ج٣ص١٥٩
عليه ومنه تبييت نية
الصيام، والإدغام هنا على خلاف الأصل، والقياس قال الداني : لم تدغم تاء متحركة غير هذه حتى قيل إنها ساكنة من بياء وتبياه إذا تعمده قال :
باتت تبي حوضها عكوفا مثل الصفوف لاقت الصفوفا
وقوله : بعده يبيتون يأباه ولهذا لم يلتفتوا له مع أنه غريب، وهذا يردّ ما قيل إنه لم يسمع
إلا في تولهم حياك وبياك أي اعتمدك بالتحية مع أنه قيل أصله بوأك بالهمز أي أنزلك، وأمّا جعله من بيت الشعر فبعيد لكن لا لقول النحرير إنه اصطلاح محدث لأنّ الراغب أثبته لغة. قوله :( يثبتة في صحائفهم الخ ) والقصد لتهديدهم على الأوّل وتحذيرهم من النفاق لأنّ الله يظهره على الثاني. قوله :( قلل المبالاة الخ ) يعني أنه كناية عن قلة المبالاة بهم لأنه يعرض! عما لا يبالي به، وهذا بناء على أنه مأمور بالقتال، والثاني يكون قبل الأمر به فتكون منسوخة، وقوله : سيما محذوف لا جوّزه الرضي، وقال أبو حيان : إنه لا يوجد في كلام فصيح يحتج به، ولا مانع منه للقرينة الدالة على حذفها إذ المعروف في استعمالها ذلك، وقوله : يكفيك مضرتهم وقع في نسخة معرتهم بالعين والصحيح الأولى. قوله :( يتأملون في معانيه الخ ( يعني أصله التأمّل في إدبار الأمور وعوقبها ثم استعمل في كل تأمّل سواء كان نظراً في حقيقة الشيء وأجزائه أو سوابقه، وأسبابه أو لواحقه وأعقابه، وان دل الاشتقاق على أنه النظر في العواقب والأدبار خاصة وعن الزمخشرفي أنّ في الآية فوائد كوجوب النظر في الأدلة وترك التقليد والدلالة على صحة القياس إلى آخر ما ذكره، وقيل في ارتباط هذه الآية أنه لما جعل الله شهيداً كأنه قال شهادة الله لا شبهة فيها ولكن من أين يعلم إن ما ذكرته شهادة الله محكية عنه. فقال أفلا يتدبرون الخ وحمل من عند الله على أنه كلامه الموحى لا على أنه مخلوقه كما فعله الزمخشرفي في حواشيه. قوله :( من تناقض المعنى وتفاوت النظم الخ ) في الكشاف لكان الكثير منه مختلفاً متناقضا قد تفاوت نظمه وبلاغته، ومعانيه فكان بعضه بالغأ حد الإعجاز، وبعضه قاصراً عنه يمكن معارضته، وبعضه إخباراً بغيب قد وافق المخبر عنه، وبعضه إخباراً مخالفأ للمخبر عته، وبعضه دالاً على معنى صحيح عند علماء المعاني، وبعضه دالاً على معنى فاسد
غير ملتئم فلما تجاوب كله بلاغة معجزة فائتة لقوي البلغاء، وتناصر صحة معان، وصدق أخبار علم أنه ليس إلا من عند قادر على ما لا يقدر عليه غيره عالم بما لا يعلمه أحد سواه.
قال بعض المدققين حد الإعجاز مرتبته لا نهايته كما في عبارة المفتاح إذ لو كان بمعنى
نهايته لم يصح قوله يمكن معارضته، وأورد عليه أنّ قوله فكان بعضه بالغاً حذ الإعجاز يفيد ئبوت قدرة غيره تعالى على الكلام المعجز، وأجيب بأنه جعل اللازم على كونه من عند غير الله قصور البعض عن حذ الإعجاز على سبيل التنزل وارخاء العنان، وهو من الطريق المنصف كما في الكشف، ويحتمل أنه من التعليق بالمحال للإلزام، وبهذا يندفع أن الكثرة في النظم صفة الاختلاف
والاختلاف صفة الكل، وقد جعل الكثرة صفة المختلف، والاختلاف صفة الكثير، وذلك لأنه جعل اللازم كون الكثير مختلفا على سبيل التنزل، لمارخاء العنان، وحمل نسبة الكثرة إلى الكل في ظاهر النظم على معنى اختلاف كثير، ونفي كلام المصنف ما يخالفه في ذلك كما قيل، وسيأتي تحقيقه، وبهذا اندفع قول النحرير ظاهر النظم أنّ الكثرة صفة الاختلاف، وقد جعلها صفة للمختلف من غير ضرورة فإن كون البعض مخالفاً للبعض صفة الكل، ولا معنى لتخصيصه بالكثير منه، وانّ قوله فكان بالغا الخ على تقدير كون القرآن من عند غير اللّه مشكل يفضي إلى جواز ظهور المعجزة على يد الكاذب بل ربما يقدح في إعجاز القرآن حيث جاز للغير، ولو بحسب الاتفاق الإتيان بما هو في مرتبته من البلاغة، وهو طرفها الأعلى، وما يقرب منه على ما هو حذ الإعجاز، ولا محيص سوى أن يحمل على الفرض!، والتقدير أي لو كان فيه مرتبة الإعجاز ففي البعض خاصة على أن يكون ذلك القدر مأخوذاً من كلام الله كما في الاقتباس ونحوه، ولا يخفى بعده، وقوله : بعض أخباره المستقبلة خص المستقبلة لأنّ المعجز الأخبار عن المغيبات فلا يرد ما قيل الأولى ترك التقييد.
( وأنا أقول ا لما كان محصل كلام العلامة أنّ المراد بالاختلاف الاختلاف