ج٣ص٢١٦
حرمتها لأنها من جملته، والمخمصة المجاعة أي الجوع سمي بها لأنه يخمص له البطون أي تضمر والجنف معناه الميل كما مرّ والمراد بميله للإثم تجاوز محل الضرورة، والرخصة بالزيادة أو قصد أمر غير دفعها، وظاهره أنّ معنى قوله غير باغ، ولا عاد ذلك، وقد فسر الباغي في سورة البقرة بالمستأثر على غيره فكأنه أشار هنا إلى تفسير آخر له وقوله :﴿ لا يؤاخذ بكله ﴾ أوّله به ليصح جعله جوابا لمن الشرطية مترتبا عليه، واشارة إلى أنه أقيم فيه سبب الجزاء مقامه لا أنه مقدر في الكلام، وإن كان لا مانع منه. قوله :( لما تضمن السؤال معنى القول الخ ) يعني أنّ السؤال ليس مما يعمل في الجمل، ويتعدى بحرف الجرّ يقال سأل عن كذا فقيل إنه بتقدير مضاف أي جواب ماذا، واختار المصنف رحمه الله أنه ضمن معنى القول فحكيت به الجملة كما يحكي بالقول، وهو معلق لأنه وان لم يكن من أفعال القلوب لكنه طريق العلم فعلق كما يعلق، وقال لهم دون لنا الذي وقع في سؤالهم فمقتضى الحكاية ذلك حكاية بالمعنى لمناسبة غيبة يسألونك كما تقول أقسم زيد ليضربن ولو قلت لأضربن جاز وقوله والمسؤول الخ أي ليس عن مطلق ما أحل بل عن المطاعم لأنّ الكلام فيها، وقوله : ساً لوا عما أحل لهم أي هل هو جميع ما عدا المذكور أم فيه تفصيل فأجيبوا بأن له تفصيلا. قوله :( ما لم تستخبثه الطباع السليمة الخ ) فالمراد بالطيب ما لم يستخبث لقوله، وبحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، والمراد بمستخبثات العرب ما كانوا يأكلونه من الحشرات، وقوله : أو ما لا يدل الخ تفسير آخر للطيب، وهو بمعنى الحلال لأنّ الطيب يكون بمعنى الحلال، والحل إما بنص! أو قياس، ويدخل فيه الإجماع، ولا بد من استناده لنص، وإن لم
نقف عليه، وقال السليمة لأنّ الطباع جمع طبع، وهو ما طبع عليه الإنسان كما ذكره الأزهري فلا عبرة بمن أنكر كونه جمعا، وقال إنه واحد مذكر، ومن أنثه ذهب إلى الطبيعة، وقال ابن السيد : يجوز أن يكون جمع طبع ككلب وكلاب اهـ، وكأنه لم يقف على ما قاله الأزهري. قوله :( عطف على الطيبات إن جعل ما موصولة الخ ) يصح على هذا أيضاً كونها مبتدأ، وجملة فكلوا خبره لكنه خلاف الظاهر. قوله :( وصيد ما علمتم الخ ) أي مصيده لأنه الذي أحل فعطفه على الطيبات من عطف الخاص على العام وعلى تقدير الشرطية لا يكون عطفاً على الطيبات بل مبتدأ خبره الشرط، والجزاء على المختار، والجملة عطف على جملة أحل لكم، ولا يحتاج إلى تقدير مضاف، ونقل عن الزمخشري أنه قال بالتقدير فيه وقال تقدير. لا يبطل كون ما شرطية لأن المضاف إلى اسم الشرط في حكم المضاف إليه كما تقول غلام من يضرب أضمرب كما تقول من يضرب أضرب كذا قال النحرير، والظاهر أنه لا حاجة إلى جعل الصيد بمعنى المصيد لاًن الحل والحرمة يتعلقان بالفعل، وأنه لا حاجة إلى تقدير المضاف على جعلها شرطية كما أشار إليه المصنف رحمه الله بترك التقدير فيه لأنه على ذلك التقدير يصير الخبر خاليا عن ضمير المبتدأ إلا أن يتكلف بجعل ما أمسكن من وضع الظاهر موضع المضمر فليتأمل وقوله :( والجوارح كواسب الخ ) من قولهم جرح فلان أهله خيرا إذا أكسبهم، وفلان جارحة أهله أي كاسبهم. قوله :( معلمين !ياة الصيد الخ ) مؤدب الجوارج شامل للكلاب، وخص به الاشتقاق لأنه أكثر فيه، وقوله : ومضريها أصل معنى التضرية الإغراء، والحث وقد ضري بالصيد وأضراه عليه مرنه عليه ثم قيل لكل من اعتاد شيئا وقوله لأن كل سبع يسمى كلبا في شموله للطير نظر، ولا دلالة في تسميته الأسد كلباً عليه، وقوله من الكلب بسكون اللام أصالة أو مخففة كلب بفتحتين، وفيه على هذا استخدام في قوله فيه. قوله :( لقوله عليه الصلاة والسلام :" اللهتم سلط عليه كلبا من كلابك " ) قال في الكشاف فأكله الأسد وسيأتي هذا في سورة النجم قاله ﷺ في حق عتبة بن أبي لهب أو لهب بن أبي لهب وقد أذاه وسبه قال الطيبي رحمه الله : هذا حديث موضوع، وليس كما قال بل هو حديث صحيح أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث أبي نوفل [ بن أبي عقرب عن أبيه ] قال كان لهب بن أبي لهب يسب النبيّ ﷺ فقال ﷺ اللهمّ سلط عليه كلبأ من كلابك أو كلبك فخرج في قافلة يريد الشام فنزلوا
منزلاً فيه سباع فقال إني أخاف دعوة محمد ﷺ فجعلوا متاعه حوله


الصفحة التالية
Icon