ج٣ص٢٢٦
للمسند إليه على المسند أي لا غير المسيح كقولهم الكرم هو التقوى، وأنّ اللّه هو الدهر أي الجالب للحوادث لا غير الجالب بخلاف زيد هو المنطلق فإنّ معناه لا غير زيد وقال الراغب : إن قيل إنّ أحدا منهم لم يقل الله هو المسيح وإن قالوا المسيح هو الله، وذلك أنّ عندهم أنّ المسيح من لاهوت وناسوت فيصح أن يقال المسيح هو اللاهوت، وهو ناسوت كما صح أن يقال الإنسان هو حيوان مع تركبه من العناصر ولا يصح أن يقال اللاهوت هو المسيح كما لا يصح أن يقال الحيوان هو الإنسان قيل إنهم قالوا هو المسيح على وجه آخر غير ما ذكرت، وهو ما روي أنه لما رفع عيسى ﷺ اجتمع
علماء بني إسرائيل فقالوا : ما تقولون في عيسى ﷺ فقال أحدهم أو تعلمون أحداً يحعي الموتى إلا الله قالوا : لا قال : أتعلمون أنّ أحداً يعلم الغيب إلا الله، قالوا : لا قال : أتعلمون أنّ أحداً يبرئ الأبرص والأكمه إلا الله قالوا : لا قال : فما اللّه إلا من هذه صفته أي حقيقة الإلهية فيه، وهذا كقولك الكريم زيد أي حقيقة الكرم في زيد وعلى هذا قولهم إنّ الله هو المسيح ابن مريم والمصنف رحمه الله تعالى أشار إلى أنّ القائلين بالاتحاد يقولون بانحصار المعبود في المسيح كما هو ظاهر النظم فلا يرد عليه شيء وتقريره ما سبق. قوله :) وقيل لم يصرح به أحد الخ ) يعني أنهم كما زعموا أنّ فيه لاهوتا مع التصريح بالوحدة لزمهم أنّ الله هو المسيح والا فمجرد اتصافه بصفات الله إنما يناسب الحكم بأن المسيح هو الله أو إله وقرّر بعضهم كلام المصنف هنا بما لا مساس له به، وقوله وتفضيحاً لمعتقدهم أي لهم في معتقدهم ونسبة التفضيح إلى الاعتقاد فيه مبالغة حسنة. قوله :( قل فمن يملك من الله الخ ) هذه الفاء عاطفة على مقدر أو جواب شرط مقدر أي ليس الأمر كذلك، أو إن كان كذلك ( فمن يملك ) الخ وقوله :( فمن يمنع الخ ) إشارة إلى أن يملك مجاز عن يمنع أو يضمن معناه، ومن الله متعلق به على حذف مضاف لكن ذكر في الأحقاف في قوله :﴿ فلا تملكون من الله شيئاً ﴾ [ سورة الأحقاف، الآية : ٨ ] أنّ معناه لا تقدرون على كفه من معاجلتي وتطيقون دفع شيء من عقابه وحقيقته من يستطيع إمساك شيء من قدرة الله تعالى إن أراد تعالى أن يهلكه فإذا لم يستطع إمساكه، ودفعه عنهم فلا يمكن منعهم منه فلذا فسر بالمنع أخذا بالحاصل وحقيقة الملك الضبط والحفظ ولذا يقال في تول الشاعر :
أصبحت لا أحمل السلاج ولا أملك رأس البعير أن يفرا
إن معناه لا أستطيع فهو بمعنى المنع أو القدرة مجازاً. قوله :( احتج بذلك على فساد قولهم وتقريره الخ ( أي تقرير الدليل أن المسيح مقدور أي حادث تعلقت به القدرة بلا شبهة لأنه تولد من أم ولذا ذكرع الأمّ للتنبيه على هذا، وهو على فرض حياتها فلا يرد عليه أنها هلكت، ومقهور بالفناء من هذه صفته كيف يكون الها. قوله :( إزاحة لما عرض لهم من الشبهة
الخ ) وهي أنه لا أب له وابراء ا!مه والأبرص وإحياء الموتى فالظاهر أن يقول، كما قال الزمخشري يخلق ما يشاء، أي يخلق من ذكر وأنثى ويخلق من أنثى من غير ذكر كما خلق عيسى ويخلق من غير ذكر وأنثى كما خلق آدم أو يخلق ما يشاء كخلق الطير على يد عيسى ﷺ معجزة له وكإحياء الموتى وإبراء اكمه والأبرص وغير ذلك، فيجب أن ينسب إليه ولا ينسب إلى البشر المجرى على يده. قوله :) أشياع ابنيه الخ ) يعني أنهم لم يدعوا أنهم أبناء ألله، وإنما قالوا عزير والمسيح ابنا الله فالمراد أشياع الابن وأتباعه أطلق عليهم أبناء تجوّزا إما تغليباً أو تشبيها لهم بالإبناء في قرب المنزلة كما يقول أتباع الملك نحن الملوك، وكما أطلق على أشياع أبي خبيب رضي الله عنه الخبيبون في قوله :
قدني من نصر الخبيبين قدي
على من رواه بالجمع قال ابن السكيت يريد أبا خبيب ومن كان على رأيه وهو لقب عبد
الذ بن الزبير رضي الله عنهما تصغير خب أي خداع أو خبب نوع من المشي وروي مثنى فقيل عبد الفه وابنه، وقيل وأخوه مصعب وبالجملة فالتمثيل لأنه لما جاز جمع خبيب وأشياع أبيه فأولى أن يجوز جمع ابن الله للابن وأشياع الابن بزعم الفريقين فاندفع أنهم لا يقولون ببنوة أنفسهم، ولم تحمل على التوزيع بمعنى أنفسنا الأحباء وأبناؤنا الأبناء بجمع الابنين لمشاكلة الأحباء لأن خطاب بل أنتم بشر يأباه ويدلّ على ادعائهم البنوة بأقي معنى كان والتمثيل بالخبيبين


الصفحة التالية
Icon