ج٣ص٢٧٠
الآخر لأنّ المعنى أن الكفار مستحقون للعذاب فينبغي الرجوع، والتوبة عن الكفر ليسلموا منه، وتوبة الكفار هي الإسلام فلذا فسرها بقوله بالانتهاء الخ، وكذا طلب المغفرة للكفر إنما يكون بتنزيها لله عما اعتقدو. ، وقوله بعد هدّا التقرير، والتهديد تصريح بوجه التعقيب على إطلاق الكفر فافهم. قوله :( يغفر لهم الخ ) إشارة إلى ارتباطه بما قبله، وقوله : تعجب من إصرارهم هو على تفسير الذين كفروا بمن بقوا على الكفر، وصرّح به لأنّ عدم التوبة يقتضي الإصرار، وترك الأوّل لظهوره إذ المعنى لا يبادرون إلى التوبة كقوله تعالى :﴿ ألم يأت للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم ﴾. قوله :( ما هو إلا رسول كسائر الرسل قبله الخ ) يعني ليس كما يزعم النصارى بل هو كغيره من رسل البشر لأنّ ما اشتبه عليهم وقع ما هو أعظم منه لغير. من الأنبياء فإنه أحيا من مات من الأجسام التي شأنها الحياة، وموسى ﷺ أحيا الجماد، ونبينا ﷺ فإنه أحيا من مات من الأجسام التي شأنها الحياة، وموسى ﷺ أحيا الجماد، ونبينا ﷺ نطق له الحجر والشجر، وعيسى ﷺ خلق من غير أب، وآدم ﷺ خلق من غير أب وأم، وهذا أغرب. قوله :( وأمّه صديقة الخ ) يعني أنّ هذه صيغة مبالغة كشريب كما صرح به النحاة، ومن غفل عنه قال لم يعدّوا فعيلاً من صيغ المبالغة، وكونه من الصدق أرجح ولذا قدمه المصنف رحمه الله لأنّ صيغ المبالغة القياس فيها الأخذ من الثلاثيّ لكن قوله، وصدقت بكلمات ربها يؤيد أنه من المضاعف، وعدل عن قول الزمخشريّ، وما أمّه أيضا إلا صديقة كبعض النساء لأنه ليس في النظم ما يفيد الحصر، وقال النحرير الحصر مستفاد من المقام، والعطف والأوّل ظاهر، وأمّا الثاني فيقتضي أنّ ما زيد إلا كريم، وأبوه شريف يصح أن يقال! إنه يصح ادّعاء الحصر في المعطوف، ولا بعد فيه وقوله كسائر النساء رد على النصارى، وما نسبوه لمريم. قوله :( ويفترقان إليه افمكار الخ ) يعني أنه بين أولاً أقصى مراتب كمالهما، وأنه لا يقتضي الألوهية، وقدمه لئلا يواجههما بذكر نقائص البشرية الموجبة لبطلان ما ادعوا فيهما على
حد قوله تعالى :﴿ عفى اللّه عنك لم أذنت لهم ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٤٣ ] حيث قدم العفو على المعاتبة له ﷺ وكونهما من عداد المركبات مأخوذ من التغذي الذي يتولد منه الأخلاط التي يتركب منها البدن ومنها قوامه، والكائنة بمعنى المحدثة، والفاسدة بمعنى الفانية لأن الفناء بفساد التركيب، ومنه قولهم عالم الكون والفساد، وقوله : ثم عجب أي بين ما يتعجب منه الناظر لحالهم، والواقف عليها فإن المراد من الأمر بالنظر التعجب كما تقول انظر إلى زيد يسير إليّ مع إحسانه. قوله :( كيف يصرفون عن استماع الحق الخ ) يعني أني هنا بمعنى كيف، ويؤفكون بمعنى يصرفون. قوله :( وثم لتفاوت ما بين العجبين الخ ) ويصح أن يكون لبيان استمرار زمان بيان الآيات وامتداده. قوله :( يعني عيسى عليه الصلاة والسلام وهو وإن ملك الخ ) محصله أنّ معنى الآية أتعبدون شيئا لا يستطيع مثل ما يستطيعه الله أو شيئا لا استطاعة له أصلا لأن كل ما يستطيعه البشر بإيجاد الله، واقداره عليه، وهو جواب لما يقال كيف يكون المراد بما لا يملك عيسى ﷺ، وهو ضارّ لهم نافع بإحياء الموتى، وغيره فأجاب بأن ضره، ونفعه كالإبراء، والأحياء بأمر الله، وتقديره على أنه ليس كضر الله، ونفعه فلا وجه للاستدلال به على مدعاهم ولا ينافي نفيه فإنّ الملك، والاستطاعة بالذات أو الفرد العظيم منهما المخصوص بالله فعلى الأوّل النفع والضرّ على عمومه والتأويل في نفيه، وعلى الثاني مخصوص، ولا تأويل في نفيه عنه. قوله :( نظرأ إلى ما هو عليه في ذاته الخ ) يعني المراد بما عيسى، وأمه فكان الظاهر من فأشار إلى أنه في أوّل أمره كان نطفة، ومضغة لا يعقل، وهو بعد ذلك لا عقل له في ذاته لو لم يخلق الله فيه القوّة العاقلة، وعبر به لأنه نفي عنه بعدها القدرة على الضر، والنفع لأنّ معنى يملك يستطيع، ويقدر فذكرت ما توطئة له ومناسبة معه،
وقوله رأسا يعني بالكلية أعم من الضرّ، والنفع أو أنه من جنس ما لا يعقل لكونه حيوانا أو جسماً فعبر عنه بما ليعم جنسه، ومن كان بينه، وبين غيره مشاركة وجنسية كيف يكون إلها، وقيل إنّ المراد بها كل ما عبد كالأصنام، وغيرها فغلب ما لا يعقل تحقيراً، وقوله : فيجازي عليها فهو القادر على الضر والنفع لا غيره، ولو صرح به لكان أنسب. قوله :( أي غلوا باطلاَ ) يعني غير الحق صفة مصدر