ج٣ص٢٦٧
واسم الفاعل منه صاب كرام وجمعه صابون كرامون، وصبا معناه مال لميلهم عن مقتضى الشرع، والعقل. قوله :( جواب الشرط والجملة صفة رسلاَ الخ ) تسمية كلما كلمة شرط وقع من الفقهاء، وأهل المعقول وقال أبو حيان رحمه الله ليس كلمة شرط بل هو منصوب على الظرفية لإضافته إلى ما المصدرية الظرفية وقال السفاقسي رحمه الله، وغيره سموها شرطا لاقتضائها جواباً كالثرط الغير الجازم فهي مثل إذا ولا بعد فيه، وقيل على كونها صفة إنه لا يساعده المقام لأنّ الجمل الخبرية إذا جعلت صفة أو صلة يفسخ ما فيها من الحكم، ويجعل عنوانا للموصوف، وتتمة له، ولذا وجب أن تكون معلومة الانتساب له ومن هنا كانت قبل العلم بها أخباراً وبعده صفات، ولا ريب أن ما سيق له النظم إنما هو لبيان أنهم جعلوا كل من جاءهم من الرسل عرضة للقتل، والتكذيب حسبما يفيده جعلها استئنافا على أبلغ وجه وآكده لا بيان أنه أرسل إليهم رسلاً موصوفين بذلك، وهو تخيل لا طائل تحته فإنّ قوله، ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل، وأرسلنا إليهم رسلاً مسوق لبيان جناياتهم، والنعي عليهم بذلك كما اعترف به هذا القائل، وهو لا يفيده إلا بالنظر إلى الصفة التي هي المقصود بالإفادة كما في سائر القيود لأنها مرمى النظر وأمّا كونها معلومة فلا ضير فيه فإنك إذا وبخت شخصاً، وقلت له فعلت كيت، وكيت، وهو أعلم بما فعل لا يضرّ ذلك في تقريعه، وتعييره بل هو أقوى كما لا يخفى على الخبير بأساليب الكلام فلا تلتفت إلى مثل هذه الأوهام. قوله :( وقيل الجواب محذوف دلّ عليه ذلك وهو استئناف ا لبيان الجواب المحذوف وتقديره ناصبوه وعادوه، ولم يقدر استكبروا الملفوظ به في الآية الأخرى لأنه أدخل في التوبيخ على ما قابلوا مجيء الرسول ﷺ الهادي لهم، وأنسب بما وقع في التفصيل مستقبحا غاية الاستقباح مذكورا بطريق الاستحضار، وهو قتل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنّ الاستكبار إنما تقضي إليه بواسطة المناصبة، وأمّا في الآية الأخرى فقد قصد إلى استقباح الاستكبار نظراً إليه في نفسه لاقتضاء المقام، وقد خالف المصنف رحمه الله الزمخشري إذ جعل هذا متعينا لأنه تفصيل لحكم إفراد الجمع الواقع في قوله :{ أرسلنا إليهم رسلا، أي كلما جاءهم رسول من الرسل، والمذكور بقوله فريقاً كذبوا الخ يقتضي أنّ الجائي في كل مرّة فريقان فبينهما تدافع، وعلى تقدير قطع النظر عن أفراد هذا المانع لا يحسن في مثل هذا المقام تقديم المفعول مثل إن أكرمت أخي أخاك أكرمت لأنه يشعر بالاختصاص وتقدير الفعل مع النزاع في المفعول، وتعليقه بالشرط يشعر بالشك في أصل الفعل، وقيل : إنه لا بد من الفاء لأنّ محل تأثير الشرط
هو الفعل وتقديم المفعول يبعده عن المؤثر فيحوجه إلى رابط، ولأنه بتقديم المفعول أشبه الجملة الاسمية المفتقرة إلى الفاء كذا قرّره النحرير، وقيل فيه مانع آخر لأن المعنى على أنهم كلما جاءمم رسول! وقع أحد الأمرين لا كلاهما فلو كان جوابا لكان الظاهر أو بدل الواو، والمصنف رحمه الله لم ينظر إلى هذه الموانع أمّا الأوّل فلأنه لقصد التغليظ جعل قتل واحد كقتل فريق، وقيل المراد بالرسول جنسه الصادق بالكثير، وبؤيده كلما الدالة على الكثرة، وأما الثاني فلأنه لا تقتضي قواعد العربية مثله، وما ذكر من الوجوه أوهام لا يلتفت إليها، ولا يوجد مثله في كتب النحو، ومنه علم دفع الأخير.
( أقول ) هذا عجيب منه مع تبحره يغفل عن مثل هذا، وقد قال في متن التسهيل، ويجوؤ
أن ينطلق خيرا يصب خلافا للفراء فقال شراحه أجاز سيبويه، والكسائي رحمهما الله تعالى تقديم المنصوب بالجواب مع بقاء جزمه، وأنشد الكسائي رحمه الله تعالى :
وللخيرأيام فمن يصطبرلها ويعرف لها أيامها الخيريعقب
تقدير. يعقب الخير، ومنع ذلك الفراء رحمه الله مع بقاء الجزم، وقال بل يجب الرفع
على التقديم والتأخير أو على إضمار الفاء، وتأوّل البيت بأنّ الخير صفة للأيام كأئه قال أيامها الصالحة، واختار ابن مالك رحمه الله هذا المذهب في بعض كتبه، ولما رأى الزمخشري اشتراك المانع بين الشرط الجازم، وما في معناه مال إليه خصوصا، وقوّة المعنى تقتضيه فهو الحق والمصنف رحمه الله نظر إلى الظاهر، وأنه لا حاجة إلى التقدير