ج٣ص٢٦٩
فإنه لا يلتيس إذا كان بارزا فإن قيل إنه يلتبس بالفاعل في لغة أكلوني البراغيث أيضا قيل إنها لغة ضعيفة لا يلتفت إليها، وقد قالوا إنه لا يجوز تقديم الخبر فيما يصلح المبتدأ أن يكون تأكيدا للفاعل نحو أنا قمت فإن أنا لو أخر التيس بتأكيد الفاعل، وما نحن فيه مثله في الالتباس إلا أن الالتباس هنا بتابع آخر أعني البدل لكن النحاة صرحوا بجواز التقديم في مثل الزيد إن تاما، ولا التفات إلى اللغة الضعيفة لكن الجواز لا ينافي الضعف، وامتناع المثل يصلح وجها للضعف، ولذا قال المصنف رحمه الله لأنّ تقديم الخبر الخ، وقد أشار إليه الرضي فلا يرد ما ذكر. قوله :( والله بصير الخ ) حمله على المجازاة لأنّ المطلع على من خالفه ينتقم منه، ويجازيه على ما فعل، ثم لا يخفى موقع بصير هنا مع قوله عموا، وقوله وفق أعمالهم منصوب على نزع الخافض أي على وفقها، ومقدارها. قوله :( أي إني عبد مربوب مثلكم الخ ) أي مملوك مخلوق لأنّ الرب يكون بمعنى المالك والخالق، والمماثلة من العطف، وترتب العبادة على ذلك يؤخذ من التعليق بالرب، وقوله أو فيما يختصى به من الصفات رد على النصارى القائلين بحلول صفة العلم فيه، واعياء الموتى بالذات من عيسى ﷺ. قوله :( يمنع من دخولها ) يعني أنّ التحريم هنا مجاز مرسل أو استعارة تبعية للمنع إذ لا تكليف ثمة. قوله :( وما لهم أحد ينصرهم من النار ) أي يمنعهم منها، وخصه ليناسب ما قبله، ولو أطلق لكان له وجه وجيه، وأشار بقوله أحد إلى أن القصد إلى التعميم ونفي الجنس لا نفي الجمع حتى يتوهم غيره، والظاهر أنه يلزم من نفي الجمع نفي الواحد لأنه إذا لم ينصرهم الجم الغفير
فكيف ينصرهم الواحد منهم، ونقل عن الزمخشرفي أنه بناء على زعمهم أنّ لهم أنصاراً كثيرة فنفي ذلك تهكما بهم، وقيل إنه من مقابلة الجمع بالجمع، وأذا كان من كلام عيسى ﷺ وضع فيه الظاهر موضع ضمير الخطاب كما في الكشاف، وعليه أيضا فالمعنى لا ينصرهم بل يعاديهم فكيف غيره، وليس معناه كما قيل إنّ تعظيم عيسى ﷺ صار سببا لكونهم ظالمين لا ناصر لهم فما حال من عظم مخلوقا نازل الدرجة. قوله :( وهو حكاية عما قاله النسطورية الخ ) قد مر الكلام في معنى الأقانيم، وانّ منهم من قال بتجسمها، وهو الظاهر من كلام المصنف رحمه الله، وقوله ة وما سبق أي قوله إنّ الله هو المسيح. قوله :( وما في الموجودات واجب مستحق للعبادة الخ ) أي ما من إله إلا وهو موصوف بالوحدة إذ التعدد يستلزم انتفاء الألوهية كما ثبت ببرهان التمانع فإذا نافى مطلق التعدد فما ظنك بالتثليث وقوله :( ومن حيث إنه مبدأ جميع الموجودات ) تعليل لا تقييد لأنّ قيد الحيثية يستعمل للتعليل والتقييد والإطلاق كالإنسان من حيث هو إنسان قابل للعلم، وصنعة الكتابة فلا يرد عليه إنه تعالى مستحق للعبادة استحقاقا ذاتياً فالأولى ترك هذا القيد، وقوله متعال عن قبول الشركة إشارة إلى حصر الوحدة فيه على أبلغ وجه يفيد عدم قبوله للشركة فكما انتفى وجود الشركة انتفى إمكانها أيضا، وقوله ومن مزيدة للاستغراق قالوا في وجهه لأنها في الأصل من الابتدائية حذف مقابلها إشارة إلى عدم التناهي فاصل لا رجل لا من رجل إلى ما لا نهاية له، وبني اسمها لتضمن من لأنها الدالة على العموم كما ذهب إليه السكاكي قيل لو كان تقدير من يقتضي البناء بني المضاف وردّ بأنه فرق بين تقدير حرف، وتضمن معناه. قوله :( وإن لم ينتهوا عما يقولون ولم يوحدوا ) ما قالوا هو التثليث، ونحوه من الكفر، والانتهاء له معنيان قبول النهي والفراغ، وبلوغ النهاية وعليهما فمعناه إن لم يرجعوا عما هم عليه إلى خلافه، وهو التوحيد والإيمان. قوله :( أي ليمسن الذين بقوا منهم على الكفر ) يعني أنّ هذا إمّا من وضع الظاهر موضع المضمر فالمراد بالذين كفروا النصارى، ومن بيانية أو ليس منه، والذين كفروا بمعنى الثابتين على الكفر فمن تبعيضية فقوله وضعه موضع الخ مبني على الثاني، وقدم الأوّل لعدم مخالفته لمقتضى الظاهر. قوله :( تكريرا
للشهادة الخ ) تعليل لوضع الظاهر موضع المضمر لما ذكر، وقوله : وتنبيهاً تعليل للوجه الآخر على اللف والنشر المشوس، ووجه التعقيب إذا فسر الذين كفروا بمن بقي على الكفر ظاهر، وكذا على الوجه