ج٣ص٢٩١
الوصية إما بدل من إذا أو نفس الموت أي وقوع الموت أي أسبابه حين الوصية أو منصوب بحضر أو شهادة مبتدأ خبره إذا حضر أي وقوع الشهادة في وقت حضور الموت حين الوصية على الوجوه السابقة ولا يجوز فيه أن يكون ظرفا للشهادة لئلا يخبر عن الموصول قبل تمام صلته كما مر أو خبره حين الوصية وإذا منصوب بالشهادة، ولا يجوز نصبه بالوصية، وان كان المعنى عليه لأنّ معمول المصدر لا يتقدمه على الصحيح، وأيضا يلزم تقديم معمول المضاف إليه على المضاف، وهو لا يجوز غير غير كقوله :
على الثاني لعبدي غير مكفور
لأنها بمنزلة لا واثنان على هذين الوجهين الأخيرين إما فاعل يشهد مقدرا أو خبر الشاهدان مقدراً أو شهادة مبتدأ أو اثنان فاعله سد مسد الخبر، وهو مذهب الفراء إلا أنه جعل المصدر بمعنى الأمر أي ليشهد فجعله من نيابة المصدر عن فعل الطلب، وهو ضعيف عند غيره لأنّ الاكتفاء بالفاعل مخصوص بالوصف المعتمد، وإذا وحين عليه منصوبان على الظرفية كما مر فهذه خمسة أوجه، وأما قراءة من نصبها فذهب ابن جني إلى أنها منصوبة بفعل مضمر اثنان فاعله أي ليقم شهادة بينكم اثنان، وتبعه الزمخشريّ، وأورد عليه أنّ حذف الفعل، وابقاء فاعله لم تجزه النحاة إلا إذا تقدم ما هو من جنس لفظه كقوله :
ليبك يزيد ضارع لخصومة
أو وقع في الجواب، وهذا ليس كذلك، وما ذكره من الاشتراط غير مسلم بل هو مسلم
بل هو شرط أكثرية أو الشهادة مصدر ناب مناب فعله، وقدير ليشهد أمراً دون أشهد لرفعه الظاهر أو يقدر يشهد خبرا وبينكم في قراءة من نون شهادة منصوب على الظرفية ومن جره اتسع فيه لأنه متصرف، ولذا قرىء بقطع بينكم بالرفع، وقال الماتريدي والرازي إنّ الأصل ما بينكم، وهو كناية عن التنازع والتخاصم، وحذف ما جائز كقوله وإذا رأيت ثمّ أي ما ثم وأورد عليه أنّ ما الموصولة لا يجوز حذفها، ومنهم من جوّزه، وإنما بسطنا القول فيه لأنه من المهمات فقول المصنف رحمه الله أي فيما أمر تم إشارة إلى أنّ شهادة مبتدأ خبره هذا المقدر، وهو أحد الوجوه السابقة، وجعل المراد من الشهادة الاشهاد في الوصية لأنها اللازمة لمن حضره الموت لا الشهادة نفسها لأنها على من أشهده. وقوله :) وقرىء شهادة الخ ) أي على أنها مفعول ليقم بلام الأمر من أقامها إذا أدّاها على وجهها وبينكم منصوب على الظرفية، وأوّل حضور الموت بمشارفته لأنه لا وصية إذا حضر بالفعل، وإنما هي قبل ذلك، وإذا متعلقة بالشهادة، وهو أحد الوجوه فيها، وحين بدل منه، وقوله مما ينبغي غير قول الزمخشريّ دليل على وجوب الوصية لأنهم قالوا المراد بالوجوب الندب المؤكد طلبه الشبيه بالواجب، وفي تقدير ليقم ما مرّ من حذف الفعل، وابقاء فاعله فتذكره. قوله :( اثنان فاعل شهادة ويجوز أن يكون خبرها على حذف المضاف ) قيل عليه إنه صرح بأن الشهادة بمعنى الاشهاد الذي هو فعل الموصي المختصر فلا يصح أن يكون اثنان فاعلاً لها بل لا بد أن يكون مفعولاً منصوبأ، والزمخشريّ لم يجعل الشهادة بمعنى الاشهاد بل حملها على معناها المتبادر منها، واثنان فاعل أي فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان فلا يرد شيء ( قلت ) اضافته إلى الظرف ناطقة بأن الشهادة واقعة بينهم، وبمحضر منهم، وكذا تعلق حين الوصية بها فالمعنى شهادتهما بما أوصى به
بحضرتهما، وهي تستلزم الاشهاد، وإليه مآل المعنى كما إذا قلت شهد الزيدان بما أسمعهما عمرو من كلامه، وبهذا الاعتبار كان مأمورا لأنّ المخبر عنه في الحقيقة الوصية المشهد عليها، وهي فعله، ونظيره، وإن لم يكن مما نحن فيه ﴿ فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضا! إحداهما فتذكر احداهما الآخرى ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٨٢ ] لأنّ المعلل به التذكير، والمعنى أن تذكر احداهما الأخرى إذا ضلت كما نبه على سره في كتب التفسير والعربية فليست الشهادة بمعنى الاشهاد مجازا حتى يرد ما ذكره المعترض، وتبعه كثير منهم، ولذا قال المراد، ولم يقل ومعناها أو هي مجاز عنه ونحو ذلك، وقد أشار إلى ذلك الزمخشريّ حيث قال بعد قوله في تفسير ﴿ شهادة بينكم ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ٠٦ ا ] فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان يعني فاستشهدوا فلا فرق بين كلاميهما كما توهمه المعترض، وأما ما قيل إن الشهادة بمعنى الأشهاد الذي هو مصدر المجهول، واثنان قائم مقام فاعله، والنائب عن الفاعل يطلق عليه فاعل كثيرا عندهم فمع كون الكلام مناد على خلافه


الصفحة التالية
Icon