ج٣ص٢٨٥
ما دمتم قيد الصيد وعلى حرمة مصيده مطلقاً في أوقات كونه محرماً إن كان قيداً للتحريم، وأما قول الزمخشريّ لا دلالة له على تحريم صيدي الحلال لأنّ المفهوم المتبادر من حرم عليكم الصيد صيدكم فدفع بأنّ دلالة الآية عليه مدفوعة بأن السنة بينت المراد منه فلا عمل بدلالته، وفيه نظر لأنّ تحريم صيد البر للحلال معلوم أنه ليس عليه شيء فيه، وهذه قرينة ظاهرة على أنّ المراد ذلك فتدبر، وما دمتم قرئ بضم الدال من دام يدوم، وما
مصدرية ظرفية وقرى دمتم بكسرها كخفتم من دام يدام لغة فيها، وحرم بضمتين جمع حرام بمعنى محرم، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما حرم بفتحتين أي ذوي حرم بمعنى إحرام أو مبالغة فالحرم اسم المكان، والإحرام أيضاً. قوله :( سمي البيت كعبة لتكعبه ) التكعب التربيع، ومنه تكعب الحسان، وقد يقال للارتفاع، ولهذا سميت الكعبة كعبة لكونها مربعة أو مرتفعة، ومنه كعب الرجل. قوله :( عطف بيان على جهة الماخ أو المفعول الثاني ) أي أو هو المفعول الثاني لأنّ جعل بمعنى صيرينصب مفعولين لا بمعنى خلق أو حكم، وبين كما قيل لأنه خلاف الظاهر دمانما قال على جهة المدح لأنّ البيت الحرام عرف بالتعظيم عندهم فصار في معنى المعظم أو لأنه وصف بالحرام المشعر بحرمته وعظمته فذكر البيت كالتوطئة له، وهذا مع ظهوره خفي على من قال شرط عطف البيان الجمود، والجامد لا يشعر بمدح إنما يشعر به المشتق، وهو جمود منه. قوله :( انتعاشاً لهم الخ ) أصل معنى الانتعاش الارتفاع والتحرك، ويقال نعشه إذا رفعه من عثار أو جبره في زلة، وأفتقار فمعنى سبب انتعاشهم أنه سبب إصلاح أمورهم، وجبرها ديناً ودنيا كما بينه المصنف رحمه الله تعالى لأنه كان مأمنا لهم، وملجأ ومجمعاً لتجارتهم، والعمار جمع عامر، وهو من يأتي بالعمرة ومنه تعلم أنّ التجارة في الحج ليست مكروهة. قوله :( وقرأ ابن عامر قيماً على انه مصدر الخ ( يعني أنه مصدر كشبع، وكان القياس أن لا تقلب واوه ياء كعوض وعوج لكنها لما قلبت في فعله ألفا تبعه المصدر في إعلال عينه. قوله :( ونصبه على المصدر أو الحال ) أي يقوم قيماً أو قائماً، وذلك على تقدير كون البيت الحرام مفعولاً ثانيا، ويحتمل البدلية. قوله :( الشهر الذي يؤدي فيه الحج الخ ) فالتعريف للعهد بدليل قرنائه جمع قرين وهو ما قرن به من الهدي والقلائد وعلى الثاني المراد به الجنس الشامل لكل واحد منها لانتفاء دليل العهدية. قوله :) ذلك إشارة إلى الجعل أو إلى ما ذكر الخ ) في إعراب ذلك وجوه.
أحدها : أنه خبر مبتدأ محذوف أي الحكم الذي قررناه ذلك أو مبتدأ خبره محذوف أي
ذلك الحكم هو الحق أو مفعول فعل مقدر أي شرع ذلك لتعلموا الخ فاللام متعلقة به، وهو أقربها وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى إشارة إليه، والإشارة إلى الجعل المذكور أو إلى جميع ما ذكر. قوله :( فإنه شرع الأحكام لدفع المضار قبل وقوعها الخ ) بيان لكيفية تعليل
قوله :( لتعلموا الخ ا لقوله ذلك وأتى بالعام ليندرج تحته هذا العلم الخاص، ويمكن أن يكون المعنى إنما جعلنا الكعبة انتعاشا لهم في أمر دينهم ودنياهم أو ذكرنا حفظ حرمة الإحرام بمنع الصيد ليعلموا أنا نعلم مصالح دنياهم، ودينهم فيستدلوا بهذا العلم الخاص على أنه لا يعزب عن علمه تعالى مثقال ذرة في السموات والأرض، ويعلموا أنه تعالى عالم بما وراء ذلك كله. كذا في شرح الطيبي رحمه اللّه تعالى فما قيل لم نر ما يبين أنّ العلم بما ذكر دليل على أنه تعالى يعلم كل شيء وكلام المصنف رحمه الله تعالى لا يفي بالمقصود والذي سنح لي أنه تعالى لما كان مجردا بالذات، وبالفعل عن المادة، وعن التعلق بها كان النسبة إلى جميع الجزئيات بالنسبة إليه على السوية فإذا علم أنه تحقق عنده بعض الجزئيات كأحوال الكعبة علم أنه عالم بكلها إذ هي مستوية بالنسبة إليه تعالى، وكونه عالما ببعض دون آخر ترجيح بلا مرجح قصور وتكلف. قوله :( تعميم بعض تخصيص الخ ) لأنّ الأوّل خاص بالموجودات غيره تعالى وهذا شامل له وللمعدومات، وقدم الخاص لأنه كالدليل على ما بعده، ووجه المبالغة من تعميم كل وصيغة عليم، وقوله : لمن هتك محارمه، وفي نسخة انتهك محارمه، وهتك المحارم رفع سترها، واتيانها، وانتهاك المحارم قريب منه، ولمن أقلع وفي نسخة انقلع بمعنى رجع، وقوله : تشديد في إيجاب القيام بما أمر أمر مبني