ج٣ص٢٥٤
تعالى عنه كتب إلى أحبار الشام لما لحق بهم كتاباً فيه أنّ جبلة ورد إليّ في سراة قومه فأسلم فكرمته، ثم سار إلى مكة فطاف فوطىء إزاره رجل من بني فزارة فلطمه جبلة فهشم أنفه، وكسر ثناياه، وقيل قلع عينه ويدل له ما سيأتي فاستعدى الفزاريّ على جبلة إليّ فحكمت إمّا بالعفو وإمّا بالقصاص فقال أتقتص مني وأنا ملك وهو سوقة فقلت شملك، وإياه الإسلام فما تفضله إلا بالعافي فسأل جبلة التأخير إلى الغد فلما كان من الليل ركب مع بني عمه ولحق بالشام مرتداً وروي أنه ندم على ما فعل وأنشد :
تنصرت بعدالحق عاراللطمة ولم يك فيها لوصبرت لهاضرر
فأدركني فيهالجاج حمية فبعت لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني صبرت على القول الذي قاله عمر
ووحشي معروف، وفي نسخة الوحشي، وهو خطأ من الكاتب. قوله :( قيل هم اليمن )
أي أهل اليمن لأنّ اليمن اسم بلادهم، وأبو موسى الأشعريّ رضي الله عنه من صميم اليمن، وهذا هو الصحيح كما أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده، والطبراني والحاكم من حديث عياض ابن عمر الأشعري، وأما كونهم الفرس فقال العراقيّ رحمه الله لم أقف عليه، وهو هنا وهم، وإنما ورد ذلك في قوله تعالى في آخر سورة القتال :﴿ وإن " تتولوا يستبدل قوماً غيركم ﴾ [ سورة محمد، الآية : ٣٨ ] كما أخرجه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه فمن ذكره هنا،
وهم أيضاً وقوله وذووه يدل على صحة إضافة ذو إلى الضمير في السعة فلا يلتفت إلى من أنكره، والقادسية موضمع بقرب الكوفة حارب فيه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رستم الشقي صاحب جيش يزدجرد سمي بها لأنّ إبراهيم الخليل عشي! تقدس بها أي اغتسل، وتطهر، والنخع بفتحتين قبيلة، وكذا كندة وبجيلة. قوله :( من أفناء الناس ( أي اخلاط قبائل شنى ليسوا قبيلة واحدة كمن قبلهم يقال هو من أفناء الناس إذا لم يعلم ممن هو الأزهري عن ابن الآعرابيّ أعفاء الناس وأفناؤهم أخلاطهم الواحد عفو وفنو، وعن أبي حاتم عن أمّ الهيثم هؤلاء من أفناء الناس، وتفسيره قوم نزاع من ههنا، ومن ههنا ولم تعرف أمّ الهيثم للافناء واحداً وهو بفاء ونون ممدود. قوله :( والراجع إلى من محذوف تقديره الخ ( من الشرطية هنا مبتدأ واختلف النحاة في خبرها فقيل مجموع الشرط، والجزاء وقيل الجزاء فعلى الأوّل لا يحتاج الجزاء وحده إلى ضمير يربطه، وعلى الثاني يحتاج إليه فهو مقدر كما ذكره المصنف رحمه اللّه وقيل إنه مؤوّل بلا يضركم ارتداده أو الجزاء محذوف، وهذا مسبب عنه قائم مقامه أي فهو مبغوض مطرود، وسوف يأتي الله بمن هو خير منه، ولكل وجهة، وقدم محبة الله لأنّ محبة العبد بعد إرادة اللّه هدايته وتوفيقه لأنها ناشئة منها. قوله :( ومحبة اللّه للعباد الخ ) تبع في هدّا الزمخشريّ إذ أنكر كون محب العباد دلّه حقيقية بل هي مجازية من باب إطلاق السبب على المسبب إذ لا تتصوّر المحبة الحقيقية هنا ورذ فيه على من اذعى ذلك من الصوفية في طرف العباد إذ الطرف الآخر لا نزاع فيه، وتد ردّه عليه، وأطنب فيه صاحب الانتصاف بما حاصله أنّ اللذة الباعثة على المحبة إما حسية، وهي ظاهرة أو عقلية كلذة الجاه، والرياسة ولذة العلوم، ولا علم ألذ وأكمل من معرفة الحق، والمحبة المنبعثة عنها محبة حقيقية متفاوتة بحسب تفاوت المعارف ألا ترى إلى قول النبيّ ﷺ للأعرابي الذي سأله عن الساعة " ما أعددت لها ". قال ما أعددت لها كبير عمل، ولكن حب الله، ورسوله فقال عليه الصلاة والسلام :" أنت مع من أحببت " كيف غاير بين ا!محبة، والعمل وقال الغزالي رحمه اللّه بعد ما قرر أمر المحبة المحبون لله يقولون لمن أنكر عليهم ذلك أن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون. قوله :( واستعماله مع على الخ ) يعني كان الظاهر أن يقال للمؤمنين كما يقال تذلل له، ولا يقال عليه للمنافاة بين التذلل والعلو ولكنه عداه بعلى لتضمنه معنى العطف والحنوّ
المتعدي بها. قوله :( أو التنبيه على أنهم مع علو طبقتهم وفضلها على المؤمنين خاضعون لهم ( لما كان في هدّا خفاء اختلف فيه شراح الكشاف فقيل المراد أنه ضمن معنى الفضل، والعلو يعني أنّ كونهم أذلة ليس لأجل كونهم إذلاء في أنفسهم بل لإرادة أن


الصفحة التالية
Icon