ج٣ص٢٧١
أي غلوا غير حق، ولوصيفه به للتوكيد فإن الغلو لا يكون إلا غير حق، وقيل إنه للتقييد لأنه قد يكون غير حق، وقد يكون حقا كالتعمق في المباحث الكلامية، والخطاب لأهلى الكتاب مطلقاً كما أشار إلى النصارى بقوله : فترفعوا عيسى عليه الصلاة والسلام، وإلى اليهود بقوله :( أو تضعوه الخ ) والقول الثاني يخصه بالنصارى، والإهواء جمع هوى، وهو الباطل الموافق للنفس. قوله :( شايعهم )، وفي نسخة يشايعهم والمشايعة المتابعة، وفسر ضلوا في الموضعين بما يدفع التكرار، وقوله عن سواء السبيل الظاهر تعلقه بالأخير فيكون المراد به الإسلام، وهو ظاهر كلام المصنف رحمه الله، وجعله النحرير متعلقا بالثلاثة فعليه يكون مراد المصنف رحمه الله بيان المراد به الأخير وأيلة بفتح الهمزة، وسكون الياء التحتية موضع قريب من بيت المقدص. قوله :( أي ذلك اللعن الشنيع الخ ) ترك قول الزمخشريّ أي لم يكن ذلك اللعن الشنيع الذي كان سبب المسخ إلا لأجل المعصية، والاعتداء لأنه ليس في الكلام ما يفيد الحصر، وان قال النحرير : إنه استفيد الحصر من العدول عن جعله متعلقا بلعن إلى الجملة الاسنئنافية المقولة في جواب بأيّ سبب كان ذلك اللعن فوجب أن يكون ذلك هو السبب لا غير ليتم الجواب، وقيل الحصر من السببية لأنّ المراد منها السبب التام، وهو يفيد ذلك، وقد تقدم له ما يدل على ذلك في قوله فبما نقضهم ميثاقهم، وقوله : واعتدائهم ما حرم عليهم أي تجاوزهم إليه. قوله :( أي لا ينهي بعضهم بعضاً الخ ا لما
كان فعلوه يقتضي أنّ النهي عما وقع والنهي لا يتصوّر فيه، وإنما يكون عن الشيء قبل وقوعه أوّلوه بأنّ المراد النهي عن العود إليه، وهذا إما بتقدير مضاف قبل منكر أي معاودة منكر يفهم من السياق أو بأن المراد مثله أو فعلوه بمعنى أرادوا فعله كما في ﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعد ﴾ [ سورة النحل، الآية : ٩٨ ] أو التناهي بمعنى الامتناع، والكف لأنّ أصل معناه بلوغ النهاية وبها الفراغ، وقيل إنما يتوجه هذا السؤال لو كان في الكلام دلالة على وقوع الفعل حال اعتبار تعلق الفعل به إذ لا خفاء في صحة قولنا كانوا لا ينهون يوم الخميس عن منكر فعلوه يوم الجمعة، وكذا الكلام فيما إذا أريد لا ينتهون، ولا يمتنعون فإن الانتهاء عما فعل لا يتصوّر فهو لا يصلح جواباً، وقيل الانتهاء عن الشيء عبارة عن أن لا يفعل مرة أخرى ولك أن تقدّر فعلوا مثله، ولو جعل المعنى في فعلوه بالنسبة إلى زمان الخطاب لم يحتج إلى تأويل ولسان داود وعيسى ﷺ بمعنى لسانيهما كما مرّ، وأفرد لعدم اللبس إن أريد باللسان الجارحة وقيل المراد به الكلام، وما نزل عليهما. قوله :) تعجيب من سوء فعلهم الخ ) يعني أنّ اللام هنا جواب فسم مقدر، وجعل التأكيد للتعجيب، وهو ظاهر لأنه يقتضي أنه تعجيب عظيم، ولا بأس به، وقيل الأولى أن يجعل التأكيد للفعل المتعجب منه. قوله :( لبئس شيئاً قدّموا الخ ) قدموا إشارة إلى أنّ أنفسهم عبارة عن ذواتهم، وأعينهم، وتقديمهم له فعله في الدنيا قبل جزائه، وما نكرة تمييز، والمخصوص بالذم المصدر المؤوّل. قوله :( هو المخصوص بالذم والمعنى موجب سخط اللّه الخ ا لهم في إعرابها وجوه فقيل إن سخط اللّه مرفوع على البدل من المخصوص بالذم، وهو محذوف جملة قدّمت صفته، والتقدير بئس الشيء شيء قدّمته لهم أنفسهم، وهو سخط الله، ونقلوا هذا عن سيبويه رحمه الله، وقيل إن سخط هو المخصوص بالذم، واعرابه مذكور في النحو، وهو الذي اختاره المصنف رحمه الله تبعا للزمخشريّ، وقدر قبله مضافأ أي موجب سخطه لأنّ نفس سخط الباري باعتبار إضافته إليه ليس مذموما بل ما أوجبه من الأسباب، وهي ملاحظة حسنة، وهذا إنما يصح على جعل ما موصولة أو تمييزاً، وقيل هو في محل رفع بدل من ما إن قلنا إنها معرفة أو في محل نصب منها إن كانت تمييزاً ورد بأنه معرفة فكيف يبدل من التمييز أو من ضمير قدمته المحذوف وقيل إنه على تقدير الجار أي لأنّ سخط الله فالمخصوص محذوف، واليه أشار المصنف بقوله أو علة الذم الخ. قوله :( والخلود في العذاب ) قيل عليه
إن تأويل الجملة بالمصدر يقتضي أنها مندرجة تحت حرف المصدر، وهو لا يوصل بالاسمية، ولا سبيل إليه، وكذا قوله لأن كسبهم السخط، والخلود إلا أن تجعل أن مخففة من الثقيلة، وبعدها ضمير شأن مقدّر أو معطوفة على ثاني مفعولي ترى وهي علمية فإنه جوّز فيها أن تكون علمية وبصرية بالنسبة إليهم، والى أسلافهم، ولا يخفى بعده، وأنه تعسف لا حاجة