ج٣ص١٦٨
أي ما بالهم لا يستوون، والأنفة بفتحتين الترفع وعدم الرضا به. قوله :) على
التقييد السابق الخ ( لأنه مبين له والمبين عين المبين فيقيد بما قيد به من الإيمان، وعدم الضرر لكنه ترك للعلم به مما مرّ قيل ولأنه أعيد معرفة، وإنه إشارة إلى ردّ ما سيأتي من تغاير القاعدين فيهما وفيه نظر، وتضمن الدرجة التفضيل لأنها المنزلة والمرتبة، وهي تكون في الترقي والفضل فوقعت موقع المصدر كضربته سوطاً أي بسوط.
قوله :( المثوية الحسنى ) المثوبة الثواب، وقدرها للتأنيث في الحسنى وقوله :( وإنما التفاوت الخ ) قيل هذا يقتضي تفضيل المجاهدين على أولي الضرر باعتبار العمل، ولا محذور فيه مع أنّ قوله لا يستوي القاعدون غير أولي الضرر يقتضي تساوي أولي الضرر والمجاهدين إلا أن يقال التساوي لا يلزم أن يكون من كل الوجوه فالتساوي في النية، والعزم على بذل المال، والنفس لو قدر يكفي فيه كما في الحديث أنه لما رجع من تبوك قالءكييه :" لقد تركنا بالمدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا وطئنا موطئاً إلا شركونا في دّلك " ولذا قال النيسابوري أنهما متساويان فتأمّل. قوله :( نصب على المصدر الخ ( فضل بمعنى أعطي الفضلى، وهو أعمّ من الأجر لأنّ الأجر يكون في مقابلة أمر فأريد به الأخص لأنه في مقابلة الجهاد فلذا جعلهما بمعنى أو هو أعم لكن نصب المفعول لتضمنه معنى الإعطاء، ويكون ذلك الإعطاء فضلا أي زيادة على أجر غيرهم لبقاء معناه الأصلي فلذا قال، وأعطاهم زيادة، وفيه وجه آخر ذكره بعيدة، وهو أنه صفة درجات النكرة قدمت عليها فانتصبت على الحال، وأورد عليه أنه كيف يكون صفة لدرجات، وهو لا يطابقه لأفراده وأجيب بأنه مصدر في الأصل يستوي فيه الواحد، وغيره فيجوز نعت الجمع به. قوله :( كل واحد منها بدل الخ ( تسمح فيه بجعل المعطوف على البدل بدلاً، والمراد أنّ كلا منها يصلح لأن يكون أجرا، ونصبه على المصدر لتأويله، ولذا مثل له بأسواطا وعلى هذا الوجه جعل ما بعده منصوبا بفعل مقدر أي غفر لهم مغفرة، ورحمهم رحمة لأنه وان صح عطفه على أجراً من جهة المعنى لكن فيه تخلل ذي الحال بين الأحوال المتعاطفة.
تنبيه : إن قلت لم نصبه السبعة هنا إذا لم يرفعه إلا الحسن في تراءة شاذة وقرأ ابن عامر
في الحديد وكل وعد الله بالرفع مع أنّ حذف العائد في نحو زيد ضرب مخصوص بالشعر عند ابن الشجري.
قلت : أجابوا عنه بأنّ قبله فعلية هنا وهي قوله فضل اللّه الخ. بخلاف ما في الحديد فلذا
رفعه ابن عامر ونصب هنا كما في أمالي ابن الشجري إلا أنّ قوله حدّف العائد مخصوص بالشعر غير صحيح مع منافاته لما قرّره. قوله :( كرر تفضيل المجاهدين الخ ( في الكشاف فضل الله المجاهدين جملة موضحة لما نفى من استواء القاعدين، والمجاهدين كأنه قيل ما لهم لا يستوون فأجيب بذلك والمعنى على القاعدين غير أولي الضرر لكون الجملة الأولى بيانا للجملة المتضمنة لهذا الوصف، ثم قال أما المفضلون درجة واحدة فهم الذين فضلوا على القاعدين الأضراء، وأمّا المفضلون درجات فالذين فضلوا على القاعدين الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم لأنّ الغزو فرض! كفاية.
( أقول ) هذا من مشكل هذا الكتاب لتناقضه فإنه قال فيما سبق أن المفضلين درجة الذين ذكرهم اللّه هم المفضلون على القاعدين غير أولي الضرر وقال ثانياً إنّ معناه على القاعدين الإضراء، وهذا هو الذي نقله المصنف رحمه الله رابعاً بصيغة التمريض، وأيضا مفهوم الصفة أو الاستثناء في غير أولي الضرر يدلان على التساوي بين المجاهدين، والإضراء، كذا سبب النزول صريح في أنّ المقصود استثناء قوم لم يقدروا على الجهاد، وإثبات المساواة لهم فكيف يفضلوا عليهم درجة، وأيضاً لأوجه لو عد غير الإضراء بالجنة إذ لا عمل لهم ولا نية، والجواب عما عدا التناتض بأنّ المساواة في النية، وما عدا العمل أو أنهم لما فهموا من نفي الاستواء البون البعيد قيد بغير أولي الضرر يعني أنّ البون البعيد بينهم، وبين غير أولي الضرر، وأما هما فبينهما فرق يسير ودرجة واحدة، ولذا تممه بقوله وكلا الخ إشارة إلى تساويهما في غير تلك الدرجة، وبأنّ وعد غير الإضراء لكون تخلفهم بالإذن، وفيه نظم أحوال عيال المجاهدين، وحفظ المدينة، وأما التناقض فقد دفع بوجوه متكلفة لا يمكن تطبيقها على كلامه إلا بارتكاب أمور يمجها السمع