ج٣ص٢٦٣
فبئئته، وأما الآخر فلو بئئته قطع هذا البلعوم أي عنقه، وأصل معناه مجرى الطعام، واليه أشار الحسن رضي الله تعالى عنه بقوله :
يارب جوهرعلم لو أبوح به لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
وهو علم الحقيقة، والحكمة المسكوت عنها، وقد أشار إلى هذا المصنف رحمه الله تعالى، وهو يفهم من لفظ الرسالة فإنّ الرسالة ما يرسل إلى الغير، وهذا مذهب الصوفية رحمهم الله تعالى أو أنّ اتحاد الجزاء، والشرط المراد به المبالغة كما في شعري شعري، ومن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله أي فقد ارتكب أمراً عظيما، وقوله أو فكأنك بلغت شيئا منها كقوله : فكأنما قتل الناس جميعا قيل، والوجه هذا لأنه ربما يناقش في الأوّل، ووجه المناقشة أنّ الصلاة اعتبرها الشارع أمراً واحداً بخلاف التبليغ وهي غير واردة لأنه إذا ألزمه بتبليغ الجميع فقد جعلها كالصلاة، والإيمان فإنّ من آمن ببعض ما يلزمه الإيمان به دون بعض لا يعد مؤمناً، وأجيب بوجوه أخر منها أنّ المراد الحكم بالتبليغ لا نفس التبليغ أي إن تركت تبليغ ما أنزل إليك حكم عليك بأنك لم تبلغ أصلاً، وقيل أقيم السبب مقام المسبب أي لا ثواب لك، وقيل المراد بما أنزل القرآن، وبما في الجواب بقية المعجزات. قوله :( عدة وضمان من الله تعالى الخ ) وإنما قال بعصمة روحه من القتل لئلا يورد عليه أنه ﷺ شج يوم أحد حتى قيل إنها نزلت بعد ذلك فهو باق على عمومه، واستشكل بأن اليهود سمو. ﷺ،
وأجيب بأنه ضمن له العصمة بسبب تبليغ الوحي فلا يمنع عنه بقتل ونحوه، وأما ما فعل به كيم وبالأنبياء عليهم الصلاة والسلام فللذب عن الأموال، والبلاد، والأنفس، ولا يخفى بعده قال الراغب رحمه الله تعالى : عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حفظهم بما خصوا به من صفاء الجواهر ثم بما أولاهم من الأخلاق والفضائل، ثم بالنصرة وتثبيت أقدامهم ثم بإنزال السكينة عليهم، وبحفظ قلوبهم، وبالتوفيق وقوله :( وعن أنس رضي الله تعالى عنه ( قالوا هذا الحديث أخرجه الترمذي، والبيهقي وغيرها عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، ولم يسنده أحد عن أنس رضي الله تعالى عنه وأدم بهمزة ودال مهملة مفتوحتين بلا مذ وميم اسم جمع لا ديم، وهو الجلد المدبوغ وقوله :( ولعل المراد ال!أ مر بيانه، وافشاؤه نشره، واظهاره. قوله :( حتى تقيموا التورية الخ ( قد سمعت معنى الإقا! ة عن قريب، وقولى : نا!ط بوجوب الطاعة له أي إذا بعت إليهم وهذا يعلم من الطاعة فإف* تقتضي أمره لهم وهو لا يأمر من لم يبعث إليه فلا يقال إنّ النبيئ تكنن قد يبعث لقومه فقط كصا ورد في الحديث فكيف تجب على غيرهم طاعته، وفسر تأس بتحزن، وتتأسف، وأشار بقوله. ( فإن ضرر الخ ) إلى أنّ سبب الحزن خوف الضرر والمندوحة السعة، والمراد بها هنا الغني عنهم. قوله :( والصابؤون رقع على الابتداء وخبره محذوف الخ ( يعني الخبر المذكور خبر إن، والصابئون مبتدأ خبره محذوف لدلالة الخبر الأول عليه فيكون حينئذ في نية التأخير، والتقدير
أن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن منهم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابؤون كذلك بناء على أنّ المحذوف في أن زيدا وعمرو قائم خبر الثاني لا الأوّل كما هو مذهب بعض النحاة، والى هذا أشار المصحنف رحمه الله تعالى، وقوله : حكمهم كذا كناية عن قوله :( من آمن الخ ) واستدل عليه بالبيتين فإنّ قوله لغريب خبر أنّ، ولذا دخلت عليه اللام لأنها تدخل على خبر إنّ لا على خبر المبتدأ إلا شذوذاً، وكذا بغاة ما بقينا الخ خبر أنا، ولو كان خبر أنتم لقال ما بقيتم هذا تقرير ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى تبعاً للزمخشري، وقال النحرير : إنما اختار هذا دون العكس، وهو أن يكون المذكور خبراً عن الثاني، وقد حذف من الأوّل لأنه أقيس حيث جعل السابق قرينة اللاحق، وقدم للاهتمام بالمقدم، وأوفق بالاستعمال كما في الشعر المذكور، وعورض بأن ترك الفصل بين المبتدأ، والخبر أنسب، والإلحاق بالأقرب أقرب، وهو أيضاً موافق للاستعمال كما في قوله : نحن بما عندنا البيت وإنما اعتبر نية التأخير ليسلم عن الفصل بين اسم إن وخبره، وليعلم أنّ الخبر ماذا، ثم قال وقد يقال اختار هذا في الآية خاصة أي كون الخبر للأوّل، والحذف من الثاني مع نية التقديم لأن الكلام