ج٣ص٢٥٣
رابط كما في الدر المصون، والظاهر أنه لا حاجة في عطفه على يصبحوا إلى جعله منصوبا في جواب عسى لأنّ الفاء كافية في المعطوف، والمعطوف عليه لأنهما كشيء واحد، ومن غفل عن هذا قال : كفى للعائد أقسموا بالله فإنه من وضع الظاهر موضع المضمر، ومثل هذا الإشكال وارد في عطف فيصبحوا إلا أن يكون من قبيل لعلي أحج فأزورك، وما اعترض به أبو حيان رده السفاقسي كما هو ظاهر فانظره إن أردته.
قوله :( يقوله المؤمنون بعضهم لبعض الخ ) يعني أن الاستفهام للتعجب والتبجح بتقديم
الجيم أي الافتخار أو بقوله المسلمون لليهود تفضيحا لهم، وللمنافقين أي الذين عاهدوكم على النصرة ما بالهم خذلوكم. قوله :( وجهد الإيمان أغلظها الخ ) في الكشاف في سورة النور جهد يمينه مستعار من جهد نفسه إذا بلغ أقصى وسعها وذلك إذا بالغ في اليمين، وبلغ غاية أشدها وأوكدها وسيأتي تحقيقه هناك، وهو حال بتأويل مجتهدين فيه أو أصله يجتهدون جهد أيمانهم فالحال في الحقيقة الجملة، ولذا ساغ كونه حالاً كقولهم : افعل ذلك جهدك مع أن الحال حقها التنكير لأنه ليس حالاً بحسب الأصل أو هو متأوّل بنكرة أو هو منصوب على المصدرية لأنّ المعنى أقسموا أقساما مجتهداً فيه، وفي قوله لأنه بمعنى أقسموا تسمح أي لأنه بمعنى مصدر أقسموا. قوله :( وفيه معنى التعجب الخ ) جعله الزمخشريّ تعجبا، وشهادة على كونه مقول القول فقط وقيل في توجيهه إنما خص به لأنه ليس للمؤمنين شهادة، وحكم بحبوط أعمالهم، والمصنف رحمه الله جعله على الوجهين لأنه لا بعد في التعجب على الوجهين، ولا في حكم المؤمنين باعتبار ما يظهر من حالهم في ارتكاب ما ارتكبوه واخبار النبيّ ﷺ بذلك، وعلى الأوّل هي في محل نصب، وعلى الثاني لا محل لها وقيل إنها جملة دعائية، والتعجب من سياق الكلام لا من الصيغة أو منها، وقوله على الأصل أي يرتدد بفك الادغام لسكون الثاني
والأصل في المثلين إذا سكن ثانيهما الفك كما تقرّر في محله، والإمام اسم مصحف سيدنا عثمان رضي الله عنه كما مر، وكتب على الأصل ليعلم منه حال القراءة الأخرى فهو لا يخالفه كما توهم، وهذا غير متفق عليه لأنه قال في الدر المصون أنه في بعض مصاحف الإمام يرتد بدال واحدة ومصاحفه متعددة فقيل سبعة وقيل ثمانية كما مر. قوله :( وهذا من الكائنات التي اخبر الله ثعالى عنها الخ ) قيل من شرطية، والشرط لا يقتضي الوقوع إذ أصله أن يستعمل في الأمور المفروضة فكيف يكون هذا إخباراً عن المغيبات كما هو أحد وجوه إعجاز القرآن، وأمّا وقوعه في زمن النبيّ ﷺ فكان بعد نزول هذه الآية فلا يرد، والجواب أنّ الشرط قد يستعمل في الأمور المحققة تنبيهاً على أنها لا يليق وقوعها بل كان ينبغي أن تدرج في الفرضيات، وهو كثير، وقد علم من وقوع ذلك بعد هذه الآية أن المراد هذا، وذو الحمار بالحاء المهملة الأسود العنسي بالنون، وعنس قبيلة باليمن وعبس بالباء قبيلة غير هذه، وعنس جدهم نسبوا إليه، وقيل لهذا ذو الحمار لأنه كان له حمار يأمره بالسير والوقوف فيأتي ما يريد، وقيل إنه كان يقول له اسجد لربك فيسجد، وضبطه بعضهم بالخاء المعجمة كابن ماكولا، وغيره إما لأنه كان له طيلسان كالخمار أو لأنّ النساء كانت تجعل روث حماره في خمرهن ومسيلمة بكسر اللام تصغير مسلمة، ووقعة مسيلمة وتزوّجه بسجاج، وأكاذيبه الباردة مشهورة في التواريخ، وقاتله وحشيّ رضي الله عنه، وقيل هو وعبد الله بن زيد الأنصاري طعنه وحشي وضربه عبد الله بسيفه
وهو القائل :
يسائلني الناس عن قتله فقلت ضربت وهذاطعن
في أبيات وقوله فبعث إليه رسول الله ﷺ خالداً كذا في الكشاف، وهو خطأ وصوابه
بعث إليه أبا بكر رضي الله تعالى عنه، وفزارة وغطفان قبيلتان مشهورتان، وياليل بياءين، ولامين كهابيل صنم سمي هذا به وسجاح مبنيّ على الكسر كانت كاهنة ثم تنبأت ثم أسلصت وحسن إسلامها، وحطم كزفر وعلي يده أي يد أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وحربه مع الخوارج عظيم طويل الذيل وجبلة بن الأيهم تقدمت قصته في سورة البقرة، والجمهور على أنه مات على ردته، وقيل إنه أسلم وروى الواقدي أنّ عمر رضي الله


الصفحة التالية
Icon