ج٣ص١٦١
والظفر لاتبعتم الشيطان، وتوليتم إلا القليل منكم من المؤمنين من أهل البصيرة الذين يعلمون أنه ليس مداراً لحقية على النصر في كل حين قال الإمام رحمه الله تعالى، وهذا أحسن الوجوه لارتباطه بما بعده وحذف المصنف رحمه الله تعالى قول العلامة التوفيق من قوله إرسال الرسول عليه الصلاة والسلام وانزال الكتاب، والتوفيق لأنه أشكل على بعض شراحه وإن أجيب بأنّ المراد به توفيق خاص نشأ مما قبله، وأما الإطلاق ودفع الشبهة بأنّ عدم الفضل والرحمة على الجميع لا يلزم منه العدم عن البعض فتكلف، وفي الآية وجوه أخر نحو عشرة فصلها في الدرّ المصون، وفي قوله :( تفضل ) إشارة إلى ثبوته بفضل آخر غير المنفي، وبه تمام الدفع، ونفيل بالتصغير، وزيد هذا ممن تعبد في الجاهلية بالدين الحق، وكذا ورقة لكن اختلف في إسلامه كما في أوّل شرح البخاري، ومنكم ضميره عام فتأقل. قوله :( أو إلا اتباعاً قليلاَ الخ ) فهو على هذا استثناء مفرّغ من المصدر، وهو منصوب على أنه مفعول مطلق، والمعنى مستقيم عليه أي اتبعتموه كل اتباع إلا اتباعا قليلاً بأن يبقى على إجراء الكفر وآثاره والا البقاء القليل النادر بالنسبة إلى البعض حتى ربما أن يكون ذلك بدون التوفيق، وقصد الإطاعة بل بمجرّد الطبع، والعادة كذا قرّره النحرير. قوله :( أن تثبطوا وتزكوك وحدك ( يثير إلى أنّ الفاء في جواب شرط
مقدّر، وقوله : إلا فعل نفسك لأنّ التكليف يكون بالأفعال لا بالذوات، وقوله : لا يضرّك الخ. إشارة إلى أنه مجاز أو كناية عن عدم ضرر ذلك فلا يرد أنه مأمور بتكليف الناس فكيف هذا، وقيل : إنه كان مأموراً بأن يقاتل وحده أولاً، ولهذا قال الصديق رضي اللّه تعالى عنه في أهل الردّة أقاتلهم وحدي، ولو خالفتني يميني لقاتلتها بشمالي وليس كذلك، وبدر الصغرى كانت غزاة بعد أحد خرجوا لمواعدة أبي سفيان رضي الله تعالى عنه، ولم يكن فيها قتال والقصة مروية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ولم يلو على أحد لم ينظره كما في الأساس، وقرإءة الجزم قيل فيها إنه مجزوم في جواب الأمر، وهو بعيد، والظاهر أنّ لا للنهي جازمة أي لا تكلف أحد الخروج إلا نفسك، وعلى قراءة النون المعنى ما ذكره. قوله :( فخرج عليه السلام وما معه إلا سبعون الخ ) قال البقاعي الذي في السير أنهم كانوا ألفاً وخمسمائة، وما ذكر. المصنف غلط تبع فيه الزمخشري، ولم ينبه عليه أحد من أصحاب الحواشي اللهم إلا أن يقال إنه أراد الركبان منهم، وهو محتاج إلى النقل أيضاً. قوله :( لا أنا لا نكلف أحدا إلا نفسك ) يعني أنّ نفسك مفعول ثاني بتقدير مضاف لا في موقع المفعول الأوّل أي لا نكلف أحداً إلا نفسك، ولا مانع منه أيضاً أي لا نكلف أحدا هذا التكليف إلا نفسك، والمراد من التكليف مقاتلته وحده، ولذا وقع في نسخة أو لا يضرّك مخالفتهم لأنا لا نكلف الخ. والتحريض الحث من الحرض، وهو ما لا تعبد به، والتفعيل فيه للسلب، والإزالة كقذيته وتفسير الذين كفروا بقريش لأنه المروفي، والمراد العموم، وعسى من الله تحقيق، وقد فعل، والبأس النكاية كالبؤص، والتنكيل التعذيب، وأصله التعذيب بالنكل، وهو القيد فعمّ، والمقصود التهديد أو التشجيع. قوله :( راص بها حق مسلم الخ ) فسر كون الشفاعة حسنة بما ذكره وأدرج فيها الدعاء لأنه شفاعة معنى عند اللّه، وخص كونها بالغيب لأنه ادعى للإخلاص، وظهر مقحم للتأكيد والحديث المذكور رواه مسلم وغيره. قوله :( وهو ثواب الشفاعة الخ )
التسبب بالجرّ معطوف على الشفاعة وقوله :( مساو لها في القدر ) إشارة إلى وجه اختيار النصيب في الحسنة، والكفل في السيئة، ونكنة ذلك أنّ النصيب يشمل الزيادة لأنّ جزاء الحسنات يضاعف، وأما الكفل فأصله المركب الصعب فاستعير للمثل المساوي فلذا اختير إشارة إلى لطفه بعباده إذ لم يضاعف السيئات كالحسنات، وقيل إنه، وان كان معناه المثل لكنه غلب في الشر وندر في غيره كقوله تعالى :﴿ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾ [ سورة الحديد، الآية : ٢٨، فلذا خص به السيئة تطرية، وهربا من التكرار، ومن بيانية أو ابتدائية.
وقال الراغب المعنى من يعن غيره في فعلة حسنة يكن له منها نصيب ومن يعنه في سيئة
ينله منها شدة. قوله :( مقتدرا ) اختلف في تفسيره فقيل مقتدراً، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والبيت المذكور لأحيحة الأنصاري، وقيل للزبير بن عبد المطلب