ج٣ص٢٦٠
قد لتفريب الماضي من الحال قال النحرير : دخلت قد لتقرب الماضي إلى الحال فتكسر سورة استبعاد ما بين الماضي، والحال في الجملة وإلا فقد إنما تقرب إلى حال التكلم، وهذا إشارة إلى ما قيل إنّ الماضي إنما يدل على الانقضاء قبل زمان التكلم، والحال مبينة لهيئة صاحبها قيد لعاملها فهي في حال وقوعه سواء كان ماضياً أو حالاً أو مستقبلا فهذا غلط نشأ من اشتراك لفظ الحال، وأجيب بأنّ الفعل إذا وقع قيد الشيء يعتبر مضيه، وغيره بالنظر إلى المقيد فماذا قيل جاءني زيد ركب يفهم منه تقدم الركوب على المجيء فلا بد من قد حتى تقز به إلى زمان المجيء فيقارنه، وله زيادة تفصيل في حواشي المطوّل، والرضي فارجع إليه، وذكروا لها نكتة أخرى هنا، وهي إنها تفيد ا!
المخاطب كان متوقعا المضمون الخبر، وفي الكشاف كان رسول الله ﷺ متوقعا لإظهار الله ما كتموه فدخل حرف التوقع وأورد عليه أن حرف التوقع إنما دخل على الدخول، والخروج بالكفر لا على إظهار نفاقهم، وأجيب بأنّ الأخبار بذلك إظهار له، والمناقشة باقية لأنها لتوقع المخبر به لا لتوقع الأخبار، وقيل : لا شك أنّ المتوتع ينبغي أن لا يكون حاصلا، وكونهم منافقين كان معلوما له ﷺ فيجب المصير إلى المجاز، والقول بإظهار الله ما كتموه، ولم يقل، وقد خرجوا به لإفادة تأكيد الكفر حال الخروج لأنه خلاف الظاهر إذ كان الظاهر بعد رؤية النبيّ ﷺ، وسماع كلامه أن يرجعوا عما هم عليه، وأيضاً أنهم إذا سمعوا قول النبيّ ﷺ، وأنكروه زاد كفرهم، وقوله والله أعلم إشارة إلى أن للنبي ﷺ بذلك علما أيضا لكنه كعلم الله المطلع على السرائر، وقيل : فحينئذ كان المناسب أن يقول المصنف رحمه الله، وكان الرسول ﷺ يعلمه فتأمّل، وقيل قوله ولذلك أي لظنه ﷺ قال، والله أعلم لتضمته علم النبيّ ﷺ أيضا لكن لا كعلمه تعالى لأنّ علمه ظني. قوله :( أي الحرام، وقيل الكذب لقوله عن قولهم الإثم ) فإنه يدل على أنه متعلق بقولهم فلا يكون مطلق الإثم، ولا قرينة على خصوصية كلمة الشرك فتعين أن يكون المراد بقولهم آمناً من حيث كونه كذبا ليس عن صميم قلب أمّا إذا كان إخباراً فظاهر، وان كان إنشاء فلتضمنه الخبر بحصول صفة الإيمان لهم، وهذا هو الذي ارتضاه الزمخشري، والمصنف رحمه اللّه لما رأى تخصيصه هنا لا داعي إليه، وأنّ التخصيص فيما سيأتي لا يقتضيه بل ربما يقتضي خلافه لأنّ الأصل عدم التكرار لم يرتض ما جنحوا إليه، وإن كان لا تكرار فيه لأنه هنا بالنسبة إلى من فعلوه، وهناك بالنسبة إلى من لم ينه عنه نعى عليهم أوّلاً اتصافهم بسوء الاعتقاد، ثم عقبه بسوء الأعمال، وقال يسارعون في الإثم فعداه بفي، وهو يتعذى بإلى إشارة إلى تمكنهم فيه تمكن المظروف في ظرفه، واحاطته بأعمالهم. قوله :( لبئس شيئاً عملوه ) إشارة إلى أن ما نكرة موصوفة وقعت تمييزاً للضمير المستتر في بئس الفاعل، والمخصوص محذوف أي بئس شيئاً عملوه هذه الأمور وجوّز جعلها موصولة فاعل بئس. قوله :( تحضيض لعلمائهم ) بضادين معجمتين أي حث، وطلب وجعل الربانيين هنا علماء، وفيما مرّ زهاد المناسبة المقام، والزهاد في الأكثر علماء، والنهي إنما يكون منهم وكون لولا، وأخواتها مع المضارع للتحضيض، ومع الماضي للتوبيخ مما قرّره ابن الحاجب، وغيره. قوله :( أبلغ من قوله لبئسما كانوا يعملون الخ ( أي لما تقرّر في اللغة، والاستعمال أنّ الفعل ما صدر عن
الحيوان مطلقا فإن كان عن قصد سمي عملا ثم إن حصل بمزاولة، وتكرّر حتى رسخ، وصار ملكة له سمي صنيعا، وصنعة وصناعة فلذا كان لصنيع أبلغ لاقتضائه الرسوخ، ولذا يقال للحاذق صانع، وللثوب الجيد النسج صنيع كما قاله الراغب : والتدرّب الاعتياد والتحرّي التوخي وقصد الأحرى، والأليق، والتروّي التفكر والتأمل من الروية، ووقع في نسخة تردّد يعني العود إليه مرّة بعد أخرى، وفي أخرى تروّد، وهي متقاربة معنى، والحسبة بكسر الحاء اسم بمعنى الاحتساب، وهو معروف وإنما كان ترك النهي أقبح من الارتكاب لأنّ المرتكب له في المعصية لذة، وقضاء وطر بخلاف المقرّ له، ولذا ورد أنّ جرم الديوث أعظم من الزانيين فإن قلت يلزم على هذا أن ترك النهي عن الزنا، والقتل أشد إثما منهما، وهو بعيد كما قيل قلت قيد


الصفحة التالية
Icon