ج٣ص١٧٦
القصد الخ ( قال! الراغب إن قيل قد كانوا هموا بذلك فكيف هذا، ولولا تقتضي امتناع الجواب أجيب بوجهين أحدهما أن القوم كانوا مسلمين لم يهموا بإضلاله، وإنما كان ذلك عندهم صواباً، والثاني أنه نزل الهتم لانتفاء أثره منزلة العدم فجعل كأنه منفي كقولك فلان شتمك، وأهانك لولا أني تداركت ذلك تنبيها على أنّ أثر فعله لم يظهر، وقيل : إن الجواب محذوف أي لأضلوك إذ هموا بذلك وقوله :( مع علمهم بالحال ) أي أو بالخائن سواء كان
بعضهم أوكلهم لأنهم لو لم يعلموا لم يتحقق الإضلال، وقوله : لأنه أي همهم يعني أنه لعدم أثره وعوده بالوبال عليهم كانوا أضلوا أنفسهم، وقوله : في موضع النصب على المصدر أي أن من زائدة وشيء كان منصوبا على المصدرية، وأمّا قوله شيئاً من الضرر فماً خوذ من شيء، وتنكيره لا أنّ من تبعيضية وقوله :( وعلمك ما لم تكن تعلم الخ ) قيل هذه الآية أبلغ من قوله في سورة أخرى ما لم يعلم لأنّ معناها ما لم يكن فيك قابلية لعلمه، ولذا فسره بما ذكر، وقد مرّ تحقيقه. قوله :" ذ لا قضل أعظم من النبوّة ( قيل : إنه مبنيّ على أن النبوّة أعظم من الرسالة أو على ترادفهما فتأئل. قوله :( من متناجيهم الخ ) النجوى تكون مصدراً بمعنى التناجي، والحديث الذي يتناجى به، ويسر، وتطلق على القوم المتناجيق كما في قوله :﴿ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ﴾ إمّا مجازا كرجل عدل أو حقيقة على أنه جمع نجيّ كما نقله الكرماني، وعلى هذين المعنيين يترتب اتصال الاستثناء واحتياجه إلى التقدير، وعدمه ا ١ فعلى الأوّل في كلام المصنف هو متصل، وعلى الثاني كذلك بتقدير مضاف أو منقطع، وياللم حال إعرابه من ذلك ويكفي في الاتصال صحة الدخول وان لم يجزم به فلا يرد عليه ما توهم أنه مثل جاءني كثير من الرجال إلا زيداً، ولا يصح فيه الاتصال لعدم الجزم بدخوله في الكثير ولا الانقطاع لعدم الجزم بخروجه، ولا حاجة إلى التكلف في دفعه، وأتا جعله متعلقاً بما أضيف إليه النجوى بالاستثناء أو البدل فخلاف الظاهر، وقال النحرير أنه لا معنى له، وفيه تأمّل. قوله :) والمعروف الخ ( قيل لو اقتصر على ما استحسنه الشرع لكان أولى إذ كل ما يستحسنه الشرع لا ينكره العقل. قوله :( بني الكلام على الأمر الخ ا لما كان، ومن يفعل تذييلا لقوله :( إلا من أمر بصدقة ) الخ
فينبغي أن يكون مطابقا للمذيل، ولا مطابقة بين آمر الفعل، وفاعله ظاهراً فلذلك أوّلوه بجعل القرينة الأولى كناية عن الفاعل ليحصل التطابق بالطريق الأولى أو تجعل الثانية كناية عن الأمر لشموله، وتناوله إياه وبيانه أنه لما وصف الأمر بالخيرية علم أنّ فاعله كذلك بالطريق الأولى فلذا قال فيه فسوف نؤتيه أجراً عظيما لأن فاعله أولى بمضاعفة أجره، وتعظيم ثوابه أو أنه عبر عن الأمر بالفعل إذ هو يكنى به عن جميع الأشياء كما إذا قيل حلفت على زيد، وأكرمته، وكذا وكذا فتقول نعم ما فعلت إلا أنه يحتاج إلى نكتة العدول عن يأمر، وهو أخصر لما ذكر فتأمّل، ويجوز جعل ذلك إشارة إلى الأمر بصدقة أو معروف أو إصلاح فيكون معنى من أمر، ومن يفعل الأمر واحداً والمصنف رحمه الله اختار الشق الأوّل لظهوره ولك أن تقول إنه لا حاجة إلى جعله تذييلا بل لما ذكر الآمر استطرد ذكر تمثيل أمره، وهذا لا تكلف فيه. قوله :( وقيد الفعل بأن يكون الخ ) المرضاة الرضا، وظاهر كلامه أن الرياء محبط لثواب الأعمال، وبه صرح ابن عبد السلام، والنوويّ.
وقال الغزاليئ : إذا غلب الإخلاص فهو مثاب، والا فلا، وفي دلالة الآية على ما ذكره المصنف رحمه الله نظر لأنه أثبت للمخلص أجرا عظيما، وهو لا ينافي أن يكون لغيره ما دونه، ولذلك دفعه المصنف رحمه الله بأنّ عظمته بالنسبة إلى أمور الدنيا أو لأجر آخر وقوله :( يخالفه الخ ) تفسير للمشاقة بأنها بمعنى المخالفة، وقوله : من الشق يجوز فيه الفتح والكسر. قوله :( ظهر له الحق الخ ) قيل الأنسب تفسيره بظهور الحق فيما حكم به النبيّ ﷺ وقوله :( غير ما هم عليه ) إشارة إلى أنّ السبيل كناية أو مجاز عما ذكره. قوله :( نجعله والياً الخ ) أي نصله، ونجعله متوليا أي مباشراً لما هو فيه من الضلال قيل ولو اقتصر عليه لكان أولى لأنّ تأويل أمثاله بالتخلية مبنيّ على الاعتزال وعدم خلق الضلال أو كان عليه عطفه بأو إشارة إلى مذهبهم، وجعل نصله مجازاً عن الإدخال لما مرّ، وقوله :﴿ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾ إشارة إلى تقدير المخصوص بالذم، ولو قدر التولية لصح. قوله :( والآية تدل على حرمة مخالفة


الصفحة التالية
Icon