ج٣ص٢٢٧
على المشهور، وقيل أصله الخبيبيون بالنسبة فخفف كما قيل الأعجمون في جمع أعجمي، فلا يكون شاهداً لما نحن فيه وعلى القول الثاني المراد بالأبناء المقربون فعطف الأحباء عليه كالتفسير. قوله :( فإن صح ما زعمتم الخ ) يعني أنّ الفاء جواب شرط مقدر ويصح أن تكون عاطفة على مقدر كما مر، وقوله : بهذا المنصب أي المرتبة واستعمال القرب للمنصب بهذا المعنى وبمعنى الأصل لا بالمعنى المتعارف الآن فإنه مولد، وقوله : لا يفعل ما يوجب تعذيبه يعني الذنوب المصرج بها في النظم، وجعل في جملة عذاب الدنيا المسخ الوافع في أسلافهم واقتصر عليه الزمخشرقي، وقيل إنه الأولى إذ المسخ تعذيب البتة بخلاف البلايا والمحن فإنها
كثرت في الصلحاء كما قال المعرّي :
ولكنهم أهل الحفائظ والعلا فهم لملمات الزمان خصوم
وجعل عذاب الآخرة مس النار أياما معدودة تطهيرا لذنوبهم كما ادعوه ليتم الإلزام فلا
يقال إنه كان يكفي أن يقال إن كنتم أبناء الله وأحباءه فلم يعذبكم فإنهم معترفون بهذا العذاب بخلاف العذاب المخلد الذي أخبر به النيّ ﷺ وشهد به الكتاب والحاصل أنه إذا قيل لو كنتم أبناءه وأحباءه لما عذبكم لكن اللازم منتف فربما منعوا انتفاء اللازم، وطالبوا بالحجة، وإذا قيل لم عذبكم في الدنيا بالمسخ وفي الآخرة بما تزعمون تم الإلزام على النهج المعتاد المشهور قال النحرير رحمه الله بقي هنا إشكال قويّ وهو أنه. إذا كان بمعنى نحن أبناء الله أشياع ابنيه فغاية الأمر أن يكونوا على طريقة الابن تحقيقاً للتبعية لكن من أين يلزم أن يكونوا من جنس الأب في انتفاء فعل القبائح، وانتفاء البشرية، والمخلوقية ليحسن الرد عليهم بأنهم بشر من جملة من خلق نعم ما ذكر من استلزام المحبة عدم العصيان، والعقاب ربما يتمشى لأنّ من شأن المحب أن لا يعصي الحبيب، ولا يستحق منه المعاقبة، وفيه مناقشة لأنه شأن المحبين والأحباء هم المحبوبون، وسيأتي الجواب عنها، وأجاب عن إشكال إثبات البشرية بأنه ليس إثباتا لمطلق البشرية ليجب أن يكون رد الدعوى بانتفائه بل هو إثبات أنهم بشر مثل سائر البشر، ومن جنس سائر المخلوقين منهم العاصي والمطيع، والمستحق للمغفرة، والعذاب لا كما ادعوا من أنهم الأشياع المخصوصون بمزيد قرب، واختصاص لا يوجد في سائر البشر، ولذا وصف بشر بقوله : ممن خلق حتى لا يبعد أن يكون يغفر لمن يشاء أيضاً في موقع الصفة على حذف العائد أي لمن يشاء منهم، وأما إشكال الجنسية فقيل في جوابه المراد أنكم لو كنتم أشياع ابني الله لكنتم على صفة ابنيه في ترك القبائح، وعدم استحقاق العذاب لأنّ من شأن الأشياع، والاتباع أن يكونوا على صفة المتبوعين الذين هم الأبناء، ومن شأن الأبناء أن يكونوا على صفة الأب فمن شأن الأشياع أن يكونوا على صفة الأب بالواسطة، وقيل هو على حذف مضاف أي لو كنتم أشياع ابن الله لكنتم من جنس أشياع الأب أعني أهل الله الذين لا يفعلون القبائح ولا يستوجبون العقاب، وقيل إنّ قولهم نحن أبناء الله يتضمن دعوتين إثبات الابن، وكونهم أشياعه وأحباء أبيه فرد عليهم الأمر أن جميعا بأنّ من ادعيتم بنوته لو كان ابناً لما جاز عليه القبيح، ولا صدر منه ولو على سبيل الزلة، ولم يؤاخذ، ولو بالمعاتبة، والأنبياء ليسوا كذلك، وما ادعيتم من كونكم الأشياع والأحباء لو صح لما عذبتم بل إذا بطلت البنوّة بطل كونكم أشياع الابن، وأحباء الأب بواسطة ذلك، وأنت خبير بأن قوله فلم تذنبون وتعذبون بالمسخ، وم! النار بيان لانتفاء اللازم مقدم على الشرطية فلا معنى لاختصاص جزاء البنوة بالمتبوعين الذين لا قطع بذنبهم، وعقابهم بل يقطت بخلافه، وكيف يصح هذا مع عموم خطاب الشرط، وارتكاب الجمع بين الحقيقة، والمجاز، وقيل المراد إبطال أن يكونوا أبناء حقيقة كما يفهم من ظاهر
اللفظ أو مجازاً كما فسره فيكون أوكد في إفادة المطلوب، وهذا مع بعده إنما يصح لو كان مع التعرض لإبطال ما ادعوا من كونهم أشياعاً، وبعد كل كلام فالمقام محتاج إلى تحرير، وتهذيب، والذي يظهر أنّ هذا كله تكلف، وضيق عطن، وأنّ اللائق أن يقال إنّ مرادهم بكونهم أبناء الله أنه لما أرسل إليهم الابن على زعمهم، وأرسل لغيرهم رسلا من عباده دل ذلك على امتيازهم عن سائر الخلق، وأنّ لهم مع الله


الصفحة التالية
Icon