ج٤ص١٥٠
على الاعتبار بحال السابقين ليستمروا في الاتباع، وقوله عن قبول الرسالة الخ أي لقوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [ سورة القصص، الآية : ٦٥ ] وأيضا سؤال المرسل والمرسل إليه قرينة على ذلك. قوله :( والمراد من هذا السؤال توبيخ الكفرة الخ ) ولما ذكر السؤال هنا ونفي في آية أخرى جمع بينهما بأنّ المثبت سؤال التوبيخ والمنفي سؤال الاستعلام أو أن هذا في موقف وذاك في آخر، وقال الإمام رحمه الله : إنهم لا يسألون عن الأعمال أي ما فعلتم، ولكن يسألون عن الدواعي التي دعتهم إلى الأعمال والصوارف التي صرفتهم عنها أي لم كان كذا، قيل ولا حاجة إلى التوفيق فإن المنفي هو السؤال عن الذنب لا مطلق السؤال، وردّ بأنّ عدم قبول دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام ذنب، وأفي ذنب فسؤالهم عنه ينافيه فالحاجة باقية، وفيه نظر. قوله :( على الرسل حين يقولون الخ ) أي في جواب قولهم ماذا أجبتم كما مرّ في سورة المائدة تفصيله، ثم لما وكلوا الأمر علمه قص عليهم ما أحبوا أو جميع أحوالهم، وقوله عالمين بظواهرهم، وبواطنهم مستفاد من ترك المفعول، والباء للملابسة والجارّ والمجرور حال من فاعل نقص وقوله أو بمعلومنا فالباء متعلقة بنقص وما كنا غائبين حال أو استئناف لتأكيد ما قبله، وهو عبارة عن الإحاطة التاقة بأحوالهم وأفعالهم. قوله :( والورّن أي القضاء الخ ا لما كانت الأعمال أعراضاً لا يوزن وقد ورد ذكر وزنها في القرآن والأحاديث اختلفوأ فيه فمنهم من أوّل الوزن بأنه بمعنى القضاء،
والحكم العدل أو مقابلتها بجزائها من قولهم وازنة إذا عاد له، وهو إما كناية أو استعارة بتشبيه ذلك بالوزن المتصف بالخفة، والثقل بمعنى الكثرة والقلة والمشهور من مذهب أهل السنة أنه حقيقة بمعناه المعروف، ثم قيل توزن صحف الأعمال، وقيل أصحابنا فيخف بعضهم ويثقل آخر باعتبار عمله، وقيل إنّ الأعمال تجسم وتوزن. قوله :( إظهارا للمعدلة وقطعاً للمعذرة ) بيان لحكمة الوزن وجواب عما يقال إنه لا حاجة إليه والأوّل بالنظر إلى الخلائق المطلعين على ذلك، والثاني بالنسبة إلى صاحب العمل فقط، وهذه حكم لا يلزم الاطلاع على حقيقتها حتى يقال إن انكشفت الأحوال يومئذ فلا حاجة للوزن، ويكفي قول الله أو الملائكة هذا غلبت حسناته، ونحوه والا فلا فائدة فيه مع أنّ الفائدة أن يسرّ المؤمن المتقي، ويغتم خلافه كما في السؤال وشهادة الجوارح. قوله :( أنّ الرجل يؤتى به الخ ) ( ١ ) هذا الحديث أخرجه الترمذيّ وابن ماجه وابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بنحوه، والسجل الكتاب، وقيل إنه معرّب وأصل معناه الكاتب، وسجل عليه بكذا شهره، ورسمه قاله الزمخشريّ : في شرح مقاماته، ومذ البصر وقع في هذا الحديث، وفي صحيح مسلم ٩ نظرت إلى مد بصري " ( ٢ (، قال النووي : في شرحه كذا هو في جميع النسخ وهو صحيح ومعناه منتهى بصري وأنكره بعض أهل اللغة، وقال الصواب مدى بصري وليس بمنكر بل هما لغتان والمدى أشهر اهـ وقوله :( بطاقة ) بكسر الباء رقعة صغيرة وتطلق على حمام تعلق في جناحه وليست مولدة كما قيل فإنها وردت في هذا الحديث، وغيره وفي فقه اللغة أنها معرّبة من الرومية وفي المحكم البطاقة الرقعة الصغيرة تكون في الثوب وفيها رقم ثمنه حكاه شمر وقال لأنها بطاقة من الثوب قيل، وهو خطأ لأنه يقتضي أنّ الباء حرف جرّ والصحيح ما تقدم كما حكاه الهروي. قوله :( قيها كلمتا الشهادة الخ ) قال القرطبي في تذكرته في هذا الحديث :" فيخرج له بطاقة فيها
أشهد أن لا إله إلا الله " وليست هذه شهادة التوحيد لأنّ الميزان يوضع في كفته شيء وفي الأخرى ضده فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في أخرى ومن المستحيل أن يؤتى لعبد واحد بكفر وايمان معا فلذا استحال أن توضع شهادة التوحيد في الميزان أما بعد إيمانه فيكون تلفظه بشهادة أن لا إله إلا الله حسنة توضحع في ميزانه كسائر حسناته قاله الترمذفي : ويدلّ عليه قوله : أن لك عندي حسنة دون أن يقول إيمانا، وقد سئل النبيّ ىلمجحر عن لا إله إلا الله أهي من الحسنات فقال :" من أعظم الحسنات " ) ١ ( ويجوز أن يكون المراد هذه الكلمة إذا كانت آخر كلامه في الدنيا، اهـ ويؤيده حديث البخارفي ٩ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان وهما كلمتا الشهادة " ( ٢ ( ولك أن تقول المراد بها كلمة التوحيد فتأمّل، والكفة بفتح فتشديد كل مستدير وبه سميت كفة