ج٤ص١٥١
الميزان المعروفة، وقوله :( لما روي الخ ) ) ٣ ( أخرجه البخارفي ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. قوله :( يومئذ خبر الميتدأ الخ ) أي الوزن مبتدأ والظرف خبره أي الوزن كائن يوم إذ تسئل الرسل والمرسل إليهم فحذف الجملة وعوّض عنها التنوين، وهذا مذهب الجمهور، والحق نعت للوزن قيل ولم يلتفت إلى كونه خبراً ويومئذ متعلق بالوزن لأنّ المعنى يكون حينئذ الوزن في ذلك اليوم هو الحق لا غيره أو لا الباطل، والأوّل غير صحيح، والثاني غير مراد بل المعنى الإخبار بأنّ الوزن الحق وتمييز الأعمال يقع في ذلك اليوم لا في أيام الدنيا ألا ترى قوله :﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [ سورة الأنبياء، الآية : ٤٧ ] والفصل بين الصفة والموصوف بالخبر كثير لا سيما إذا كان ظرفاً، وأما كونه بدلاً من الضمير المستتر في الظرف كما ذكره مكيّ، وتبعه صاحب اللباب فقالوا إنه غريب بعيد ( قلت ) ما جعله مانعا موجود في جعله خبر مبتدأ محذوف لأنه ضمير الوزن، ومعناه الوزن الحق لا غيره أو لا الباطل فكيف يعد مانعا إلا أن يلتزم ذلك ويقال إنّ هذا الوجه غير مقبول لكنه ذكره بيانا لوجوه الإعراب التي ذكرها المفسرون فتأمّل، والسوقي عطف تفسيريّ للعدل. قوله :) حسناته أو ما يوزن به الخ ا لما كان الظاهر أنّ الميزان مطلقا واحداً وميزان كل شخص واحد وان جاز أن يكون لكل عمل ميزان وقد جمع في النظم فأمّا أن يراد الحسنات الموزونات على أنها جمع موزون واضافته للعهد لترتب الفلاح عليه فجمعه ظاهر وإما أن يراد الميزان وجمعها باعتبار
تعدّد أوزانها وموزوناتها وفي الكلام مضاف مقدّر أي كفة موازينه، وقوله وجمعه بصيغة المصدر أو الماضي أي جعله جمعا، وقوله فهو جمع موزون الخ لف ونشر مرتب للتفسيرين وهذا الوزن للمسلمين عند الأكثر، وأما الكفار فتحبط أعمالهم على أحد الوجهين في تفسير توله تعالى :﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [ سورة الكهف، الآية : ١٠٥ ] وقيل إنها توزن أيضا وان لم تكن راجحة ليخفف بها لهم العذاب عنهم، وهو ظاهر النظم وكلام المصنف رحمه الله هنا لذكر الفطرة وهي الإسلام والتصديق والتكذيب المتبادر منه الإيمان والكفر وان أمكن التعميم لما يشمله الإسلام من الأعمال الصالحة وجعل عدم العمل تكذيباً فتأمّله، وبقي من تساوت حسناته وسيئاته مسكوتا عنه، وهم أهل الأعراف على قول وقد يدرج في القسم الأوّل لقوله :﴿ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٥٢ ا ] وعسى من الله تحقيق ما صرّحوا به.
وأعلم أنّ الحافظ له تأليف مستقل في الميزان قال فيه إنهم اختلفوا في تعدد الميزان، وعدمه والصحيح الثاني والوزن بعد الحساب، وأعمال الكفرة يخفف بها عذابهم كما ورد في حق أبي طالب وهو الصحيح كما قاله القرطبي، وقال السخاوي : المعتمد أنه مخصوص بأبي طالب والمعتمد ما قاله القرطبيّ، فلا وجه للتردد فيه. قوله :) بتضييع الفطرة السليمة الخ ) قيل المراد بها فطرة الإسلام لقوله في الحديث :" ما من مولود يولد على الفطرة الخ " ) ١ ( ويحتمل أن المراد الخير الذي هو أصل الجبلة فما بعده تفسير له فتأمل. قوله :( فيكذبون بدل التصديق ) ما مصدرية والباء جوّز فيها التعلق بخسروا وبيظلمون، وقدم عليه للفاصلة وعدى الظلم بالباء لتضمنه معنى التكذيب نحو كذبوا بآياتنا أو الجحد نحو جحدوا بها، وكلام المصنف يحتملهما فالفاء إما تفسيرية أو تعقيبية فمن قال إنه غفل عن معنى التضمين لم يصب وكذا من عين إرادته. قوله :( مكناكم من سكناها الخ ( مكنا إن كان على ظاهره وحقيقته فمعناه جعلنا لكم فيها مكانا، وسكنى وقراراً واليه أشار المصنف رحمه الله بقوله من سكناها، ويجوز أن يكنى به عن أقدرناكم على التصرف فيها بالملك أو الزراعة، وأسباب التعيش ولما كانت الكناية لا تنافي إرادة الحقيقة أدرج المصنف رحمه الله الثاني في الأوّل وصاحب الكشاف جعلهما وجهين متغايرين، ولما كانت الحقيقة أولى وأنسب بهذا المقام، وما عطف عليه قدمها فتدبر. قوله :
( أسباباً تعيشون بها الخ ) معايش جمع معيشة ووزنها مفعلة، وهي اسم لما يعاش به أي يحيي فهي في الأصل مصدر عاس يعيش عيشاً وعيشة ومعاشاً ومعيشا ومعيشة، والجمهور على التصريح بالياء فيها، وروي عن نافع " معائش " بالهمزة فقال النحويون : إنه غلط لأنه لا يهمز عندهم بعد ألف الجمع إلا الياء الزائدة، كصحيفة وصحائف وأما معايش فياؤه أصلية هي عين الكلمة لأنها من العيش حتى قال أبو عثمان : إنّ نافعاً رحمه الله لم يكن يدري العربية