ج٣ص٦
الراسخين لتحقق التفصيل غاية الأمر أنه حذفت أمّا والفاء وبأن الآية من قبيل الجمع والتقسيم والتفريق فالجمع في قوله : أنزل عليك الكتاب والتقسيم في قرله :﴿ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ والتفريق في قوله :﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾ فلا بد في مقابلة ذلك من حكم يتعلق بالمحكم، وهو أن الراسخين يتبعونه، ويرجعون المتشابه إليه على ما هو مضمون قوله والراسخون في العلم الخ والجواب أنّ كون أمّا للتفصيل أكثريّ لا كليّ ولو سلم فليس ذكر المقابل في اللفظ بلازم، ثم لو سلم كون الآية من قبيل الجمع والتفريق والتقسيم فذكر المقابل على سبيل الاستئناف أو الحال أعني يقولون الخ كاف في ذلك، والحق أنه إن أريد بالمتشابه ما لا سبيل إليه للمخلوق فالحق الوقف على إلا الله وإن أريد ما لا يتضح بحيث يتناول المجمل، والمؤوّل فالحق العطف، ويجوز الوقف أيضا لأنه لا يعلم جميعه أو لا يعلمه بالكنه إلا الله وأما إذا فسر بما دلّ القاطع أي النص النقلي أو الدليل الجازم العقلي على أن ظاهره غير مراد ولم يقم دليل على ما هو المراد ففيه مذهبان فمنهم من يجوّز الخوض! فيه وتأويله بما يرجع إلى الجادّة في مثله فيجوز عنده الوقف وعدمه
، منهم من يمنع الخوض فيه على ما عرفت في الصفات السمعط فيمتنع تأويله ويجب الوقف
عنده ففي قول المصنف رحمه الله أو بما دلّ القاطع تأمّل. قوله :( اسمئناف موضح الخ ) والنحاة يقدرون له مبتدأ دائماً أي هم يقولون وقد قيل : إنه لا حاجة إليه ولم يعرف وجه التزامهم لذلك فلينظر، وقوله : موضح لحال الراسخين إشارة إلى وجه ترك العطف فيه، وهذا القول، وإن لم يخص الراسخين لكن فيه تعريض بأن مقتضى الإيمان به أن لا يسلك فيه طريقاً لا يليق من تأويله على ما مرّ فكأنّ غيرهم ليس بمؤمن، وليس فيه أنه يقتضي أنّ الراسخين يعلمون جميع المتشابه مع أنّ منه ما استاثر الله بعلمه أي انفرد واستبذ به مع أن الواصلين لا يفسرون المتشابه بما يشمله بل بما يقابله فتأمل، وقوله : إن جعلته مبتدأ أي الراسخون، وقوله : كل من المتشابه هذا ظاهر إن رجع ضمير به إلى المتشابه وإن رجع إلى الكتاب فله وجه أيضاً لأنّ مآله كل من أجزاء الكتاب، وهي لا تخلو عنهما. قوله :( مدح للراسخين الخ ) فهو معطوف على جملة يقولون لا من جملة المقول فهو حي!سذ من وضعالمظهر موضمع المضمر أي الأهم ودلالته على ما ذكر لحصر التذكر والتدبر فيهم وتجرّد عقولهم عما يغشاها من الحس المكدر لها من التعبير باللب إذ هو الخالص، وخلوصه عما ذكر كما مرّ تفسيره به. قوله :( واتصال الآية الخ ( جعل العلم تصويراً وتربية للروح على ضرب من التمثيل لأنّ به كمالها وشقاوتها وسعادته فتبقى به في النعيم وتفارقه بعدمه كما أنّ الجسد يبقى بالروح ويفنى بمفارقتها، ولا يخفى أنّ كون كل منهما تصويرا وتكميلاً في الجملة يناسب ذكره معه، ولما بين التصوير الحقيقيّ الجسماني والذي ليس هو كذلك من الروحاني من التفاوت والتباين ترك العطف وقوله :( أو أنه جواب الخ ) أي هذه الآية رد عليهم في فهمهم، من روج الله وكلمته ما فهموه، وما قبلها أيضا ردّ عليهم في إنه ابن الله لأنه لا أب له بأن من يقدر على هذا يقدر على التصوير من غير نطفة ولأنّ المصوّر لا يكون أب المصوّر كما مرّ، وقيل : المناسبة إنّ في المتشابه خفاء كما انّ تصوير ما في الأرحام كذلك. قوله :( من مقال الراسخين الخ ) وقيل : إنه تعليم للعباد أي قولوا إذا مرّ بكم متشابه ﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا ﴾ عن الإيمان بأنه حق أو عن تأويله بما ترتضيه بعد إذ هديتنا بإنزاله علينا وما ذكره المصنف رحمه الله أقرب، وما ذكره هذا القائل مآله إلى الوجه
الثاني عند التأملى، والحديث المذكور أخرجه الترمذفي والشيخان وأصبعي الرحمن تأويل لأنّ هدايته وضلاله موقوف على إرادته فأيهما أراد وقع سريعا شبه تصرّفه ذلك بأمر خفيف يهون تقليبه بالأصابع وفي التعبير بالرحمن إشارة إلى أنّ لطفه به أكثر. قوله :) وقيل لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا ) قائله الزمخشري بناء على مذهب المعتزلة، ولذا ردّه المصنف وعبارته لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا، أو لا تمنعنا ألطفاك بعد إذ لطفت بنا، وقرئ لا تزغ قلوبنا بالتاء والياء ورفع القلوب قال العلامة ظاهر النظم لا تضلنا لأنّ زيغ القلوب في مقابلة الهداية ومقبال الهداية الإضلال فيلزم أن يكون الإضلال من الله كما أنّ الهداية منه لكنه ليس موافقاً لمذهبه يعني في أفعال العباد فلا جرم أوّله بأحد