ج٣ص٢٣٧
وكذلك من قتل الجميع فيكون قتل واحد كقتل الجميع، وكذا إحياؤها بترك القتل كإحياء الجميع لإبقاء كرامة الله، وتوفير حرمته، والفائدة في هذأ التشبيه الترهيب، والرح عن قتل نفس واحدة لتصويره بصورة قتل جميع الناس، والترغيب، والتحضيض على إحيائها لتصويره بصورة إحياء جميع الناس ولأنه جرأ الناس فكان فعلهم متسببآ على فعله فكأنه صدر منه لما سنه من السنة السيئة، ولأنه يشبهه في استجلاب أصل غضب الله، وأدخل بعضهم في هذا التزوج لأنه يشبه الأحياء بالتناسب قال، وبه تتصل هذه الآية بقصة ابني آدم وهو تكلف من غير داع. قوله :( بعدما كتبنا عليهم هذا الشديد الخ ( التشديد العظيم يؤخذ من قتل جميع الناس، وقوله : وبهذا اتصلت الآية، وفي أكثر النسخ القصة أي قصة ابني آدم بما قبلها من قصص بني إسرائيل، وعلى النسخة الأخرى المراد بالآية قوله :( من أجل ذلك الخ ) اتصل بقصة ابني آدم، ويحتمل أن يريد بالآية قصة ابني آدم لأنها في حكم آية واحدة وفسر الإسراف بما ذكره ليشمل الفعل، ويعم ما لا يتعلق بالمال كما هو المتبادل منه. قوله :( أي يحاربون أولياءهما الخ ) يدخل في أولياء الله، والمسلمين الرسول دخولاً أولياً، ولا ينافيه جعل محاربتهم بمنزلة محاربتهما لأنّ منهم من حارب الرسول حقيقة فلا حاجة إلى التنزيل في شأنه لأنه إشارة إلى تقدير مضاف أو إن ذكر اللّه للتمهيد، وجعل محاربة المسلمين حكم محاربة الرسول للتنبيه على أن ما ذكر في الآية في حكم قطاع الطريق شامل للقطاع على المسلمين بعد الرسول ﷺ، ولو بإعصار لأنهم يحاربون الرسول حيث يحاربون من هو على طريقته، وأهل شريعته فلا يتوهم أنّ الحكم فيهم بطريق الدلالة أو القياس، وما يقال إنه إشارة إلى أنّ ذكر الرسول تمهيد على تمهيد كلام خال عن التحصيل كيف ولا ذكر للمسلمين بعده، وأيضا قطاع الطريق لو قتلوا، وفعلوا بأهل الذمة فحكمهم حكم غيرهم، وكان مرادهم أن ذكر الله تمهيد لذكر رسوله، وذكر الرسول تمهيد لقوله يسعون في الأرض فساداً لأنه هو المقصود، ولو اقتصر عليه لكفى وبهذا التقرير علم سقوط ما قيل على المصنف رحمه الله تعالى أنه خرج من كرمه الرسول نفسه فيقتضي أنّ بيان شأنه بطريق المفهوم، وليس كذلك، وقال الجصاص : يريد الذين يحاربون أولياء الله، ورسوله كقوله تعالى :﴿ إن الذين يؤذون اللّه ورسوله ﴾ ويدلّ على ذلك أنهم لو حاربوا رسول الله لكانوا
مرتدين باظهار محاربة النبيّ ﷺ، ومخالفته انتهى، وعليه فلا حاجة إلى التأويل، ولا يرد عليه شيء، وهو ظاهر، وأصلى معنى الحرب لغة السلب أي الأخذ، وقد يستعمل بمعناه يقال حربه إذا سلبه كما قاله الراغب : والمكابرة الهجوم جهرة واللصوصية بضم اللام مصدر بمعنى السرقة والمكابرة بهذا المعنى استعملها الفقهاء، وذكرها الجاحظ في كتاب اللصوص، وأهملها كثير من أهل اللغة فكأنها مولدة لم تثبت عندهم إلا أنّ الجاحظ ثقة، ولم يقل أنها مولدة. قوله :( اي مفسدين الخ ( يعني أنه حال بتأويل المصدر باسم الفاعل أو مفعول له أو مصدر لسعي من معناه كقعدت جلوساً وفساد اسم مصدر بمعنى الإفساد حينئذ، وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى إشارة إليه.
تنبيه : في الكشاف في قوله ليريه كيف يواري سوأة أخيه ليعلمه لأنه لما كان سبب تعلمه
فكأنه قصد تعليمه على سبيل المجاز قيل فهو استعارة تبعية في اللام حيث شبه ترتب التعلم على بحثه، وتسببه عنه بترتب ما يقصد بالفعل عليه، وكلامه صريح فيه، وان توهم أنّ مراده أنّ إسناد التعليم إلى الغراب مجازي لكونه سبباً، ولو أراد هدّا قال فكأنه علمه ثم بعد التجوّز في اللام هل الإسناد مجازي فيه تأمّل انتهى.
( أقول ) يعني على استعارة اللام معناه أنه ببحثه تبين له مواراة أخيه حقيقة، وهذا في التأويل ظاهر أما إسناده إلى الغراب فلا يمكن أن يكون على الحقيقة، ثم إنه على إرجاع الضمير لله، وتعلقه ببعث لا بد فيه من التجوز في اللام لأنها للعاقبة، وكلامه مشعر بخلافه فتأمّل. قوله :( أن يقتلوا الخ ) الإتيان بالتفعيل لما فيه من الزيادة على القصاص من أنه لا يسقط بعفو الولي، وكذا التصليب لما فيه من القتل، وإنما ضم إليه القتل لأنه لا يكون جزاء القتل وأخذ المال أقل من القتل وحده، وقوله : حتى يموت تنازع فيه يترك ويطعن، وقوله : تقطع الخ. هذا في أول