ج٣ص٢٨٩
ومعنى البحيرة ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من البحر، وهو
الشق لثق أذنها فهي نعيلة بمعنى مفعولة والتاء للنقل إلى الاسمية أو لحذف الموصوف، وما ذكر. المصنف رحمه اللّه تعالى هو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما إلا أنه ليس فيه قيد أن آخرها ذكر، وعن قتادة رضي اللّه عنه أنها إذا أنتجت خمسة أبطن نظر في الخامس فإن كان ذكراً ذبحوه وأكلوه، وان كان أنثى شقوا أذنها وتركوها ترعى ولا يستعملها أحد في حلب وركوب وغيره، وقيل البحيرة الأنثى التي تكون خامس بطن، وكانوا لا يحلون لحمها ولبنها للنساء فإن ماتت حلت لهن، وقيل البحيرة بنت السائبة وستأتي وكانت تهمل أيضاً وهذا قول مجاهد وجبير، وقيل : هي التي منع لبنها للطواغيت فلا تحلب وهو قول سعيد بن المسيب، وقيل : هي التي تترك في المرعى بلا راع وقيل التي ولدت خمس إناث فشقوا أذنها وتركوها هملاً، وقيل : هي التي ولدت خمساً أو سبعا وقيل عشرة أبطن فتترك هملا، وإذا ماتت حل لحمها للرجال دون النساء قاله الراغب وغيره وقيل هو السقب الذي إذا ولد شقوا أذنه وقالوا اللهم إن عاش فعبى وان مات فذكى فإذا مات أكلوه وجمع بين الأقوال بأن العرب كانت تختلف أفعالهم فيها. قوله :( وكان الرجل منهم يقول إذا شفيت الخ ) هذا تفسير السائبة، وهي فاعلة من سيبته فهو سائب وهي سائبة أو بمعنى مفعول كعيشة راضية أي ذات رضا وكانوا إذا قدموا من سفر أو أصابتهم نعمة نذروا ذلك، وقيل : هي الناقة تنتج عشرة أبطن إناث فتهمل ولا يشرب لبنها إلا لضيف أو ولد وقيل ما ترك لآلهتهم، وقيل : ما ترك ليحج عليه وقيل هي العبد يعتق على أن لا يكون عليه ولاء ولا عقل ولا ميراث. قوله :( وإذا ولدت الشاة الخ ( هذه هي الوصيلة وهي فعيلة بمعنى فاعلة لما سيأتي، واختلف فيها هل هي من جنس الغنم أو الإبل فقال الفرّاء : هي الثاة تنتج سبعة أبطن عناقين عناقين فإذا ولدت في آخرها عناقاً وجديا قيل : وصلت أخاها فجرت مجرى السابة، وقال الزجاج : هي الشاة إذا ولدت ذكراً كان لآلهتهم وان ولدت أنثى كانت لهم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنها الشاة تنتج سبعة أبطن فإن كان السابع أنثى لم ينتفع النساء منها بشيء إلا أن تموت فتأكلها الرجال والنساء، وكذا إن كانت ذكراً وان كان ذكرا وأنثى قالوا : وصلت أخاها فتترك معه ولا ينتفع بها إلا الرجال دون النساء فإن ماتت اشتركوا فيها، وقال ابن قتيبة رحمه اللّه : إن كان السابع ذكرأ ذبح وأكلوا منه دون النساء، وقالوا :﴿ خالصة لذكورنا محرمة على أزواجنا ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ١٣٩ ] وان كان أنثى تركت في الغنم وان كان ذكرا وأنثى فكقول ابن عباس رضي الله عنهما وقيل هي الشاة تنتج عشر أناث متواليات في خمسة أبطن فما ولدت بعده للذكور دون الإناث فإذا ولدت ذكرأ وأنثى معا قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوه لمكانها، وقيل : هي الشاة تنتج خمسة أبطن أو ثلاثة
فإن كان جديا ذبحوه وان كان أنثى أبقوها وان كان ذكراً وأنثى قالوا وصلت أخاها هذا عند من خصها بالغنم، ومن قال : إنها من الإبل قال : هي الناقة تبكر فتلد أنثى، ثم تثنى بولادة أنثى أخرى ليس بينهما ذكر فيتركونها لآلهتهم، ويقولون : قد وصلت أنثى بأنثى ليس بينهما ذكر. قوله :( وإذا نتجت الخ ) هذا معنى الحامي، واختل فيه أيضاً فقيل هو الفحل يولد لولده فيقولون قد حمى ظهره فيهمل ولا يطرد عن ماء ومرعى وقيل : هو الفحل يولد من ظهره عشرة أبطن فيقولون حمى ظهر، ويهملونه كذلك وعن الشافعيّ رضي الله عنه أنه الفحل يضرب في مال صاحبه عشر سنين وقيل هو الفحل ينتج له سبع أناث متواليات فيحمي ظهره، وقد عرفت أنّ منشأ الاختلاف مذاهب العرب فيها. قوله :( ومعنى ما جعل ما شرع ووضع الخ ) كونه بمعنى ما شرع ذكره الزمخشري، والراغب وابن عطية لأنها هنا ليست بمعنى خلق ولا صير، وقيل : إنّ أحداً من أهل اللغة لم يذكر من معانيها شرع، وجعلها هنا للتصير والمفعول الثاني محذوف أي جعل البحرة مشروعه، وليس كما قال فإن الراغب رحمه الله : نقله عن أهل اللغة كما علمت وهو ثقة. قوله :( وفيه أنّ منهم من يعرف الخ ا لأنه قال أكثرهم، وهو ظاهر وقوله أو الآمر بالمد أي لا يعرفون إنّ الله هو الآمر المحلل والمحرّم، ولكنهم يقلدون ويصح قصره فتأمل. قوله :( الواو للحال والهمزة الخ ) قال أبو البقاء : وجواب لو محذوف أي أولوا كانوا لا يعلمون يتبعونهم وذهب