ج٤ص١٥٨
قبول النصح نصحاً لمقابلته له كما قيل في وواعدنا موسى أو أنه تجوز المفاعلة، وان لم يتحد المتعلق لكن كونه
حقيقة بعيد. قوله :( وقيل أقسماً الخ ) قيل فيكون فيه لف لأنّ آدم وحواء لا يقسمان بلفظ التكلم بل بلفظ الخطاب، وقيل إنه إلى التغليب أقرب، وقيل إنه لا حاجة إليه بأن يكون المعنى حلفا عليه بأن يقول لهما إني لكما لمن الناصحين. قوله :( فنزلهما الخ ) أي أنزلهما عن رتبة الطاعة إلى رتبه المعصية بسبب تغريرهما بقسمه من دلي الدلو في البئر، وعن الأزهريّ أنّ معناه أطمعهما وأصله من تدلية العطشان شيئا من البئر فلا يجد فيها ما يشفي غليله وقيل من الدلّ وهو الجراءة أي فجرّأهما كما قال :
أظن الحلم دلّ عليّ قومي وقد!جيل الرجل الحليم
فأبدل أحد حرفي التضعيف ياء. قوله :) بما غرّهما به من القسم الخ ( يعني الباء للمصاحبة أو الملابسة وهو حال من الفاعل أو المفعول ولا حاجة إلى جعل الغرور مجازا عن القسم لأنه سبب له كما قيل. قوله :( فلما وجدا طعمهما آخذين في ا!ل الخ ا لما كان الذوق وجود الطعم بالفم وقد يعبر به عن ا!ل اليسير فسره بهذا لأنه وقع في آية أخرى مصرحاً بالأكل فيها، والتهافت التساقط ويخص بما يكره، والسنبلة من الحنطة معروفة، وقوله :( ظفرا ) أي شيئا كالظفر ساتراً لبدنهما. قوله :) أخذا يرقعان الخ ( إشارة إلى أنّ طفق من أفعال الشروع الدالة على الأخذ في الفعل، ولذا لا تدخل أن على خبرها وهي بكسر الفاء في الأفصح وقد تفتح واً صل معنى الخصف الخرز في طاقات النعال، ونحوها بإلصاق بعضها ببعض فالمراد يلصقان بها، ولهذه القصة عنى العباس رضي الله عنه الجنة في قوله يمدح النبيّ يرو :
من قبلهاطبت في الظلال وفي مستوح حيث يخصف الورق
والمعنى يخصفان على سوآتهما، أو على بدنهما لما تقرّر في العربية أنه لا يتعدى فعل الظاهر أو المضمر إلى ضميره بواسطة أو بدونها فأما أن يكون في الكلام مضاف مقدر أو يكون ضمير عليهما عائدا على السوأتين كما قاله أبو حيان. قوله :( وقرئ يخصفان من أخصف أي
يخصفان أنفسهما ) قال الجاربردي لما نقل خصف إلى أخصف للتعدية ضمن الفعل معنى التصيير فصار الفاعل في المعنى مفعولاً لتصيير فاعلاً لأصل الفعل فيكون التقدير يخصفان أنفسهما عليهما من ورق الجنة فحذف مفعول التصيير ومن للتبعيض اهـ وقد جوز فيه أن يكون خصف وأخصف بمعنى، ويخصفان من خصف المشدد بفتح الخاء على الأصل، وقد ضمت اتباعا للياء وهي قراءة عسرة النطق، ويخصفان بفتح الياء وكسر الخاء وتشديد الصاد من الافتعال وأصله يختصفان سكنت التاء وأدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين ونظيره يهدي، ويخصمون وفتح الخاء يعقوب رحمه الله. قوله :( عتاب على مخالفة النهي ) هو من قوله ألم أنهكما وتوبيخ على الاغترار بقول العدوّ من توله وأقل لكما إنّ الشيطان الخ وقوله :( وفيه دليل على أنّ مطلق النهي للتحريم ) أي النهي إذا ورد مطلقا من غير تقييد بتحريم صريحا أو تلويحا يدل على ذلك كقوله أنهكما هنا إذ لم يقل نهي تحريم، والدليل على إرادة التحريم منه اللوم الشديد عليه وندمهما واستغفارهما من ذلك فلذلك استدل به على عدم عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والصحيح خلافه، وقد أجاب المصنف رحمه الله عنه في البقرة بأنه للتنزبه وأنّ ندمهما واستغفارهما لترك الأولى فكيف ذكر هنا أنه دليل على التحريم مع احتمال التنزيه، والجواب عنه أنه لم يقل النهي للتحريم بل مطلق النهي وهو ما لم يكن معه قرينة حالية أو مقالية تدل على خلافه، ولذا قيل إنّ قوله وأقل لكما إنّ الشيطان لكما عدوّ مبين مقارن للنهي فليس مطلقا. قوله :( وإن لم تففر لنا الآية ) هذا شرط حذف جوابه لدلالة جواب القسم المقدر عليه فإن قبل حرف الشرط لام توطئة مقدرة كما في قوله تعالى :﴿ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ٧٣ ] ويدل على ذلك ورود لام التوطئة قبل أداة الشرط في كلامهم كذا قاله المعرب ومنه يعلم أنّ قول المصنفين في تراكيبهم والا لكان كذا كلام صحيح لأنّ لام التوطئة يطرد حذفها فلا عبرة بما قيل إنه خطأ فتأمل. قوله :( دليل على أن الصغائر الخ ) قيل عليه إنه يحتمل أن يكون قول آدم ﷺ مبنياً على ظن أنّ ما فعله كبيرة كما يوهمه ظاهر المؤاخذة فلا دلالة فيه على ما ذكر.
( قلت ) الفرق بيته وبين ما ذكره


الصفحة التالية
Icon