للشوكة بمعنى المصدر فهو مفعول مطلق. قوله :( لا حجة فيهما لنا وللمعتزلة ) أي لا حجة في أن الخير والشر من الأفعال بخلقه وإرادته، ولا في أن المعاصي ليست كذلك على ما علم من الخلاف بيننا وبين المعتزلة لأنّ إحدى الآيتين بظاهرها لنا، والأخرى لهم فلا بد من التأويل، وهو مشترك الإلزام ولأن المراد بالحسنة، والسيئة النعمة، والبلية لا الطاعة، والمعصية والخلاف في الثاني، وأما الإمام فاختار تفسيرهما بالمعنى الأعم كما فصله الطيبي، ومنهم من قال إنه استفهام تقديره أفمن نفسك هو مبتدأ. قوله :) حال قصد بها التثيد الخ ) إذا تعلق برسولأ يكون تقديمه للاختصاص الناظر إلى قيد العموم أي مرسلا لكل الناس لا لبعضهم كما زعموا فهو رد عليهم في اختصاص رسالته بالعرب، ولذا رجح هذا الوجه في الكشاف لا بناء على أنّ الحال المؤكدة يجب حذف عاملها كما قيل لأنّ هذه مؤكدة لعاملها، والفرق بينهما مر في سورة آل عمران، وأمّا نصبه على أنه مفعول مطلق فإمّا لأنّ الرسول يكون مصدرا كما في قوله :
لقد كذب الواشون ما فهمت عندهم بشيء ولا أرسلتهم برسول
أي برسالة أو لأنّ الصفة قد تستعمل بمعنى المصدر مفعولاً مطلقا كما استعمل الشارع خارجاً بمعنى خروجا. قوله :( ولا خارجاً الخ ) الشعر للفرزدق قاله، وقد حلف عند الكعبة لا يقول شعراً فيه هجاء ونحوه فترك الشعر وأقبل على قراءة القرآن ومنه :
ألم ترني عاهدت ربي وأنني لبين رتاج قائما ومقام
على حلفة لا أشتم الدهرمسلما ولا خارجا من فيّ زوركلام
أضمر الفعل قبل خارجا كأنه قال : ولا يخرج خارجا موضع خروج وعطف الفعل المقدر
وهو لا يخرج على قوله لا أشم الذي هو جواب القسم، والرتاج باب الكعبة، وعلى هذا خرجه سيبويه رحمه الله، وان احتمل تقدير ولا أكون ونحوه وقوله والتعميم أي لا التأكيد كما في الأوّل فإنّ التعميم مستفاد من الناس إذ التعريف فيه الاستغراق كما صرح به في قوله : إلا كافة للناس، وهو متعلق بالفعل لا الحال فلا دخل للحال في العموم بخلافه على الثاني فلا يرد
عليه أنّ التعميم مقصود على كل حال، وقوله : بنصب المعجزات إشارة إلى أنّ في الشهادة استعارة هنا ومنهم من عممه أي شهيداً على كل ما مرّ مما صدر منهم، وأمّا جعل الشهادة من قوله، وأرسلناك للناس رسولاً ففيه تأمّل. قوله :( لأنه عليه الصلاة والسلام في الحقيقة مبلغ الخ ) يعني أنّ طاعة المبلغ لطاعة الإمام، وليست له بالذات حثى يتوجه ما توهموه ويدل عليه التعبير بالرسول ووضعه موضع الضمير للإشعار بعليته، وقارف أي تعاطي يقال قارف كذا إذا تعاطى ما يعاب به ولم يقل ومن تولى فقد عصاه للمبالغة كما سيأتي، وما ذكره من الحديث قال العراقي رحمه الله لم أقف عليه. قوله :( تحفظ عليهم أعمالهم الخ ) كونه عليه البلاغ لا محاسبتهم بمعنى فأعرض عنهم كما يدل عليه ما بعده فهذا سبب للجزاء قائما مقامه كما في الكشاف، وليس وجهاً آخر لأن الحفظ إنما يكون عما يضر فهو بمعنى لا يدفع ضررهم، وهو جزاء من غير تأويل لأنه خلاف الظاهر، والظاهر أنّ المراد بالرسول هنا نبينا ﷺ بدليل الخطاب لا العموم، والخطاب لغيره معين فلا التفات فيه، وقال حفيظاً بصيغة المبالغة لأنه حافظ بالتبليغ، وقيل هو مفعول ثان لتضمين أرسلنا معنى جعلنا، ولا حاجة إليه. قوله :) وأصله النصب على المصدر ) يعني أنه مبتدأ أو خبر وكان أصله النصب كما يقول المحب سمعا وطاعة لكته يجوز في مثله الرفع كما صرح به سيبويه ونقله في الكشاف للدلالة على أنه ثابت لهم قبل الجواب. قوله :( أي زورت خلاف الخ ) بتقديم الزاي المعجمة على الراء المهملة، وهو الظاهر من التزوير وهو ترويج المراد وابرازه في صورة الحق وجوّز فيه تقديم المهملة على المعجمة كما في الفائق في هذه اللفظ لما وقعت في كلام عمر رضي الله عنه وهو بمعناه أيضاً، وجوّز في فاعل تقول أي يكون ضمير المؤنث الغائب للطائفة وأن يكون ضمير المذكر المخاطب للنبيّ ﷺ والعدول إلى المضارع للاسنمرار وعائد الموصول محذوف عليهما. قوله :( والتبييت الخ ) التبييت قصد العدوّ وليلاً وفي غفلته، وتدبير الفعل بالليل والعزم