ج٣ص١٦٤
وصاحبها فمن فلسفة النحو. قوله :( حال من فئتين ( أي كان صفة له لتأويله بما ذكره فلما قدّم انتصب حالاً أو هو حال من الضمير، والعامل فيه يعلم مما تقدّم، وفيه وجوه أخر في الإعراب. قوله :( ردّهم إلى حكم الكفرة الخ ) ما موصولة أو مصدرية، والباء سببية، واختلف في معنى الركس لغة فقيل الرذ كما قال أمية بن أبي الصلت :
فاركسوا في جحيم النار أنهم كانوا عصاة وقالوا الإفك والزورا
أي ردّوا فالمعنى حينئذ رذهم إلى الكفر بعد الإسلام بكسبهم، وهو الوجه الأوّل، وقيل الركس قريب من النكس، وحاصله أنه رميهم منكسين فهو أبلغ من التنكيس لأنّ من يرمي منكسا في هوّة قلما يخلص منها، فالمعنى أنهم بكسبهم الكفر قلب اللّه حالهم، ورماهم في حفر النيران، وهذا هو الثاني، وقيل : الرك! الرجيع، وفي الحديث :" أنه ﷺ أتى بروثة فقال أنها ركس " وقيل الأركاس الأضلال، ومنه :
وأركستني عن طريق الهدى وصيرتني مثلا للعدا
قوله :( أن تجعلوه من المهتدين ( لأنّ الهداية المتعدية إيصاله، وجعله مهديا، وما قيل :
إنّ المصنف رحمه الله تعالى جعل أن تهدوا بمعنى جعلهم من المهتدين أي وصفهم بالاهتداء، ولم نجده في اللغة بهذا المعنى فلا وجه له. قوله :( ولو نصب على جواب التمني الخ ) كذا في الكشاف، وقيل عليه المنقول أن التمني إذا كان بالحرف كليت ينصب جوابه، وأمّا إذا كان
بالفعل كوذ فلم يسمع من العرب، ولم يذكره النحاة وردّ بأنهم لم يريدوا التمني المفهوم من وذ بل المفهوم من لو بناء على أنها للتمني، وفيه نظر، ولا يرد أنه إخبار عن التمني فكيف ينصب في جوابه لأنه لا يمكن أن يكون حكاية لتمنيهم مع جوابه، والأصل لو تكفرون كما كفرنا فنكون نحن وهم سواء، وتكفرون حكاية بالمعنى، وتكونون غلب فيه الخطاب على الغيبة. قوله :( فلا توالوهم الخ ) أي لا تتخذوهم أولياء كما في سائر المسلمين، وقوله : حتى يؤمنوا إشارة إلى أنّ الهجرة لله ورسوله ﷺ مستلزمة للإيمان، ولا يعتدّ بها بدونه، وكانت الهجرة فرضا في صدر الإسلام كما في التيسير، وسبيل الله الطريق الموصلة إليه وهي امتثال أوامره وترك نواهيه، وقوله الظاهر بالهجرة، وفي نسخة المظاهر أي المقوّي، وقوله : أو عن إظهار الإيمان إن أراد إظهار الإيمان بالهجرة فالتفسيران واحد، دمان أراد الإطلاق فهو مخالف لما عليه المفسرون لكن قد يقال إنه علم من قوله حتى يهاجروا قبله فلا حاجة لتكريره، وقوله : رأسا أي بالكلية دائماً، وهذا إمّا من المضارع الدال على الاستمرار أو من التكرار المفيد للتأكيد، وحيث وجدتموهم يعني في الحل والحرم، والأمر بالأخذ لتقدّمه على القتل عادة، والمراد قتلهم ولو بدون أخذ. قوله :) استثناء من قوله فخذوهم الخ ) قال الطيبي : أي من الضمير في فخذوهم لا من الضمير في ولا تتخذوا وان كان أقرب لأنّ اتخاذ الوليّ منهم حرام مطلقا، وقوله : والقوم هم خزاعة أي الذين كان بينهم، وبين النبيّ عقي! شنآن كما عرف في السير، والمراد بالاتصاف الانضمام والالتجاء إليهم لا اتصالهم به نسبا على الصحيح، وزيد مناة علم، ومناة اسم صنم أضيف إليه كعبد مناة، وقوله واح بمعنى صالح وصفة قوم بينكم وبينهم ميثاق قيل : وفي قوله عطف على الصلة لطف إيهام فإنّ الصلة يصلون فهي صلة لفظا ومعنى، والظاهر أن المصنف رحمه الله لم يقصده وإنما هو اتفاقي. قوله :( والأول أظهر لقوله
الخ ا لا شبهة في أنّ عطفه على الصلة أرجح رواية، ودراية لأنه لو عطف على الصفة لكان لمنع القتال سببان الاتصال بالمعاهدين، والاتصال بالكافين، ولو عطف على الصلة كان السببان الاتصال بالمعاهدين، والكف عن القتال لكن قوله : فإن اعتزلوكم يقرّران أحد السببين هو الكف عن القتال لأنّ الجزاء مسبب عن الشرط فيكون مقتضياً للعطف على الصلة فإنه لو عطف على الصفة كان أحد السببين الاتصال بالكافين لا الكف عن القتال فإن قلت لو عطف على الصفة تحققت المناسبة أيضاً لأنّ سبب منع التعرض حينئذ الاتصال بالمعاهدين، والاتصال بالكافين، والاتصال سبب للدخول في حكمهم وقوله :( فإن اعتزلوكم ) يبين حكم الكافين لسبق حكم المتصلين بهم.
( قلت ) في شرح الكشاف أنه جائز لكن الأوّل